“الكيميائي” السوري.. صورة طبق الأصل
علي اليوسف
كثرت جلسات مجلس الأمن الدولي حول الملف الكيميائي في سورية حتى باتت ممجوجة، بل ومسيسة بطريقة لا تمت للحقيقة بصلة، ولعل هذه الطريقة في التعاطي مع الملف السوري ليس لها أي تفسير سوى أن المشغل الأمريكي وحلفاءه الغربيين فقدوا أوراق اللعب على الأرض، ولم يبق أمامهم سوى أروقة المنظمات الدولية المشكوك في مصداقيتها ونزاهتها.
في الجلسة الأخيرة التي عقدت قبل أيام، قدمت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تقريراً مكرراً بنفس الكليشيهات والاتهامات المسيسة ضد سورية، لدرجة أنه كان مشابهاً ومكرراً للمعلومات الواردة في تقارير سابقة، وكأنه صورة طبق الأصل عن سابقيه، وهو ما يدلل على أن هناك انحيازاً من المنظمة التي لا تريد تصويب خطها ضد سورية، وبالتالي التأكيد على أن ملف الكيميائي في سورية لا يزال من أكثر الملفات المسيسة في مجلس الأمن ما يضع اشارات استفهام كبيرة على المنظمة لجهة عدم عملها بالروح القائمة على المبادئ التي أنشئت عليها بطابعها الفني، ومنها التوافق وعدم التسييس.
حتى الآن ترفض منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ومن وراءها الأمم المتحدة الاعتراف بالتعاون السوري مع المنظمة لجهة إغلاق الملف الكيميائي، كما ترفض التعامل مع هذا الملف وفقاً لطبيعته التقنية. وكل ما هو واضح هو أنها، أي المنظمة، تبحث عن استنتاجات مسبقة بعيداً عن الأمانة الفنية المهنية والحيادية، رغم أن سورية تدين على الدوام استخدام الأسلحة الكيميائية، وانضمت طوعاً لاتفاقية الأسلحة الكيميائية، في أيلول 2013، وأنهت تدمير جميع مخزوناتها في العام التالي، كما تحرص على التعاون الكامل مع المنظمة، والالتزام بتطبيق الاتفاقية.
منذ العام الماضي، أعيد إحياء هذا الملف عبر الجلسات المتكررة لمجلس الأمن لأسباب ليست خافية على أحد، وليس أقلها إفلاس الولايات المتحدة وأدواتها، علماً أن مجلس الأمن كان قد أغلق ملف ما يسمى “آلية التحقيق المشتركة” في تشرين الثاني من العام 2017، وذلك بسبب الممارسات غير النزيهة وغير المهنية التي شابت عمل تلك الآلية نتيجة الضغوط التي تعرض لها فريقها من قبل الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وفرنسا، بهدف الاستمرار في إصدار تقارير كاذبة وغير موضوعية ومنحازة ضد سورية، واتهامها بأي ثمن.
لكن اليوم، من الواضح أن الأمانة الفنية لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية لا تزال أسيرة رغبات وأهواء وجنوح الإدارة الأمريكية التي لا تزال تعيش إلى اليوم حالة الهوس العدائي ضد سورية، إذ منذ اعتماد القرار 2118 لعام 2013، لا يزال بعض أعضاء هذا المجلس إلى اليوم يدفع باتجاه عقد جلسات شهرية، من دون غاية، ولا نتيجة سوى السعي لابتزاز الحكومة السورية على خلفية الملف الكيميائي، ورفض الحقيقة التي قدمتها سيغريد كاغ، رئيسة البعثة المشتركة للتخلص من الأسلحة الكيميائية في سورية، حزيران 2014، إلى مجلس الأمن، والتي أكدت في تقريرها النهائي أن سورية التزمت وأوفت بجميع تعهداتها، ودمرت كامل المخزون الكيميائي على متن السفينة الأمريكية “إم في- راي”.