مرض عدم التمايز!!
غسان فطوم
يلاحظ أن جامعاتنا تلتزم منذ عقود منهاجاً واحداً وطرقاً تدريسية وامتحانية واحدة لدرجة أنه يصعب تمييز جامعة عن أخرى إلا بالاسم، وهذا ما يمكن أن نسميه إن جاز التعبير أو الوصف بمرض”عدم التمايز”، فالمنهاج ذاته موجود في الكليات بالجامعات كافة، بينما يفترض أن يكون لكل جامعة منهاج يميزها ويتوافق مع متطلبات البيئة المحيطة بها.. وللأمانة، ملامح هذه المشكلة أشار إليها رئيس الجامعة الافتراضية السورية، الدكتور خليل عجمي، في ورشة تخصصية حول تنظيم سوق العمل في سورية عقدت في العام الماضي.
للأسف، ليست هي المرّة الأولى التي ننبش فيها علل وأمرض جامعاتنا ومؤسساتنا البحثية، ويقف المعنيون مكتوفي الأيدي حيالها، وكأن الأمر لا يعنيهم ليستمر بالنتيجة تراجع مستوى مخرجات جامعاتنا لدرجة أن بعض التخصصات الجامعية باتت تشكل عبئاً كبيراً لعدم الاستفادة من جهود حامليها لينضموا إلى جيش العاطلين والمعطلين للعمل!
إن استمرار التنميط في المناهج الجامعية والمخرجات التقليدية غير مقبول، ونحن في العقد الثالث من القرن الـ 21. وهنا، لا بد من الإشارة إلى أن أي تأخير في تبني إصلاحات إستراتيجية لمنظومتنا التعليمية سيفقدها القدرة على المنافسة، وهذا يعني مزيدا من الخسارة لدور الجامعة في عملية التنمية، لذا بتنا في حاجة ماسة لتطوير المحتوى العلمي لجامعاتنا بهدف أن تكون الرافعة الحقيقية لتحقيق التنمية ولاكتساب القدرة التنافسية في مواجهة التحديات. فاليوم، تطورت أهداف الجامعة وتنوعت في أدائها الداخلي والخارجي، فالجامعة التي تتعثر في تحقيق الجودة الشاملة باستثمار مكونات التعليم العالي بأكفأ الصيغ، هي بلا شك جامعة متخلفة ما زالت تدور في فلك منح الشهادات لدرجة التخمة في جميع الاختصاصات بدلاً من البحث عن أفكار وأدوار جديدة تخدم المجتمع!
بالمختصر، آن الأوان لاتخاذ خطوات جدّية لتطوير منظومة التعليم العالي، ولعل الخطوة الأهم هي بتغيير الأساليب الإدارية في الجامعات، بل في كل مراكز اتخاذ القرار الجامعي بهدف الوصول إلى آليات إدارية عصرية لتطوير مناهج الجامعات بحيث تكون قادرة على تطوير القدرات التحليلية والسلوكية للطلبة، بمعنى أن يكون الخريجون عمّال معرفة وليس من حفظة “البصم” للمنهاج دون فهم لغاية النجاح في الامتحان فقط. ويبقى السؤال: متى تصل جامعاتنا إلى مرتبة القائد العلمي والحضاري للمجتمع؟!