الذهب المالح !؟
وائل علي
أليس قصوراً فاضحاً أن تفتقر مدن البحر كطرطوس واللاذقية وبانياس وجبلة للنقل والشحن البحري بشقيه الركاب والشحن الداخلي والخارجي؟
وأين هي وعود إحداث الخطوط البحرية مع الدول الحليفة والصديقة والشقيقة بتفعيل ما كان موجودا وقائما؟
وأين هي الشركات المرفئية الصديقة التي أخذت على عاتقها “عقديا” هذا الأمر!؟
وأين مؤسسات ومديريات النقل البحري والتوكيلات الملاحية وغرفة الملاحة البحرية؟ وماذا فعلت وتفعل!؟
انظروا أين كنا وأين صرنا على خارطة الملاحة البحرية “الذهب المالح” والحركة المرفئية، وقارنوها مع مدن البحر المماثلة.. انظروا كيف تحولت مرافئنا التجارية بروافعها الضخمة إلى خردة صدئة، وكيف أصبحت أحواضها مستنقعات راكدة تفوح منها رائحة البحر، وخلت ساحاتها للريح، وكيف هجرت المراكب والصيادون موانئ الصيد والنزهة المنتشرة على طول الساحل السوري ومدنه!!
والسؤال الذي يفرض نفسه: لماذا نهمل استثمارنا البحري الذي لم يكن إلا في حدوده المتواضعة، ولم يرتق يوما، ولم نعمل، ليكون مصدرا ثرا من مصادر دخلنا القومي الذي يعتد به، لا في السلم، ولا في الحرب، باستثتاء مرحلة السبعينيات ومطلع الثمانينيات حتى تسعينيات القرن المنصرم التي انتعش فيها قطاع النقل والشحن البحري والترانزيت لحدود غير مسبوقة حققت عائدات مهمة من القطع الأجنبي، وحركة ملاحية نشطة ضاقت بها الموانئ، ما انعكس ايجابا على الاقتصاد والأسواق والتجارة وتوفير عشرات آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة المجزية.. نستذكرها بحنين وشوق وحسرة لتلك الأيام الخوالي وخيرها العميم.
أين الأمس من اليوم؟ وما الذي تغير؟ ولماذا نخسر هذا الاستثمار الذي لا يضاهيه استثمار، اللهم النفط والذهب؟ وما الذي يمنع العودة لتلك الأيام الذهبية عبر تذليل العقبات، وتيسير القوانين، وتخفيف حدتها ووطأتها، وتطويعها لتكون في خدمة المجتمع والمؤسسات، وتقديم التسهيلات والمزايا الجاذبة، وتقليص الطارد منها الذي يعرقل السفن المملوكة لسوريين، مئة بالمئة، أن تحمل العلم السوري، والتي تحكي التقديرات والتوقعات أنها تفوق الألف سفينة، لنقدمها على طبق من ذهب ليسجلها مالكوها في دويلات وجزر وأرخبيلات لم يسمع بها أحد لولا خرائط الغوغل وهي تحمل أعلامها!؟
إن إعادة النظر بمنظومة القوانين والتشريعات الناظمة لقطاع النقل والشحن البحري واستثماراته المتعددة ورمي الأعذار جانبا، وهو أمر غاية في الأهمية لأنه سيكون أحد الروافد الكبيرة التي تضخ في جيوب الخزينة أموالا تفوق أضعاف ما يتصوره البعض، وهذا بتقديرنا غاية القصد وما نريده ونبحث عنه.
ALFENEK1961@YAHOO.COM