صحيفة البعثمحافظات

الاحتطاب الجائر يقطع “الأخضر واليابس”.. وتحذيرات من تدني حصة الفرد

ما إن انفضّ تجمعهم بعد التقاط الصور التذكارية وهم يغرسون بعض الشجيرات، وأدلوا بتصريحاتهم المفعمة بخطاب تعبوي يمجّد عيد الشجرة ويحثّ على توسيع الرقعة الخضراء.. حتى عادت الأمور إلى ما كانت عليه من إهمال ولا مبالاة بالمسطحات الخضراء التي باتت تنحسر شيئاً فشيئاً، ففضلاً عما فعلته الحرائق بغاباتنا ومحاصيلنا، ها هو القطع الجائر للأشجار يتواصل من أجل التجارة وبيع الحطب لغاية التدفئة في ظل أزمة المحروقات وغياب لمادة المازوت. وقد نلتمس أعذاراً لأسر وعائلات تبحث عن الدفء، فلا تجد أمامها سوى قطع بعض الأغصان من أشجار لتقي نفسها وعائلاتها من البرد القارس، لكن الأمر ذهب إلى أوسع من ذلك من خلال مجموعات منظمة تقطع الأخضر و”اليابس” بشكل جائر للمتاجرة بها بأسعار مرتفعة، مستغلين الظرف السائد!.

خطط وتشريعات

وإذا أردنا تقليب أوراق خطط وزارة الزراعة ومديرياتها من خلال الخطط والتشريعات فإننا نجد قرارات وتعاميم لاستعادة مساحات الغطاء الحراجي تدريجياً عبر زيادة عدد الغراس الحراجية المنتجة، وإطلاق حملات التشجير بوجود  تشريعات عدة تضبط حماية وتنمية الغابات الطبيعية والاصطناعية، منها قانون الحراج رقم 6 وقانون الضابطة الحراجية رقم 41  الذي أعطى الصلاحية للضابطة الحراجية كقوة تنفيذية تتمتّع بصلاحيات الضابطة العدلية والمانعة، ومهمتها حماية أحراج الدولة والخاصة، والحيلولة دون وقوع التعديات عليها وقمع المخالفات الحراجية.

ومع تعرّض الثروة الحراجية في محافظة ريف دمشق لكثرة التعديات والاحتطاب الجائر والمتاجرة بها، قامت مديرية الزراعة خلال هذه الفترة بتنظيم ضبوط حراجية بنحو /90/ ضبطاً بحق المخالفين ومصادرة دراجات نارية نحو /5/  ومصادرة عدد من المناشير الآلية واليدوية وإحالة المخالفين إلى القضاء أصولاً.

آثار سلبية

وأوضح مدير الزراعة المهندس عرفان زيادة أن المديرية تتواصل بشكل دائم مع الجهات الأمنية ومناطق انتشار الوحدات العسكرية للتعاون معهم والمساعدة بعدم التعدي على الثروة الحراجية، وعدم مرور أي آليات على الحواجز محمّلة بأخشاب حراجية لا تحمل رخصة صادرة عن دائرة الحراج، إضافة إلى القيام بعدة محاضرات وندوات إرشادية توعوية بمخاطر التعدي على الثروة الحراجية موجهة لفئات مختلفة من المجتمع (طلاب المدارس، الفلاحين).

وعزا مدير الزراعة ازدياد ظاهرة الاحتطاب الجائر إلى قلة كميات محروقات التدفئة، بالتزامن مع برامج التقنين الكهربائي ما دفع البعض للبحث عن وسائل أخرى للتدفئة، معتبراً أن الآثار السلبية للاحتطاب الجائر واستمراره يؤدي للقضاء على أنواع شجرية لا يمكن الحصول عليها مستقبلاً، وتقليص الرقعة الخضراء وزيادة التصحر وتدهور بيئة الإنسان والتنوع الحيوي، حيث إنه يجعل التربة عرضة للتعرية الهوائية والمائية وإحداث خلل في التوازن البيئي.

تحذيرات مختصين

والجدير بالذكر أن الكثير من الخبراء  والمختصين حذّروا من تأثيرات تقلّص المساحات الخضراء في محيط المدن وضمنها، وانعكاس ذلك على زيادة انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون، وخاصة مع توسّع المساحات المبنية على المساحات الخضراء، وتدني حصة الفرد من المساحات الخضراء المفتوحة في سورية إلى الحدّ الأدنى الذي لا يتجاوز في دمشق وريفها 3 أمتار مربعة.

علي حسون