تحريك القرارات النائمة
بشير فرزان
يواصل غالبية أصحاب القرار إجراء عمليات “تجميل” يومية للوضع المعيشي الصعب، حيث يطلقون العنان لتصريحاتهم التي تنكأ أوجاع أصحاب الدخل المحدود، وهم يواجهون أعنف إعصار معيشي، مع تصاعد مخيف في الأسعار وارتفاع غير مسبوق في فاتورة الحياة المعيشية نتيجة الحصار والعقوبات الاقتصادية، إلى جانب الضعف المتواصل في الأداء الحكومي الذي “غسل المواطن يديه منه” – كما يقال – بعد استسلامه لفاجعة الارتفاع التي ضربت وتضرب كل مناحي الحياة، فهناك ارتفاع بالأسعار وبساعات التقنين وبالضرائب والجباية وبالفساد والجريمة وبعدد المواد الداخلة للسوق السوداء والأدوية المفقودة، وبأعداد الفقراء والبطالة والمرضى. والغريب أن هناك ارتفاعاً أيضاً في عدد من يجمع بين السلطة والمال، وارتفاعاً في عدد القرارات والمخالفات وبسعر الصرف، إلا أن الهبوط الوحيد والمتواتر داخل الحياة العامة كان وما زال في المستوى المعيشي فقط..
ولاشك أن منظومة الارتفاع المتصاعدة جعلت الجميع يعيش القلق اليومي على تأمين كفاية العيش والحاجات الأشد بساطة والأكثر ضرورة، وبغضّ النظر عن عدم تماهي العمل الحكومي مع متطلبات المرحلة، وهذا واضح عند الكثير من المسؤولين الذين يبرزون فهمهم “التبسيطي” لأحوال الناس والانغماس التام في محاولة التخفيف من المعاناة عبر تصريحات غير واقعية، ولا يمكن تبرئتها من تهمة الاستخفاف بمطالب الشارع، وخاصة عند تقمص أوجاع المواطن الذي تباغته النعمة الناضحة من المكاتب الفارهة والغارقة في العيش الرغيد.. ولسنا هنا بصدد الدخول في متاهة المكاتب الفاخرة والبيوت الفارهة والمزارع وأساطيل السيارات وغنج الأبناء، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، وكلّ ما نريده تحريك الكثير من القرارات النائمة في الأدراج والتي من شأنها إعادة المليارات إلى خزائن الدولة والتخفيف من فاتورة الهدر والسرقة، وتحديداً في هذه الأيام العصيبة التي ترتفع فيها أرقام الأرصدة البنكية للبعض على حساب المصلحة الوطنية؟!
بالمختصر.. لا بدّ من تصحيح المعادلة المالية والمعيشية وإبطال إستراتيجية الاختباء وراء السياسات الخلبية التي لا تمدّ إلا بالخيبة، كالدعم الذي أرهقت فواتيره المواطن دون أن يكون لها أساس على أرض الواقع.