النقل البحري يتسبب بخسائر باهظة للمصدرين والموردين
دمشق – محمد العمر
يتحول ارتفاع تكاليف النقل البحري اليوم إلى أزمة كبيرة تؤثر بالمجمل على كافة المنتجات المحلية، سواء كان شحنها بالنقل الداخلي أو الخارجي، لذا فإن عملية ولوج البضائع إلى الأسواق الخارجية بات أمراً مرهقاً للتجار والصناعيين بعدما زادت التكاليف عالمياً جراء ارتفاع الرسوم ونفقات العبور البحرية، كما زادت العقوبات المفروضة علينا من الأمر صعوبة والتي أدّت إلى توقف النقل البحري وعمله بالحدود الدنيا، إذ فرض ارتفاع أسعار الشحن عالمياً واقعاً اقتصادياً جديداً، ورغم ذلك فهناك خطوات في أروقة وزارة الاقتصاد تدرس لإزالة العقبات وتخفيض كلف التصدير واستعادة ريادة المنتج السوري كما كان سابقاً.
وتشير وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بهذا الصدد إلى أنها تقوم بإجراءات محدّدة لفتح أسواق تصديرية بالخارج من فائض البضائع والسلع المنتجة محلياً، تزامناً مع تأمين سفينة نقل بحرية تفي بالغرض المطلوب كنوع من تخفيف ارتفاعات كلف شحن للمنتجات المصدّرة، ومنها العمل على إطلاق برنامج خاص لدعم الصادرات من المواد الزراعية والصناعية إلى روسيا لفترة 6 أشهر، رافق ذلك خطوات بتأمين وحدات الخزن والتبريد لكل المنتجات المعدّة للتصدير، وحث المخابر بالإسراع في إصدار نتائج تحليل العينات المرسلة لها من البضائع المعدّة للتصدير، وخاصة الزراعية والغذائية، نظراً لسرعة تضررها كالحمضيات وغيرها، مع إمكانية وضع آلية مناسبة لتفتيش البضائع بحيث تبقي البضائع المعدّة للتصدير جيدة غير قابلة للتلف، فهذه الخطوات تهدف إلى تشجيع المصدّرين والتخفيف من تكاليفهم، وعلى هذا الأساس أبدت وزارة الاقتصاد إمكانية إنشاء خط بحري تجاري يصل إلى روسيا وأوروبا ومصر وغيرها من البلدان.
وهذا ما أشار إليه مدير هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات ثائر فياض من أنه يوجد مفاوضات لإحداث شركة نقل بحرية بيننا وبين روسيا عبر القرم، والجهود تنصبّ اليوم على إمكانية إنشاء هذا الخط البحري التجاري، حيث يجري التواصل حسب قوله مع وزارة النقل والجهات الأخرى لإنشاء هذا الخط لتسهيل العملية التصديرية، مبيناً أن المعضلة بالصادرات تكمن في أن أسواقنا باتت تقليدية تصدر للخليج والعراق، لذا فإن إنشاء الخط البحري سيحلّ مشكلة كبيرة ويختصر الوقت والتكاليف ويسهّل وصول المنتجات السورية إلى وجهاتها الخارجية.
وأوضح فياض أنه بسبب العقوبات المفروضة لا يوجد سفن وبواخر لدينا تأتي بشكل منتظمة، مما يضطرنا لشحن منتجاتنا عن طريق لبنان وتركيا إلى الجهات الأخرى، إذ تصل أجرة الحاوية الواحدة إلى 10 آلاف دولار، وهذا ما يشكل كلفاً زائدة على المنتجات والبضائع ويسبّب خسائر باهظة للمصدّر والمورد. واستبعد فياض أن يتمّ تكليف شركة رقابة دولية لمراقبة التصدير، لأن ذلك سيزيد من العبء على تكاليف النقل والإنتاج، ما يعني زيادة في النفقات هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن التصدير يخضع للمواصفات والمقاييس السورية، وكون العقد شريعة المتعاقدين فالشركة المصدّرة ملزمة بإجراء التحاليل اللازمة حسب طلب الشركة المستوردة.
قيمة مضافة زائدة
ويتفق رضوان الظاهر رئيس لجنة التصدير في اتحاد غرف الزراعة مع غيره على أن النقل زاد بشكل كبير من القيمة المضافة والتكاليف على المنتجات، فالسلع السورية مميزة ومعروفة وتحتفظ بجودتها، لكنها في الوقت نفسه تعاني من مشكلات اقتصادية وارتفاع بحوامل الطاقة مما يشكل صعوبة في تسويق المنتج بالخارج، مبيناً أن إيجاد شركة بحرية لنقل البضائع أمر إيجابي بهذا الوقت، لأن معظم مشكلاتنا هي قيم مضافة تحمل فوق الإنتاج مما يزيد من الأعباء على المنتج أكثر مما كان.
اليوم حسب قول خبراء الاقتصاد ومع ارتفاع التضخم عالمياً، ازدادت أجور الحاويات ونقلها من مرفأ البلد المنتج إلى موانئنا أضعافاً مضاعفة مما أدى لارتفاع الأسعار بالمنتجات المنقولة بحرياً وانعكاسها على الأسعار المحلية، حتى أن اللجوء للشحن من البلدان المجاورة أو القريبة لخفض التكاليف فإن ذلك سينعكس أيضاً على أسعار المنتجات المستوردة ويضعف تنافسيتها، وكنا نتحدث عن أسطول نقل اعتبر أحد الأساطيل الكبيرة في المنطقة، لكنه مع العقوبات الجائرة والتوترات الجيوسياسية الحاصلة في المنطقة وانعكاس ذلك على تضخم الأسعار عالمياً فإن السفن السورية بالكاد تعمل داخل الأراضي السورية.