الاستقلال الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي في خطر
هناء شروف
كان مصطلح “الاستقلال الإستراتيجي” شائعاً في بروكسل على مدى السنوات القليلة الماضية، ووصف بأنه قلب السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، ولكن ليس بعد الآن!.
على سبيل المثال، قال جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية إن انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة في عام 2016 “أيقظ” الاتحاد الأوروبي، وجعله يدرك أنه يعتمد بشكل كبير على واشنطن. وقال أيضاً إن الهدف من الاستقلال الاستراتيجي هو ضمان تولي الأوروبيين المسؤولية عن أنفسهم، وأن الاتحاد الأوروبي لا يحتاج إلى الاختيار بين الولايات المتحدة والصين. وأكد أن الاستقلال الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي يشير إلى قوة الاتحاد الأوروبي، وقدرته على التصرف بشكل مستقل، أي دون الاعتماد على اقتصادات أخرى، في مجالات السياسة ذات الأهمية الاستراتيجية.
قبل بضع سنوات فقط، دافع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية آنذاك أنجيلا ميركل عن الاستقلال الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي. كانت فرنسا وألمانيا دولتي الاتحاد الأوروبي في عهد الرئيس الفرنسي آنذاك جاك شيراك والمستشار الألماني غيرهارد شرودر اللتين مارستا استقلالية استراتيجية حقيقية في عام 2003 وعارضتا بشدة حرب العراق بقيادة الولايات المتحدة.
ولكن للأسف ليس هذا هو الحال اليوم، فقد ظل ماكرون هادئاً نسبياً مؤخراً بعد أن اتهمته بعض الأوساط في الاتحاد الأوروبي بمحاولة استرضاء روسيا حين حثها على إجراء محادثات بين روسيا وأوكرانيا من أجل إنهاء الصراع. نتيجة لذلك لم يبذل الاتحاد الأوروبي جهوداً دبلوماسية للتوسط في المحادثات بين روسيا وأوكرانيا، أو المساعدة في التوسط لوقف إطلاق النار لإنهاء الصراع، لأن مثل هذه الجهود لم تعد صحيحة سياسياً في بروكسل، على الرغم من أنها ستكون أخباراً رائعة بالنسبة للاتحاد الأوروبي، وبقية العالم وخاصة الشعب الأوكراني.
لقد أكدت المفوضية الأوروبية والرئاسة السويدية الحالية لمجلس الاتحاد الأوروبي أن روسيا ليست مستعدة للمحادثات، لكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد قبل أسبوعين فقط أن موسكو مستعدة لإجراء محادثات.
موقف الاتحاد الأوروبي ليس مفاجئاً، لأنه الموقف نفسه الذي اتخذته واشنطن. لذلك يجب أن يكون قادة الاتحاد الأوروبي على دراية به بل ويمارسونه. قال إيان بريمر، رئيس شركة أوراسيا لأبحاث المخاطر السياسية الأسبوع الماضي: “إنها حرب بالوكالة والناتو لا يخوضها بشكل مباشر.. نحن نحاربها من خلال أوكرانيا”. هذه هي الحقيقة على الرغم من ذكرها من قبل العديد من خبراء السياسة الخارجية، ولكن لم يتمّ تأكيدها بعد من قبل مسؤولي الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة.
من هنا، ليس من المستغرب أن يكون جواب رئيس المجلس الأوروبي تشارلز ميشيل، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، عندما سُئلا في مؤتمر صحفي قبل أيام بعد توقيع اتفاق تعاون بين الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، أن الاستقلال الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي “ميت”.