مجلة البعث الأسبوعية

بورصة الحطب إلى ارتفاع..ووزارة الزراعة تخلي مسؤوليتها

دمشق- ميس خليل

فرض النقص الحاد في حوامل الطاقة ( المازوت – غاز – الكهرباء) على الأسر السورية البحث عن وسائل أخرى للتدفئة ضمن الإمكانات المتاحة علها تقيها من برد الشتاء وتؤمن الحد الأدنى من الدفئ الذي بات حلماً صعب المنال، حيث كان للتوجه للتدفئة باستخدام أخشاب الأشجار  (الحطب) وغيرها من مخلفات معاصر الزيتون (التمز) والكرتون وأحياناً البلاستيك وهو الأبرز، في مشهد تحولت فيه الشوارع في ضواحي المدن السورية إلى أسواق لبيع الأخشاب، ففي دمشق مثلاً  لا تكاد تمر في شارع من أحيائها الشعبية إلا وتجد أكوام من الخشب المقطع المعروضة للبيع، بأسعار متفاوتة بين محل وأخر ، وسط إقبال من المواطنين على شراء ما تيسر لها لتستر نفسها من برودة طقس الشتاء الذي نحن اليوم نعيش في أربعينيته.. ولكن ما يثير التساؤل بالفعل ليس إقبال المواطنين على الشراء بالرغم من ارتفاع بورصة أسعارها، وإنما كيف غزت هذه الكميات الكبيرة من الأخشاب الأسواق  في ظل وجود قوانين رادعة تتعلق باقتطاع الأشجار والمتاجرة بأخشابها، وهذا ما تعلن وزارة الزراعة – دائرة الحراج  وضابطتها الحراجية– باستمرار عن مصادرة كميات كبيرة من الحطب والفحم في المدن والبلدات السورية التي يتواجد فيها غابات ومساحات خضراء مشجرة، فمن سهل وصول هذه الأطنان من الأخشاب إلى قلب العاصمة دمشق، وإذا سلمنا جدلاً أنها وصلت بعلم وزارة الزراعة أو مديرياتها ، فالسؤال من المسؤول عن تسعيرها الذي وصل لما يقارب الملونين ونصف للطن الواحد، علماً أن وزارة الزراعة “مديرية زراعة اللاذقية أصدرت في الثالث عشر من كانون الأول 2022 قراراً يقضي ببيع الحطب للمواطنين عبر البطاقة العائلية. ولمرة واحدة بسعر 500 ألف ليرة سورية للطن الواحد”, وهل بالفعل أن كل الأخشاب المتوافرة حالياً في الأسواق اقتطعت بشكل نظامي أم أن هناك عمليات اقتطاع غير مشروعة تطال الغابات؟.

البعث الاسبوعي سألت مدير الحراج في وزارة الزراعة الدكتور علي ثابت الذي قال .. أنه وفقا للقانون يتم منح رخص نقل للأحطاب والأخشاب الحراجية بين المحافظات وهذا موجود بقانون الحراج رقم 6 لعام 2018 الذي ينظم عمليات نقل الأحطاب، مبينا أن هذه الرخص تتطلب معلومات عن نوع الأخشاب المنقولة ومصدر هذه الأخشاب ووزنها ومسار عملية النقل، وبالتالي فإن أي عملية نقل للأحطاب والأخشاب بدون رخص نظامية تتم مصادرة هذه الأحطاب والأخشاب وكتابة وتنظيم ضبط حراجي ومخالفة بحق صاحب السيارة والحمولة.

وكشف الدكتور ثابت أن وزارة الزراعة تقوم بتسيير دوريات من قبل الضابطة الحراجية لمراقبة مراكز خزن الحاصلات الحراجية يلي يتواجد فيها الأحطاب والأخشاب وبالتالي عملية ضبط الكميات الواردة إلى مراكز الخزن والمستودعات الحراجية ، بمعنى أن أي مركز خزن يوجد فيه أحطاب أو أخشاب يجب أن تكون داخلة وفق رخص نظامية أي عمليات المدخلات ومخرجات المستودع يجب أن تكون واردة ضمن سجلات موجودة في هذه المستودعات.

 

أما بالنسبة لضبط سوق الخشب فذكر علي أن وزارة الزراعة مسؤولة عن الأحطاب والأخشاب الناتجة عن عمليات التربية والتنمية ضمن خطط وزارة الزراعة وبالتالي هذه الكميات معروف مصدرها وأين تذهب وضبط أسعارها ضمن ما حددته وزارة الزراعة، بالمقابل فإن هناك أحطاب وأخشاب ناتجة عن عمليات قطع أشجار مثمرة أو غيرها ضمن الأراضي الزراعية الخاصة التابعة المواطنين.

كما استطلعت “البعث الاسبوعية” أراء عدد من المواطنين حول تحولهم إلى التدفئة بالحطب وغيرها المواد الأخرى فقال محي الدين (موظف): في ضوء عدم استلام مخصصات المازوت المدعوم  للتدفئة والحر أيضا والانقطاع الطويل للكهرباء، وجدت في التدفئة باستخدام الحطب الوسيلة الأكثر ملائمة لواقعنا اقتصادياً ، حيث أنه ثلاثة أو أربعة كيلو من الحطب يومياً يكفي  لتدفئة المنزل في حين أحتاج إلى أكثر من خمسة لتيرات من المازوت وبحسبة بسيطة هناك توفير مالي كبير .

في حين قالت أم محمد (ربة منزل) : لم أستلم مخصصاتي من مازوت التدفئة وفي ظل عدم القدرة على شراء مازوت من السوق السودا ولا حتى الخشب أقوم يومياً أنا وأولادي بجمع ما تيسر لنا من كرتون أو علب بلاستيكية لـ” نتدفى” عليها على الرغم مما تطرحه من روائح مؤذية لنا.

بدوره أكد أحمد (أعمال حرة) أن  التدفئة بالحطب حالياً هي الأوفر مالياً في ظل أسعار المازوت المرتفعة جداً وغير المتوفرة، في حين أن الحطب متوفر بكثرة وهناك عروض كثيرة من البائعين  يمكن الاستفادة منها.

في حين قال أبو ربيع ( موظف): لاأستطيع شراء المازوت ولا الخشب ولأي أي نوع من الوسائل المتوفرة في السوق وبصراحة أقوم حالياً باستخدام دواليب سيارة قديمة مهترئة للتدفئة.

أما أبو ياسين فقال : استلمت مخصصاتي من مازوت التدفئة الخمسين ليتر وقمت ببيعها وبثمنها قمت بشراء خشب للتدفئة لأن الكمية الممنوحة من المازوت لا تكفي في ظل الظروف الحالية للتدفئة أكثر من خمسة عشر يوماً أما الكمية التي اشتريتها من الخشب فكفيلة بضمان تدفئة البيت لأكثر من شهرين.

قانونياً

نص القانون رقم 6 لعام 2018 الخاص بالحراج في  المادة 32 على عقوبة الحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبالغرامة من خمسمئة ألف إلى مليون ليرة سورية لكل من أقدم دون ترخيص مسبق على قلع أو قطع أو إتلاف أو تشويه الأشجار والشجيرات في حراج الدولة أو الإتيان بأي عمل يؤدي إلى إتلافها وتخفف عقوبة الحبس والغرامة إلى النصف إذا وقعت الأفعال المحددة بالفقرة -أ- من هذه المادة في الحراج الخاصة.