تحقيقاتصحيفة البعث

صور “الرز المسوس” تفتح أبواب الغضب.. انتقادات لسياسة الاستيراد وتأكيد على أولوية الغذاء والدواء!

فَتح انتشار صور الأرز “المسوس” على صفحات التواصل الاجتماعي والتي قيل أنها موزعة منذ يومين على المواطنين  في دورة المقنن الجديدة ومواد التدخل الإيجابي المباشر من قبل السورية للتجارة أبواب غضب المواطنين على مصراعيه، لتنتقل صور أكياس الأرز “المسوس” من صفحات التواصل الاجتماعي إلى صفحات الأخبار الاقتصادية التي لم تدخر جهداً في تحليل وتمحيص الأسباب التي تدفع السورية للتجارة للوقوع في ذات المطب لأكثر من مرة، وما الهدف من تخزين هذه المواد بعد استيرادها وحرمان المواطن من حصته بغذاء نظيف، وعلى عاتق من تقع المسؤولية ولمصلحة من تُدار صفقات التلاعب بأمن غذاءنا؟، في المقابل لم يتوقف البعض في حديثه عن هذه المادة المنتهية الصلاحية ليشككوا بأغلب البضائع المستوردة في الأعوام الأخيرة والتي من شأنها ضرب المنتج المحلي لمصلحة بعض المستوردين، متسائلين عن أسباب ونتائج حصر الاستيراد بجهات معينة بدلاً من تقديم التسهيلات لمن يرغب ويستطيع بالاستيراد!

صفقات !!

وبعيداً عن إجابات السورية للتجارة لنا، والنافية لوجود أرز منتهي الصلاحية كون الاستيراد تم منذ أقل من شهرين، وتأكيدها وجود هذه الصور في صفحات غير وطينة هدفها تشويه سمعة مؤسساتنا، رأى الخبير التنموي أكرم عفيف أن الأرز المستورد لتوزيعه عبر برنامج المواد المقننة هو من أردأ الأنواع، متسائلاً عن سبب تخزينه حتى لو لشهر واحد، وإذا كان هناك فائض بالمادة المستوردة، فلماذا لا يتم زيادة عدد دورات توزيع المادة، أو إتباع طرق للتخزين الصحي؟

إجازات وهمية!

مما لا شك فيه أن استيراد السلع والبضائع قبل سنوات الحرب ليس كما بعدها، وهذا الأمر لا يعني برأي الخبير الاقتصادي إسماعيل مهنا تجميد الاستيراد، بل إتباع الحكومة لما يسمى سياسة الترشيد أيضاً بالاستيراد، لكن في الوقت نفسه لا يمكننا التحدث عن احتكار أو حصر الاستيراد بمجموعة من الأشخاص طالما أن الوزارة المعنية تنفي ذلك وتتعهد بتقديم بيانات واضحة بإجازات الاستيراد لتجار ذوي ثقة بعد أن استشرى الفساد في فترة من الفترات عند البعض ممن حصلوا على إجازات استيراد الوهمية خاصة خلال سنوات الحرب، في المقابل تحفّظ الكثير من الخبراء الاقتصاديين عن الرد على تساؤلاتنا والخوف من الخوض بتفاصيل منح إجازات الاستيراد ليكتفي علي محمد “خبير اقتصادي” بالتأكيد على أن الحديث عن حصر إجازات الاستيراد يُبنى على طرح الوزارة قوائم للمستوردين بشكل تفصيلي، لكن حصرية الاستيراد بالبعض هو شيء خاطئ حتما يعزز الاحتكار.

احتكار وحصر! 

بدوره تحدث زكوان قريط “دكتور في الاقتصاد” عن سلبية احتكار وحصر الاستيراد بأشخاص محددين، لافتاً إلى أن هذا الأمر غير مقبول وخاطئ وبعيد عن مبدأ المنافسة وتكافؤ الفرص بين التجار، فالأولية تكون بتمويل استيراد السلع الأساسية الغير متوفرة محلياً أو قليلة الإنتاج محلياً والغير كافية من ناحية الإنتاج والعرض المحلي، ويأتي في مقدمة هذه السلع المشتقات النفطية وحوامل الطاقة والقمح وحليب الأطفال والسلع الغذائية والأساسية الأخرى، كما يجب تحديد الكميات المسموح استيرادها لتغطية الطلب المحلي بعيداً عن حدوث فائض، وفيما يتعلق بمنح إجازات استيراد لسلع وبضائع مُنتجة ومُصنعة محلياً وتأثيرها على الاقتصاد المحلي لفت قريط إلى أنه منافي لمبدأ تشجيع الصناعة الوطنية وتنشيط الاقتصاد والإنتاج المحلي والذي يحقق الاكتفاء الذاتي مستقبلاً.

عزوف!! 

نائب المدير العام لمؤسسة رجال أعمال العرب والسوريين عامر ديب لم يُخف وجود سياسة ترشيد الاستيراد، والتي رأى فيها بعض الجوانب غير السليمة موضحاً ذلك بأمثلة كتوفير مثلاً 16 مليون دولار لخزينة الدولة لكن في المقابل نتساءل هنا عن نسبة خسارة خزينة الدولة من دفع للضرائب مثلا، ناهيك عن الوفر الذي سيتحقق للخزينة في حال تم التحرك بهذا المبلغ  في السوق المحلية بالليرة السورية، في المقابل ألقى ديب الضوء على الجانب الجيّد بترشيد الاستيراد للسلع هو جيد في حال تم بمبالغ قليلة كأن نستورد ب5000 دولار مثلاً ستكون جماركها قليلة ناهيك عن سهولة دخولها وذوبانها في السوق بشكل سريع، أي أن استيراد السلع والآليات والمواد ذات القيمة الكبيرة سيكون أصعب من ناحية الضرائب والرسوم وغيرها من الأمور، في المقابل ستحرك المبالغ الصغيرة للاستيراد بكميات كبيرة من السلع السوق والاقتصاد وسيتم إدخال مال إلى خزينة الدولة من رسوم وجمارك وضرائب.

وفيما يتعلق بحصر الاستيراد أوضح نائب المدير العام أن ما يحصل اليوم هو ليس منع التجار الحصول على إجازات استيراد بل هنالك تجار كُثر غير قادرين على الاستيراد أما التجار القادرين على الاستيراد فعددهم قليل، لذلك يُهيّأ للجميع وجود احتكار لأسماء معينة وهذا أمر غير صحيح، فالتجار القادرون على استيراد 1000 طن من أي سلعة غذائية عددهم قليل، في حين من يريد استيراد 10 طن مثلاً لن يربح من هذه العملية، الأمر الذي يجعل التجار الصغار يعزفون عن الاستيراد بانتظار المستوردين الكبار للشراء منهم لاحقاً. ويرى ديب أن الأولوية دوماً هي لاستيراد السلع الغذائية وأمور النقل كالسيارات الكهربائية ومحطات الشحن الخاصة بها لاسيما وأننا نعاني من مشكلات في النقل وهذا يدعم القطع الأجنبي لا يستنزفه، كما طالب بفتح الاستيراد لقطاع الغذائيات والنقل والقطاع النفطي دون أي قيود، لافتا إلى أن القرار الذي أصدرته اللجنة الاقتصادية بالسماح بالاستيراد من السعودية هو أمر جيد لكن السؤال “كم واحد فيه يستورد اليوم في ضوء وجود عدد من الثغرات، ومن أهمها تمويل المستوردات للسلع  على أكثر من نشرة وسعر؟ لذا فالمطلوب اليوم إيجاد آلية موحدة لسعر الصرف لمعرفة ما نستورد وما يضعه التاجر”.

ميس بركات