مجلة البعث الأسبوعية

قرارات لجنة الانضباط والأخلاق في اتحاد الكرة وقفت في وجه رياح الشغب والشطط المستشار القانوني د. فراس المصطفى لـ “البعث الأسبوعية”: هدفنا إقامة ورشات عمل استرشادية توعوية لممثلي الأندية والقانونيين

البعث الأسبوعية-ناصر النجار

فوجئ المتابعون لمباريات الدوري الكروي الممتاز بالقرارات التي أصدرتها لجنة الانضباط والأخلاق وقد شملت العقوبات نصف فرق الدوري وعدد من اللاعبين في صورة لم يعتد عليها الكرويون في مواسم سابقة.

العقوبات لم تفرق بين الأندية وكان للمتصدر فريق الوثبة النصيب الأكبر من هذه العقوبات، ومعه فرق تشرين وجبلة وحطين والفتوة والوحدة، وجاءت هذه العقوبات لتتناسب وحجم الشغب الحاصل والشطط الذي قام به بعض منتسبي هذه الأندية في حالة باتت تحتاج إلى العلاج والمواجهة الحاسمة لردع المسيئين ولإيقاف كل ما يعكر صفو الملاعب من خروج صريح عن أدابها وإخلال بقدسية الرياضة وأخلاقها.

وجاءت الأصداء إيجابية من أغلب الأندية وجماهيرها لدرجة أن نادي حطين تعامل مع العقوبة الخاصة به بإيجابية واضعاً الحلول الكفيلة لمنع الشغب مع إجراء قد يكون هو الأول بملاعبنا بوضع كاميرات مراقبة لمحاسبة المسيئين الذين لا يعترفون بالأخلاق الرياضية ولا يؤمنون بقدسيتها.

مع الإشارة هنا إلى أن لجنة الانضباط والأخلاق قامت في فترة استراحة الدوري بإعادة صياغة بعض البنود القانونية عبر رئيس اللجنة الاختصاصي بالمواد القانونية لتتلاءم التعديلات الجديدة مع الحالات الجديدة التي ظهرت في الدوري ولم يكن هناك بنود صريحة تعالجها.

بعيداً عن صلاحية اللجنة بإصدار العقوبات والقرارات الانضباطية وضبط كل حالات الشغب والشطط في الدوري بكل الدرجات والفئات، فإن اللجنة لها عمل أوسع وأشمل وخططها القادمة تتجه نحو التوعية والاسترشاد من خلال إقامة الندوات والمؤتمرات لشرح بنود اللائحة الانضباطية وآلية عمل اللجنة والاستماع إلى آراء الأندية في هذا الشأن، وستقام هذه الورشات ضمن هذا الموسم وبالفترة بين موسمين، فالغاية هي إصلاحية أكثر من كونها عقابية.

ما الآلية التي تعمل عليها لجنة الانضباط والأخلاق وما أهدافها وما خطة عملها؟ كل هذا مع أسئلة تخص العقوبات وما فيها من مفردات كان لـ (البعث الأسبوعية) الحوار الآتي مع رئيس لجنة الانضباط والأخلاق في اتحاد كرة القدم المستشار القانوني الدكتور فراس المصطفى.

خطة العمل

الأكيد أن اللجنة وضعت خطة عمل في هذا الموسم ما هي أبرز ملامحها؟

تشرّفتُ بوضع خطة وأهداف اللجنة بشكلٍ يتوافق مع الإمكانيات المتاحة لتحقيقها محاولاً جهد المستطاع أن اقترب من الطريق الأمثل والأكمل وتضمنت الخطة البنود التالية:

1-تم إبراز خطة عمل اللجنة بعد أن تم توزيع المهام بالشكل الجديد وفقاً لترميمها بالشكل القانوني المشار إليه بالقرار الإداري الصادر عن رئيس الاتحاد استناداً لمواد النظام الأساسي لاتحاد كرة القدم المقرر بجلسته /14/ تاريخ 5 /12/2022 حيث عقدت اللجنة أولى اجتماعاتها بعد هذا الترميم وأصدرت تعميمها رقم / 26 / تاريخ 21/12/2022.

2-بيان اختصاص ووظائف أعمال اللجنة المستمدة من خلال لائحة الانضباط والأخلاق ومن القواعد العامة والنظام الأساسي للاتحاد والاتحاد الآسيوي والدولي وتعديلاتها الأخيرة المُصادق عليها من قبل مجلس اتحاد الكرة بجلسته رقم (14) بتاريخ 5/12/2022

3-التنسيق الدائم مع اللجنة التنفيذية لاتحاد كرة القدم لتوفير وسائل تسهيل إقامة ورشات عمل استرشادية توعوية لممثلي الأندية والقانونيين والمهتمين في اللوائح والأنظمة لتقيمها اللجنة من خلال رئيس اللجنة أو الأعضاء المكلفين من قبله والتي يتم من خلالها المناقشة والاستماع لأبرز ما لدى الأندية من مقترحات أو صعوبات أو استفسارات حول أحكام لائحة الانضباط والأخلاق لتكريس التثقيف والتوعية وإقامتها من خلال الحضور الفيزيائي أو تقنية الفيديو.

4-تعمل اللجنة من خلال هذه الورش أو أي وسيلة متاحة ضمن الإمكانيات المتوفرة لتعريف الأندية بآليات عمل لجنة الانضباط والأخلاق.

5- يكون لورش عمل اللجنة هذه جانب نظري وآخر تطبيقي من خلال مناقشة العديد من اللقطات والأحداث المحلية في الدوري أو الأحداث العالمية واتخاذ هذا الإجراء كمنهج متبع في عمل اللجنة للمضي قُدماً  في تطوير اللائحة وفق مستجدات الواقع دون الخروج عن قواعد النظام الأساسي للاتحاد العربي السوري المستند لقوانين الاتحاد الدولي والآسيوي .

أهداف اللجنة

-البعض يتحدث عن اللجنة بأن مهامها تنحصر في إصدار العقوبات، هل لكم أن تطلعونا على أهدافها؟

الأكيد أن المهام والأهداف ليست العقوبات فقط بل إنها تشمل العديد من الجوانب أبرزها:

1–ضبط الوسط الرياضي من خلال بث القيم والأخلاق الرياضية استناداً للائحة الانضباط

2-متابعة ومكافحة المظاهر السلبية التي تنافي القيم الأخلاقية والضوابط القانونية.

3-إقامة العدالة وفرض هيبة قانونية لقرارات اتحاد الكرة المسندة إلى النظام الأساسي له.

4-عدم حصر دور اللجنة بالمحاسبة القانونية والمتابعة للمخالفات بل ممارسة الشراكة الفاعلة مع الأسرة الكروية والمنتسبين لها لتعم روح التعاون والمحبة والتآلف بين الرياضيين على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم للأندية.

5–ضرورة التزام اللجنة بسياسية الحياد من خلال استقلالية قراراتها باعتبارها لجنة قضائية تهدف في المقام الأول لبث العدالة ونشر القيم النبيلة.

6-اللجنة ليست لجنة تأديبية تتربص وتترصد بأي رياضي بل تعمل على تطبيق القانون وروح القانون بحسب مقتضى الحال وبما يصبُ في مصلحة اتحاد كرة القدم وبالتالي في مصلحة الكرة السورية.

7-العمل على احترام ومنع أي انتهاك للنظام الأساسي واللوائح القانونية الصادرة عن الاتحاد العربي السوري والآسيوي والدولي.

8-تكريس النزاهة والسلوك الأخلاقي واللعب النظيف لدرء أي مفسدة قد تقع كالتلاعب بالمباريات والتزوير وأي عملٍ يُعرّض نزاهة المسابقات والمسؤولين وأعضاء اتحاد الكرة والمنتسبين له للتجاوزات.

الإساءة للحكام

الاعتداء على الحكام يَمس الأخلاق الرياضية والانضباط في الملاعب ما دوركم في حماية الحكام؟

نتفق كلنا أنّ الاعتداء على الحكم لا يمثل الأخلاق الرياضية ومبادئ الانضباط فالرياضة فيها الخاسر وفيها الفائز وأخطاء الحكام جزء من اللعبة وحاصلة في كل بلاد العالم، وهناك قنوات قانونية وجهات رسمية ولجان متخصصة كان يجدر بالمتضرر من قرار الحكم أن يلجأ إليها، وقد تقع أخطاء أكثر وأكبر من حكام في الدوري الإنكليزي والإسباني أشهر دوريات ولكن ردة فعل الجماهير مختلفة لأنهم ، وأقولها متألماً لديهم ثقافة كروية تؤمن بالخسارة والفوز والجمهور في معظمه مع الأسف تجدهُ اليوم يُفتي في الشأن التحكيمي والكروي فضلاً عن الفني وقد يكون أحدهم لم يلمس الكرة في حياته، كل هذه الأمور من شأنها أن تضاعف الشحن الجماهير ومظاهر الشغب في ملاعبنا الكروية ، وعلى الإعلام أن يتعامل بإيجابية وإنصاف مع قضية الاعتداء على حكم مباراة تشرين والوثبة عقب انتهاء واستكمال اللقاء، لكن بالإطار العام فإن الجميع ربما يتقبّل أخطاء اللاعبين، لكن إذا أخطأ الحكم فهذا غير مقبول وهو لا يحق له أن يملك مساحة من الأخطاء كما البشرِ الآخرين.

جديد العقوبات

-سمعنا عن تعديلات في طرق معالجة حوادث الشغب فما هو جديد العقوبات التي طرأت على اللائحة؟

جديد العقوبات غير القابلة للاستئناف ومن بينها عقوبة الإيقاف التي لا تزيد عن أربع مباريات لتصبح ألا تزيد عن ثلاث مباريات، فجميع العقوبات المالية التي تقع على أي نادٍ نتيجة مخالفات يقوم بها الأفراد، لا يتحملها النادي بل هي مسؤولية فردية يتحملها المخالف سواء أكان لاعباً أم مدرباً أم إدارياً وفي هذا مشاركة للاعب والمنتسب لناديه أعباء أخطائه مثلما ينال المكتسبات من النادي من خلال العقود والرواتب والمكافآت والمزايا الأخرى، وهذا يجعل المخالف يحسب ألف حساب الوقوع في المخالفة.

إضافة لتحديد بعض الإجراءات التأديبية للمخالفات التي تتناسب ومقتضى حال دوري الدرجة الأولى والثانية لجميع الفئات ودوري السيدات، فالغرامات المالية التي تقع على أندية الدرجة الأولى والثانية والسيدات ستكون بنسبة عشرين بالمئة فقط من القيمة المقررة، وستعتبر جميع التعديلات سارية المفعول بشكل فوري وليست بأثر رجعي بعد أن تمت المصادقة عليها من قبل مجلس الاتحاد.

حالة إيجابية

ما رأيك بالقرار الذي اتخذته إدارة حطين لمكافحة الشغب بعد العقوبات التي أوقعت على النادي؟

لابد من تسجيل الشكر والتقدير لإدارة نادي حطين الواعية والاحترافية والتي أشعرت جماهيرها أنها ترفض مخالفات رمي المفرقعات والتي كانت قد حذرت جماهيرها قبل المباراة بيومين ربما على صفحتها الرسمية، ومع ذلك تم رمي المفرقعات وتعرض النادي للعقوبة ما حدا بها الإعلان عن تركيب كاميرات للاستقراء للمخالفة وتتبع المخالف.

موضوع الجزيرة 

-اللجنة لم تتخذ أي قرار في موضوع تخلف الجزيرة عن لقاء أهلي حلب ما هو السبب؟

سبق أن وقعت مخالفة من نادي الجزيرة تتمثل بعدم المشاركة والحضور ما جعله يتعرض للعقوبة المنصوص عليها بلائحة الأخلاق والانضباط ثم جاء قرار لجنة الاستئناف بفسخ قرار اللجنة وتخطئةِ لجنة الانضباط والأخلاق في قرارها في حينه بغير وجه قانوني، وما كان من لجنة الانضباط إلا احترام درجات التقاضي رغم هذا العور بل العمى القانوني إن جاز تسميته ، والمضحك في الأمر أنه لكل قرار مستند قانوني يذكر إضافةً للمسبب القانوني والذي قالت فيه لجنة الاستئناف إنه المادة 27/1، وهي المادة ذاتها التي استندت إليها لجنة الانضباط والأخلاق بخسارة الفريق وهبوط للدرجة الأدنى.

والآن المخالفة ذاتها والعقوبة ذاتها والمادة سوف تستند إليها لجنة الانضباط والأخلاق هي ذات المادة التي تمت العقوبة فيها 27/1 إلا أن هذه المرة سوف يتم شطب النتائج حتى تكون هناك عدالة بالمنافسة لأن فرق الأهداف قد يؤثر على الترتيب في حال تم التأكد من وقوع المخالفة بحسب الوصف القانوني.

لذا وجدت لجنة الانضباط والأخلاق من الحكمة إضافة إلى تقص الحقائق والأسباب الموجبة أن تدرس تفاصيل عدم المشاركة بشكل أوسع، فهل تم الاعتذار من الاتحاد؟ وهل وافق الاتحاد؟ وما مبررات الجزيرة؟ وما المسوغات القانونية لعدم موافقة الاتحاد؟

وعليه لن يصدر أي حكم إلا بناء على معطيات قانونية من طرف الاتحاد ونادي الجزيرة على حد سواء وفي هذا تقرير أن اللجنة دقيقة وصادقة وأن قرارتها بعيدة عن تدخل الاتحاد أو جهة أخرى.

تعليق أخير

قرارات لجنة الانضباط والأخلاق بعقوباتها هذه شكّلتْ مصدات صلبة وقفت في وجه رياح الفوضى العاتية التي كان الكثير يقتات عليها والتي كانت على وشك اقتلاع أدنى أدبيات الانضباط والأخلاق في ملاعبنا وتسطيح العقول وتزييف الوعي الرياضي الجمعي لدى الجمهور، فكان لابد لبث ثقافة الانضباط القانوني والوعي الأخلاقي بين أوساط الجماهير على اختلاف مستوياتها الفكرية والثقافية والنفسية من صياغة آلية قانونية لتحول دون خروجها عن قواعد وقوانين النظام الأساسي للاتحاد السوري والاتحادين الدولي والآسيوي، كما أن قرارات اللجنة أعادت لكثير من المنتسبين إلى الأسرة الكروية الثقة بقدرتهم على أن يجمعوا في نشاطهم بين التميّز الفني والانضباط الأخلاقي دون أن يتسرب لنفوسهم طوارق التناقض.