تذبذب الصرف المتهم الأول.. و0.2% نسبة تعثر المنشآت الصغيرة وتوقعات بزيادتها
دمشق- رامي سلوم
شكّلت المرحلة الأخيرة ضغوطاً متزايدة على القطاع الاقتصادي عموماً والمنشآت الصغيرة والمتوسطة بشكل خاص، بسبب شحّ حوامل الطاقة وزيادة ساعات التقنين الكهربائي من جهة، وتذبذب أسعار الصرف من جهة أخرى، وجنوح السوق نحو ربط التسعير بأرقام تصريف عالية تفوق هيجان السوق السوداء.
وعلى الرغم من مرونة الشركات الصغيرة والمتوسطة، كما وصفها اختصاصيون، غير أنهم أكدوا في الوقت نفسه وجود تأثيرات متفاوتة، محمّلين تذبذب الأسعار وتصرفات السوق العشوائية من امتناع بعض الموردين عن البيع والتغيرات السعرية الكبيرة خلال ساعات، المسؤولية الأكبر عن أي انعكاسات تلحق بالقطاعات الصغيرة، ما قد يؤثر على استقرارها والتزامها بسداد المستحقات التمويلية.
واعتبر المدير التنفيذي لمصرف الإبداع أديب شرف أن تأثير الواقع الحالي على تعثر المنشآت الصغيرة والمتوسطة لا يزيد على 0.2% غير أن النسبة السابقة ليست نهائية لرصد ودراسة السوق والتي تحتاج إلى رصد واقع الشركات الصغيرة والمتوسطة وفق المتغيّرات الجديدة لحوالي ثلاثة أشهر للتمكن من تحديد واقع التأثير عليها، ومدى تعرضها للتعثر، أو قدرتها على مواكبة المتغيّرات، بناءً على نوع نشاط كل شركة.
وتوقع شرف تأثر المنشآت الصغيرة والمتوسطة بواقع الأسواق في حال استمرار المؤثرات الحالية، مشيراً إلى أن تذبذب أسعار الصرف في السوق السوداء ولحاق بعض التّجار والموردين بها، وعدم استقرار أسواق المواد الأولية والمصنّعة سيكون له التأثير الأول والأشدّ على تلك المنشآت، ودخول نسبة منها في التعثر، وعدم قدرتها على تسديد الأقساط التمويلية، مبيناً أن تأمين حوامل الطاقة واضطرار الفعاليات لشرائها من السوق السوداء وبالتالي زيادة تكاليف العملية الإنتاجية، تمّ عكسه مباشرة على أسعار السلع والخدمات التي تقدمها المنشآت الصغيرة، وبالتالي فهي قادرة على مواجهة التغيرات من خلال الزيادة السعرية، ما يعرضها بدورها للمخالفات والغرامات التموينية، كما يفقد منتجاتها مرتفعة السعر ميزة التنافسية.
وأوضح شرف أن الخسائر المباشرة تكون أكثر حدّة نتيجة عدم التمكن من تغيير رأس المال النقدي بالمادي، أي إعادة شراء صاحب المنشأة لكمية البضائع نفسها التي تشكل رأس ماله بالمبالغ التي يحققها من بيع المنتج، بل وصل الأمر في بعض الأحيان لعدم موازاة المردود المالي الإجمالي من التكاليف والأرباح لعملية إعادة شراء السلع وهو ما يؤدي للتأثير البالغ على عمل المنشآت، فضلاً عن تقلص القدرة الشرائية.
وفي السياق نفسه، توقع محللون تداعيات كبيرة على المنشآت الصغيرة والمتوسطة خصوصا الزراعية منها، والتي تبيع إنتاجها في موسمه وفق أسعار معينة، بينما يتطلب إعادة تأهيل العملية الإنتاجية دفع المبالغ المخصّصة وربما أضعافها مجدداً، الأمر الذي لا يمكن تأمينه لتلك الفعاليات التي لا تمتلك أرصدة مليارية في بنوك خارجية وليست قادرة على المناورة بفعل توقيت المواسم، وارتباط مدخلات إنتاجها بسعر الصرف، وكذلك ارتباطها بواقع ندرة المحروقات وزيادة تكاليف الإنتاج والأعمال الزراعية الأخرى مثل الفلاحة وغيرها، وبأسعار المواد من المبيدات والأسمدة، وصولاً لمعدات التوضيب كالصناديق البلاستيكية، وانتهاءً بالنقل، وتوصيل المنتجات إلى الأسواق، واضطرارهم لبيعها خلال فترات زمنية قصيرة كونها سريعة التلف.
وأشار المحللون إلى أن أصحاب تلك المنشآت غالباً ما يحققون دخلاً يسندهم في تأمين مستلزماتهم المعيشية، وأن تعرضهم لهزات كبيرة من شأنه أن يعرّضهم لمشكلات مالية ونقص في السيولة تحدّ من قدرتهم على الإيفاء بالتزاماتهم البنكية والتمويلية، فيما عدا الأقساط الأخرى التي قد تترتب على بعض الأعمال من المواد الأولية وغيرها.
من جانبه، أكد مدير عام هيئة المشاريع الصغيرة إيهاب اسمندر أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة انتقلت بغالبيتها لاستخدام وسائل أكثر استدامة في مجال الطاقة، خاصة وأن استهلاك الطاقة في غالبية المنشآت الصغيرة والمتوسطة قليل نسبياً ويمكن لها تأمينها بالوسائل البديلة.
واعترف اسمندر أن الأسعار في المنشآت الصغيرة ليست رخيصة وتتمكّن من تحقيق الأرباح المطلوبة، خاصة وأن غالبيتها مشروعات تجارية، وبالتالي تعتمد على إضافة أرباح إعادة البيع على السلعة دون الوقوع في عوائق التصنيع والحاجة إلى كميات كبيرة من الطاقة والمواد الأولية والتسويق والترويج الواسع في الأسواق وغيرها من عمليات التوزيع، واستعادة رأس المال.
واعتبر اسمندر أن المنشآت الصغيرة أكثر مرونة في مواجهة الأزمات، ولذلك تعتبر من أهم روافع الاقتصاد في الدولة كما في مختلف دول العالم، التي تعمل جميعها في ظل موجات الكساد التضخمي العالمي ونقص الطاقة في العالم، على تدعيم تلك المنشآت وفتح الأذرع التمويلية لها، لتكون الدافع الأول لاستمرارية العملية الاقتصادية.