ماذا بعد حرب الوثائق بين الجمهوريين والديمقراطيين
تقرير إخباري:
لعبة الوثائق السرية وما يحدث خلفها من مؤامرات يحيكها أفراد الحزبين في الولايات المتحدة الأمريكية، ترسم العديد من إشارات الاستفهام حول ما يسعى إليه كلا الحزبين والنيّات المبيّتة بينهما، فبعد فضيحة الرئيس السابق دونالد ترامب والضجّة التي أثارتها وسائل الإعلام حول الوثائق السرية والملفات المهمة التي وُجدت في منزل ترامب ودعوته للمحاكمة والمثول أمام القضاء، يعود المشهد ذاته ليطول الرئيس الحالي جو بايدن الذي تم العثور على 6 وثائق سرية إضافية أثناء تفتيش منزله في ولاية ديلاوير هذا الأسبوع.
المحامي الخاص ببايدن أقرّ بأن وزارة العدل اعتبرت المواد التي عثرت عليها في المنزل تقع ضمن نطاق تحقيقها، بالإضافة إلى ستة عناصر تتكوّن من وثائق عليها علامات تصنيف، وذلك بعد مدة بحث استمرّت 12 ساعة شملت كل أنحاء المنزل وطالت الملاحظات المكتوبة بخط اليد والملفات والأوراق والمجلّدات والتذكارات ولوائح المهمّات والجداول الزمنية التي تعود إلى عقود.
ومن الغريب في هذه الفضائح المتكرّرة، إعلان كبير الموظفين في البيت الأبيض استقالته، الأمر الذي يزيد من الغرابة والاستهجان لما يحصل في البيت الأميركي الأبيض، وبالمقابل قلّل بايدن من أهمية هذا الحدث واعتبر أن هذه الضجّة الإعلامية لا مبرر لها، وأنه لا يوجد ما يدفع إلى القلق قائلاً: “اسمعوا لقد وجدنا بعض الوثائق التي كانت قد خزّنت في المكان الخطأ وسلّمناها على الفور إلى قسم المحفوظات ووزارة العدل. نحن نتعاون بالكامل ونتطلع إلى حل هذا بسرعة”.
الديمقراطيون الذين هاجموا ترامب واتّهموه وأثاروا الفضائح حوله إلى أن خضع لتحقيق قضائي لاحتفاظه بأكثر من مئة وثيقة سرية في منزله في بالم بيتش في ولاية فلوريدا رغم مغادرته واشنطن عام 2021، واجههم الجمهوريون بالشراسة نفسها وعملت أكثريتهم الضئيلة في مجلس النواب وأطلقت تحقيقاً برلمانياً وطالبت بالحصول على مزيد من المعلومات.
أما وزير العدل ميريك غارلاند فقد أعلن أنه تم تعيين مدّعٍ عام مستقل للتحقيق في قضية الوثائق التي عُثر عليها لدى بايدن، تماماً كما فعل في القضية نفسها التي يواجهها ترامب لتبديد الشكوك بوجود ازدواجية معايير، وذلك خشية من الوقوع في شرك الحزبين المتناحرين على رئاسة الولايات المتحدة الأميركية، علماً أن المصادر المختلفة التي تناولت هذه الفضيحة من إعلاميين ومسؤولين اعتبرت أن هذه الوثائق قديمة منذ أيام باراك أوباما وأنها تتعلق بالسعودية وأوكرانيا والمملكة المتحدة.
عيون الجمهوريين والديمقراطيين مشدودة بحذر إلى وزارة العدل والتحقيقات الجارية، وتنتظر كل ما يتعلق بمحاكمة ترامب وبادين، فالحرب بينهما تحدّدها المحكمة وبراعة كل منها في تجاوز هذه الاتهامات، حيث طلب الرئيس المقبل للجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي، مايك تيرنر، من مديرة الاستخبارات الوطنية، أفرج هينز، مراجعة فورية وتقييماً للأضرار التي تسبّب بها احتفاظ الرئيس بايدن بوثائق مصنّفة على أنها سرية في مكان غير معلن وغير آمن في واشنطن لست سنوات على الأقل، عندما كان نائباً للرئيس الأسبق باراك أوباما.
وتتشعب أزمة “الوثائق السرية” في الولايات المتحدة بشكل متسارع، وتتحوّل إلى أداة في الصراع بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، في وقت تشهد فيه البلاد تورّط رئيسين من الحزبين في هذا الملف.
وبالمحصّلة يبدو أن معركة شدّ الحبال لا تزال مستمرّة بين الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة الأمريكية الديمقراطي الحاكم والجمهوري المعارض، وبين هذا وذاك يعيش المواطن الأمريكي حالة من اليأس من الإجراءات الحكومية الفاشلة في كثير من الملفّات، وخاصة في قضايا الفقر والبطالة وانتشار العنف والجريمة المنظّمة وتفشّي ظاهرة انتشار السلاح على نطاق واسع في المجتمع الأمريكي، الأمر الذي ينبئ بمزيد من الانقسام في المجتمع وينذر بعواقب وخيمة على حالة الاتحاد، وخاصة أن كثيراً من المراقبين حذّر من نشوب حرب أهلية في الولايات المتحدة الأمريكية.
ميادة حسن