ضمن مخطّط استيطاني للاستيلاء على 60 % من مساحة الضفة.. الاحتلال يستهدف “الخان الأحمر”
الأرض المحتلة – تقارير:
تتواصل الدعوات التحريضية الصادرة عن حكومة اليمين المتطرّف في كيان الاحتلال الإسرائيلي، لتهجير الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم وتوسيع الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكانت قرية الخان الأحمر التي تقع شرق مدينة القدس المحتلة، ضحية محاولة جديدة لتهجير أهلها قسراً، وهي ليست المرة الأولى التي تحاول فيها سلطات الاحتلال تدمير القرية، لتنفيذ مخططها الاستيطاني الرامي إلى تدمير 45 قرية، ما يهدّد بتشريد أكثر من 5 آلاف فلسطيني للاستيلاء على أكثر من 60 بالمئة من مساحة الضفة الغربية المحتلة.
وكانت وسائل إعلامٍ إسرائيلية أعلنت عن مخطّطٍ لوزير ما يسمّى الأمن القومي الإسرائيلي المتطرّف إيتمار بن غفير وأعضاءٍ في الكنيست من حزب “الليكود” اليميني لاقتحام قرية الخان الأحمر بهدف دفع سلطات الاحتلال للعمل على إِخلائها وهدمها.
وردّاً على ذلك، ذكرت وسائل إعلام فلسطينية، أن مئات الفلسطينيين شاركوا في وقفةٍ دعت إليها القوى الوطنية الفلسطينية في القرية، وردّدوا هتافاتٍ تؤكد تشبّثهم بأرضهم، ورفضهم تهديدات الاحتلال بهدم منازل القرية وتهجير أهلها.
وأدانت خارجية السلطة الفلسطينية، حملة التحريض البشعة التي يقوم بها وزراء إسرائيليون وأعضاء كنيست لهدم القرية، بما في ذلك الدعوات لاقتحامها والاعتداء على أهلها، مشدّدةً على أن الخان الأحمر أرض فلسطينية، في حين أن الاستيطان باطل وغير شرعي حسب القانون الدولي.
وطالبت خارجية السلطة، المجتمع الدولي بوقف مخططات الاحتلال لهدم الخان الأحمر واتخاذ ما يلزم من إجراءات لضمان عدم تنفيذها، موضحةً أن هذا المخطط القديم الجديد استعماري عنصري، يهدف إلى تنفيذ عمليات استيطان ضخمة في المنطقة الممتدة من القدس حتى البحر الميت، لفصل القدس تماماً عن باقي محيطها الفلسطيني وإغراقها بالمزيد من التجمعات الاستيطانية الضخمة.
من جانبه، قال رئيس مجلس القرية عيد جهالين: إن الوزير في حكومة الاحتلال إيتمار بن غفير وعدداً من أعضاء كنيست الاحتلال يعتزمون اقتحام القرية اليوم ونظّمنا الوقفة للتصدّي لهم وحمايتها، وأضاف: “نحن باقون في أرضنا وهذا حقنا.. لن نذهب إلى أي مكان ولن نسمح للاحتلال باقتلاعنا من جذورنا”.
من جانبه، أشار رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان، أن الاحتلال يخطّط بعد تهجير الخان الأحمر لهدم 45 قرية فلسطينية يقطنها الآلاف، وتمتدّ من شرق القدس حتى منطقة البحر الميت، لاستكمال محاصرة القدس من الجهة الشرقية، واقتلاع الوجود الفلسطيني، وفصل المدينة عن منطقة الأغوار والبحر الميت.
وأضاف شعبان: إن الفعاليات الوطنية والشعبية شاركت اليوم في الوقفة التي نظّمتها الهيئة على أرض الخان الأحمر، للتصدّي لمخططات الاحتلال الإسرائيلي لتهجير أهالي القرية التي تحيط بها المستوطنات، داعياً أبناء الشعب الفلسطيني بكل قواه إلى مساندة أهالي الخان الأحمر كما حدث سابقاً في معركتهم ضد الاحتلال.
من جهته، لفت مدير مركز القدس الدولي حسن خاطر، إلى أن الشعب الفلسطيني أحبط خلال السنوات الماضية كل محاولات الاحتلال لهدم القرية التي تشكّل حجر عثرة أمام مخططاته الاستيطانية، مبيّناً أن الخان الأحمر تمثل الحلقة الأولى ضمن مخطط تهويدي لإقامة تكتل استيطاني يمتد من شرق القدس حتى أريحا.
وفي القدس المحتلة أيضاً، اقتحم أكثر من مئتي مستوطن إسرائيلي المسجد الأقصى المبارك من جهة باب المغاربة، ونفّذوا جولاتٍ استفزازية في باحاته، بحراسةٍ مشدّدةٍ من قوات الاحتلال التي فرضت قيوداً على دخول المصلين الفلسطينيين الوافدين للمسجد من القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.
وفي بلدة العيسوية القريبة من الخان الأحمر، هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزلاً في البلدة التي تقع شمال شرق مدينة القدس المحتلة، بعد أنّ اقتحمت المنطقة الشرقية من البلدة بعدد من الجرافات، كما اقتلعت أشتال زيتون وحمضيات في محيطه.
في الأثناء، اقتحمت قوات الاحتلال عدة أحياء في مدينتي نابلس وجنين ومخيمات الجلزون في رام الله وعايدة والدهيشة في بيت لحم ونور شمس في طولكرم وبلدتي دورا وإذنا في الخليل، واعتقلت أربعة عشر فلسطينياً، بينهم طفل.
إلى ذلك، وفي ملف الأسرى الفلسطينيين، أعلن أسرى حركة “الجهاد الإسلامي” في فلسطين، الاستنفار العام في كل سجون الاحتلال الإسرائيلي والاستعداد لتنفيذ خطواتٍ احتجاجية، في ظلّ اتباع إدارة السجون هناك سياسة ممنهجة في “الإهمال الطبي المتعمّد”.
وجاء قرار أسرى الجهاد، رداً على قرار نقل الأسير القائد زيد بسيسي رئيس الهيئة القيادية العليا لأسرى الجهاد من سجن إيشل إلى سجن جلبوع.
وأبلغ الأسرى، إدارة السجون لدى الاحتلال أنّه وفي حال نفّذت القرار، سيتم اتخاذ خطواتٍ احتجاجية، علماً أنّ هذه الخطوة تأتي بعد يوم من نقل70 أسيراً من سجن رامون إلى سجن جلبوع، ونحو أسبوعٍ من عملية قمع تعرّض لها عضو الهيئة القيادية العليا لأسرى الجهاد عبد عبيد، إذ جرى نقله من سجن مجدو إلى سجن جلبوع.
من جانبه، أكّد مدير مركز فلسطين لدراسات الأسرى رياض الأشقر، أنّ “التنقلات المستمرة التي تنفّذها إدارة السجون بتوجيهات من الاستخبارات العسكرية ممنهجة، تهدف إلى إرباك الواقع الاعتقالي، وإضعاف تصدّي الأسرى لمخططات بن غفير”.
وأوضح الأشقر في بيانٍ أنّ إدارة السجن نفّذت خلال الأسابيع الأخيرة حملةَ تنقلاتٍ واسعة بين الأسرى، ليصل عدد الأسرى الذين جرى نقلهم منذ بداية العام حتى الآن (220) أسيراً، من سجون (هداريم، ومجدو، وريمون).
وفي وقتٍ سابق، حذّرت هيئة شؤون الأسرى والمحرّرين الفلسطينيين من منح “مساحة وصلاحيات للمتطرّف الصهيوني، بن غفير، الذي يرغب في تسجيل حقبة دامية بحق الشعب الفلسطيني ومناضليه داخل السجون والمعتقلات”.
دولياً، أدانت منظّمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية، قمع سلطات الاحتلال الإسرائيلي الشديد للفلسطينيين، مشيرةً إلى أنه “يشكّل جريمتين ضدّ الإنسانية، متمثلتين في الفصل العنصري “الأبارتهايد” والاضطهاد”، وقالت: إنّ تعليمات الاحتلال الإسرائيلي الجديدة بشأن دخول الأجانب إلى الضفة الغربية المحتلة، تهدّد بمفاقمة فصل الفلسطينيين عن أحبائهم وعن المجتمع المدني العالمي.
وأوضحت المنظمة في تقرير، أنّ “التعليمات هذه، التي دخلت حيّز التنفيذ في تشرين الأول 2022، وعُدِّلت في كانون الأول 2022، تحدّد إجراءاتٍ تفصيلية لدخول الأجانب إلى الضفة الغربية وإقامتهم فيها”، وهي عملية تختلف عن إجراءات الدخول إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأضاف التقرير: إنّ الاحتلال الإسرائيلي طالما صعّب على الأجانب التدريس، أو الدراسة، أو التطوّع، أو العمل، أو العيش في الضفة الغربية، مشيراً إلى أنّ التعليمات الجديدة “تقونن القيود المفروضة منذ أمد طويل وتشدّدها”.
وتابع: إنّ هذه التعليمات، كذلك، “قد تجعل الأمر أكثر صعوبة على الفلسطينيين في الضفة الغربية، الذين يواجهون أصلاً قيوداً إسرائيلية صارمة على التنقل، في سعيهم إلى لقاء أفراد عائلاتهم الذين لا يملكون بطاقة هوية الضفة الغربية وتعاملهم مع الطلاب، والأكاديميين، والخبراء الأجانب، وغيرهم”.
وأوضح نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في “هيومن رايتس ووتش” إريك غولدستين، أنّ “إسرائيل تزيد صعوبة قضاء الوقت في الضفة الغربية، وهي بذلك تتخذ المزيد من الخطوات لتجعل الضفة الغربية مثل غزة، حيث يعيش 2 مليون فلسطيني فعلياً في عزلة عن العالم الخارجي منذ أكثر من 15 عاماً”.
وشدّد غولدستين، على أنّ هذه السياسة “صُمّمت لإضعاف الروابط الاجتماعية، والثقافية، والفكرية التي يحاول الفلسطينيون الحفاظ عليها مع العالم الخارجي”، مؤكّداً أن “لا شأن لجيش الاحتلال بتحديد الأكاديميين المؤهّلين للتدريس في الجامعات الفلسطينية، أو بمنع الحقوقيين من التفاعل مع السكان المحتلين، أو تشتيت العائلات بقسوة”.
وذكر تقرير “هيومن رايتس ووتش” أنّ “السياسة الإسرائيلية هذه في الضفة، تعمّق الفصل بين الفلسطينيين عبر مناطق مختلفة، وتعزّز السيطرة الإسرائيلية على حياة الفلسطينيين”، مضيفاً: إنّ قمع سلطات الاحتلال الإسرائيلي الشديد للفلسطينيين، “يشكّل جريمتين ضدّ الإنسانية، متمثلتين في الفصل العنصري والاضطهاد”.