محافظة ريف دمشق تنفض غبار الحرب وتعيد ترتيب أوراق العمل الخدمي والتنموي أبو سعدى لـ “البعث الأسبوعية”: كل مجلس محلي ليس لديه نفقات على الباب الاستثماري مجلس فاشل
“البعث الأسبوعية” ــ علي حسون
تشهد محافظة ريف دمشق نشاطاً ملحوظاً على مستوى إعادة ترتيب أوراق العمل من خلال رسم الخطط المستقبلية للنهوض بالواقعين الخدمي والتنموي، وذلك بعد أن استطاعت بصمود أهلها الشرفاء نفض غبار الحرب وحجز تذكرة في قطار الإنجازات، وها هي الغوطة تزهر من جديد، وها هي مصفوفة الحراك الإداري والخدمي تقلع في كافة المديريات والمؤسسات والهيئات، فالمحافظة التي سجلت انتصارها على الإرهاب بدم الشهداء من أبنائها وبواسل الجيش انتصارها على الإرهاب، تتطلع لعملية إعادة الإعمار وكلها ثقة وأمل بالقدرة على تسجيل انتصار ثان، والانطلاق في مرحلة التعافي لا سيما مع بدء عودة المهجرين إلى مناطقهم وهو ما يشهد اليوم زخما ملحوظا.. وتحت هذه العناوين كان لـ “البعث الأسبوعية” لقاء مع السيد محافظ ريف دمشق المحامي صفوان أبو سعدى.
الشريحة الأنبل
شريحة ذوي الشهداء والجرحى وضعها المحافظ أبو سعدى على رأس قائمة الأولويات كونها الشريحة الأنبل، مبيناً أنه تم إعادة تشكيل المكاتب المختصة وتفعيل لجان المتابعة في المجالس المحلية ورصد موازنات لتلك المكاتب من أجل تسهيل حركة القائمين على هذا الموضوع.
إحداث مديريات ومركز مدينة دوما
وفي إطار الحرص على الارتقاء بسوية العمل ورفع وتيرته وحل الإشكاليات والانتهاء من التراكمات في عمل بعض المديريات، كشف المحافظ أبو سعدى عن مقترح بإحداث مدينة مركز مدينة “بدوما” ونقل مؤسسات خدمية لتخفيف أعباء تنقل المواطنين وتيسير معاملاتهم في المحافظة، ما سينعكس إيجاباً على المنطقة من ناحية التنمية بكافة وانبها “الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وأوضح أبو سعدى أنه تم إحداث مديرية الخدمات العامة على مستوى المحافظة بعد فصل مديرية دعم القرار عن مديرية المعلوماتية، إضافة إلى إحداث مديرية الهندسة المرورية ورفدها بالكوادر المؤهلة علماً أنها لم تكن موجودة سابقاً، وتقوم حالياً بعمل ما هو متعلق بقضايا المرفق وخاصة متابعة قطاع النقل، مع تنفيذ خطة عمل مشترك مع شركة المحروقات، والانتهاء بشكل تدريجي من تركيب وتفعيل وتتبع منظومة وسائل النقل “GPS”، على كافة خطوط المحافظة، ووضع التسعيرة المناسبة لكل خط. كما أحدثت دائرة تنفيذ التخطيط العمراني مهمتها تقديم المشورة الفنية لكافة المجالس المحلية حول قانون 23 المتعلق بالتنظيم العمراني لاسيما أنه قانون تنموي بامتياز، وفق كلام المحافظ.
إنجاز التراكمات السابقة
ولم يقف تحرك المحافظة عند إحداث المديريات، إذ صدرت قرارات تنظيمية لتكون دليل عمل اللجنة الفنية الإقليمية ورسم مخطط صندوقي لكافة البلديات والالتزام به. وبين المحافظ أنه تم إنجاز كل ما هو متراكم عن أعوام 2019 و2020 و2021. كما تم إحداث دوائر للخدمات الفنية بكافة المناطق من أجل تنفيذ الخطط والمساعدة بالعمل الطبوغرافي وأعمال التحديد والتحرير والطلب من دائرة التخطيط العمراني إنجاز المخططات التنظيمية رقمياً “أتمتة ” من أجل تدارك الخطأ قبل وقوعه، إضافة إلى تطبيق نظام المعلومات الجغرافي “GAS” للمخططات.
وفي هذا السياق، تطرق أبو سعدى إلى ما أنجزته المحافظة بإحداث 8 مراكز منتشرة في
أرجاء المحافظة لتقديم خدمات مهمة للمواطنين، لافتاً إلى أنه تم التواصل مع وزارة الاتصالات من أجل التوجه الفعلي نحو الحكومة الرقمية وتقديم الخدمة عبر الموقع الالكتروني “الويب سايت”.
منع المخالفات ولجان مركزية
ولم يخرج ملف المخالفات من حسابات المحافظة، إذ شدد المحافظ على تطبيق القانون 40، حيث تم تشكيل لجان مركزية بكافة المناطق لمؤازرة الوحدات الإدارية ومنع حدوث اي مخالفة، علماً أن نسبة الانتهاء من المخالفات وصلت إلى 80%، معتبراً أن نسبة 20% هي المخالفات المندرجة تحت بند التسويات ومعالجتها، والتي كان ضحيتها المواطن الذي قام بشراء منزل مرخص بلدياً ولكن مخالف للنظام العام، وقد أصدرنا تعميماً يقضي بوضع إشارة منع تصرف بالبناء مع دراسة شاملة للمعالجة بما يحفظ حقوق الدولة والمواطن غير المعني بالمخالفة.
نقل صلاحيات تطبيقاً للامراكزية
اللامركزية الوطنية الواردة بقانون 107 بدا العمل بها واضحاً في كلام المحافظ الذي أشار إلى إجراءات المحافظة من خلال التدرج بنقل صلاحيات للبلديات والمكتب التنفيذي وآخرها العمل على نقل صلاحيات الموارد المائية بما يتعلق بشركات الصرف الصحي إلى المكتب التنفيذي بالمحافظة.
المجتمع المحلي والتشبيك
ونحن نقلب أوراق عمل المحافظة، لابد أن نعرج على دور المجتمع المحلي لاسيما أن محافظة ريف دمشق من المحافظات المتميزة بالمشاركات الأهلية والمبادرات النوعية التي ساهمت في إعادة الأعمار.
المحافظ أبو سعدى أشاد بتفاعل تلك المبادرات مع العمل الحكومي كونه عملا نبيلا يقوم به المجتمع المحلي على امتداد ريف دمشق، إذ لعب المجتمع المحلي دوراً مميزاً من خلال التشبيك مع المحافظة وتنظيم تلك المبادرات وإظهارها بالشكل المناسب من قبل المحافظة وفق العمل بالقانون 37 .
تنسيق اجتماعي خيري روحي
وفي ظل ما يراه أبناء المحافظة من جوانب تقصير لدى بعض الفعاليات والمنظمات الشعبية ومفاصل في الحزب تجاه تقديم المبادرات والمساهمات الفاعلة على الأرض، برز دور المؤسسات الدينية في كافة أرجاء المحافظة، إذ نوه المحافظ أبو سعدى بدور المؤسسات الدينية التي عكست صورة المحبة والتآخي والعيش المشترك في سورية عامة، وريف دمشق خاصة، من خلال التماسك والتعاون والقيام بتنسيق العمل الاجتماعي والخيري والروحي بما انعكس على أبناء المجتمع، مشيراً إلى زيارة غبطة البطريرك يوحنّا العاشر المباركة إلى جامع بلودان والتي تركت أثراً طيباً في نفوس أبناء المحافظة.
تأهيل لإنجاح خيارات الحزب
وحول ما جرى من حديث عن مخرجات انتخابات المجالس المحلية والتشكيك بالخيارات الحزبية في بعض المناطق، اكتفى أبو سعدى بالقول إن المحافظة عملت على تأهيل المنتخبين وتدريبهم ضمن تلك المجالس، وذلك من أجل إنجاح خيارات الحزب بإعداد الأطر القيادية في الإدارة والحزب، موضحاً أن المحافظة أجرت خلال الفترة السابقة دورات تدريبية لرؤساء المجالس المنتخبين ضمن برنامج صدر عن وزارة الإدارة المحلية والبيئة والمحافظة حول قانون 107 وقانون التخطيط العمراني وقانون نظام العقود وقانون شؤون العاملين، وقد أضافت المحافظة على الدورات قانون 23 للتنظيم العمراني.
كسب ثقة المواطن
ورغم الجهود المبذولة على صعيد تأهيل المجالس المحلية من خلال دورات التأهيل لم ترتق الوحدات الإدارية بعملها إلى مكان يرضي المواطن من خلال تقديم أفضل الخدمات، ليعتبر أبو سعدى أن المواطن هو البوصلة الحقيقية في نجاح أي عمل، مشدداً على أهمية كسب ثقة المواطن، وخاصة أن كل ما يحتاجه هو الصدق في التعامل معه وتخفيف الأعباء والتكاليف عنه.
ويرى أبو سعدى أن رئيس المجلس المحلي هو بمكانة الميزان الذي يحقق التوازن ما بين قيادته وأبناء وطنه في الجغرافية التي ينتمي إليها لتحقيق مصلحة الوطن والمواطن بآن معا. لاسيما أن القانون 107 أعطى المجالس المحلية صلاحية كبيرة لممارسة المسؤوليات والمهمات، فهي اليوم بمثابة حكومات محلية بصلاحيات واسعة بحكم القانون الناظم، على أن تتم ممارسة هذه الصلاحيات بشكل صحيح وبالتعاون مع لجان الأحياء والتي هي ركن أساسي من عمل المجالس المحلية، وهما ضمن فريق عمل واحد وهدفهما مشترك في تحقيق التنمية المنشودة والارتقاء بمستوى الخدمات ضمن نطاق البلدية أو البلدة أو المدينة، موضحاً أن كل مجلس محلي ليس لديه نفقات على الباب الثالث الاستثماري هو مجلس فاشل، ويجب على الجميع أن يعي هذه الحقيقة، وأن يعملوا على زيادة الإيرادات لإقامة المشاريع مضيفا أن الإيرادات لا تأتي فقط من الرسوم والقانون المالي بل بتفيعل تطبيق القانون ٢٣ المتعلق بتنفيذ التنظيم وتملك المقاسم الشعبية والمرافق العامة من طرقات وحدائق – إحداث أسواق متنوعة ومراكز وأنشطة مجتمعية متنوعة.
وأشار أبو سعدى إلى تشجيع التحول للطاقة البديلة والاستفادة من الخبرات والتجارب وكذلك من البيئة التشريعية المحفزة التي توفرها الدولة لإقامة هذه المشاريع، مؤكداً على دور المجالس في موضوع تفعيل لجان منع ومكافحة الحرائق وحماية المنشآت والأملاك العامة وحماية شبكات وامراس الهاتف والكهرباء وضبط المخالفات بمختلف أنواعها.
ولم يغفل أبو سعدى أهمية تأمين الخبز للمواطن بالشكل الأمثل وبالجودة الممتازة، وذلك عن طريق توطين الخبز لدى المعتمدين أصحاب المحال التجارية واستبدال المعتمد غير الجيد بذي السمعة الطيبة، علماً أن المحافظة بدأت بمعالجة هذا الملف لإنصاف الأهالي.
مديرية مشتركة بين دمشق وريفها
التداخلات الإدارية والتنظيمية ما بين محافظتي ريف دمشق ودمشق كان لها نصيب من حديث المحافظ أبو سعدى الذي كشف عن مقترح لتشكيل مديرية مشتركة بين المحافظتين يكون اختصاصها حل كافة التداخلات بما يتعلق بالنقل والتنظيم العمراني وأسواق الهال وإحداث الضواحي، مشيداً بالتعاون والتنسيق الدائمين مع المعنيين في محافظة دمشق، من خلال عقد الاجتماعات الدورية، ومناقشة كافة القضايا العالقة لإيجاد الحلول المناسبة للمحافظتين.
مستقبل مبشر للريف
وبشر المحافظ أبو سعدى أبناء المحافظة بمستقبل أفضل في الأشهر القادمة على كافة القطاعات وخاصة القطاع الزراعي الذي يشكل القاطرة الأساسية لعملية التنمية الشاملة، موضحاُ أن المحافظة أولت القطاع الزراعي الاهتمام الكبير من خلال تخصيص وحدات التبريد بالمحروقات وتأمين تسويق المحاصيل من الفلاحين وبأسعار مناسبة، إضافة إلى تأمين مستلزمات زراعة القمح والشعير من محروقات وبذار ومعدات وتقديك التسهيلات للفلاحين وتوزيع الأسمدة، مع القيام بحملات تشجير على نطاق واسع وتأمين غراس للوحدات الإدارية بشكل مجاني ليتم زرعها والحفاظ على المساحات الخضراء، مبيناً أنه تم تقديم غراس بكافة الأصناف للأشجار المثمرة عن طريق مديرية الزراعة للفلاحين، علماً أن اجتماعات اللجنة الزراعية الفرعية مستمرة لمناقشة كافة القضايا وحل الإشكاليات وتذليل الصعوبات أمام الفلاح.
خارطة تربوية
وعلى مستوى القطاع التربوي أكد المحافظ على ضرورة متابعة عملية صيانة المدارس وتأهيلها، كأولوية مع الطلب من لجنة الخارطة المدرسية وضع خارطة توضح توزع المدارس وأنواعها والأبنية التي تحتاج إلى ترميم مع تحديد نوع الترميم إن كان جزئيا أو كاملا، إضافة إلى دراسة الكادر البشري في المديرية والمؤهلات العلمية، مشدداً على أهمية لحظ ملاعب وفسحات ومسارح ضمن الأبنية المدرسية التي ستتم إشادتها.
عودة الأهالي
وكانت محافظة ريف دمشق شهدت مؤخراً عودة أهالي عين الفيجة إلى منازلهم وأراضيهم بعد تهجيرهم منها لسنوات بسبب الإرهاب، إذ استنفرت جميع مديريات المحافظة لتقديم المستلزمات الكفيلة بتحقيق الاستقرار للأهالي العائدين إلى منازلهم.
ولفت المحافظ أبو سعدى إلى أهمية القانون 1 القاضي بإنشاء حرم حول نبع الفيجة وتنظيم عملية استجرار المياه إلى دمشق من خلال الحرم المباشر والحرم غير المباشر، واستملاك العقارات وأجزاء العقارات الواقعة ضمن الحرم المباشر وفق المخططات المرفقة بالقانون، ووفق تعويض معادل للقيمة الحقيقية للملكية، مشيداً بالجهود المبذولة من المجتمع المحلي في الريف، والذي يمتاز بالكرم وتقديم يد العون لمؤسسات الدولة في جميع المجالات.
وكشف المحافظ عن إعادة البنى التحتية لمنطقة الحجر الأسود تمهيداً لعودة بقية الأهالي لمنازلهم بعد أن عاد جزء منهم، مشيراً إلى أن نسبة التدمير في المنطقة كبيرة جداً، موضحاً أن المحافظة وبالتنسيق مع الوزارات المعنية تقوم بتأهيل الشبكات الكهربائية والمائية والصرف الصحي وتقديم التسهيلات كافة لعودة الأهالي.