“حماية المستهلك” تتصدى للغط “تحرير الأسعار”.. تخفيضها مرتبط بالتكاليف الحقيقية
دمشق- رامي سلوم
استغرب مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك نضال مقصود ما سمّاه “باللغط” الحاصل حول تعميم الوزارة الأخير الخاص بتداول الفواتير النظامية بدءاً من المورّد إلى تاجر الجملة وحتى منافذ البيع للمستهلك، وتوجّه محللين وتجار ووسائل إعلام إلى طرح موضوع التعميم على أنه تحرير للأسعار، وما رافق ذلك من تحليلات وتكهنات لا تمتّ للواقع بصلة.
وأوضح مقصود أن ما صدر يشير إلى عدم معرفة حقيقية بواقع عمل الوزارة، وواقع تسعير المواد، لافتاً إلى أن التعميم يؤكد على تداول الفواتير النظامية، حيث تقبل الفواتير المقدّمة إلى هيئة الضرائب والرسوم بوصفها بنود التكلفة الحقيقية والتي يضاف إليها هامش الأرباح النظامية، وهي الطريقة المتبعة في تصدير النشرات السعرية نفسها.
وبيّن مقصود أن قرار ما يُسمّى بتحرير الأسعار أو الانتقال إلى السوق الحر ليس من صلاحية الوزارة، وأن الوزارة ملتزمة بالقانون 37 لعام 2010، ولا يمكنها تجاوزه في أي حال من الأحوال، والذي يؤكد على دور الوزارة في العمل على تدفق المواد في الأسواق وعدم انقطاعها، محدداً نظماً وبنوداً واضحة لآلية التسعير لا يمكن تجاوزها، مشيراً إلى أن سرعة تغيّر الأسواق وأسعار المنتجات عالمياً بفعل التضخم العالمي وتكلفة الشحن وغيرها، يرتب زيادات على التكلفة الحقيقية لبعض المواد، وهو ما يضطر التجار إلى عدم طرح المواد في الأسواق بانتظار اجتماع التسعير الأسبوعي لتقديم الفواتير الجديدة وبنود التكلفة الحالية، ما قد يؤثر على تدفق المواد ووصولها للمواطنين، ما دفع الوزارة إلى العمل بالتعميم الجديد، ودعم انسياب المواد إلى الأسواق من التجار بالأسعار الحقيقية من دون تعريضهم للمساءلة.
حماية المستهلك
وأكد مقصود أن دوريات حماية المستهلك تتأكد من مطابقة الفواتير مع الأسعار المعلنة، وعدم السماح باستخدام الفهم الخاطئ للتعميم في تضليل المستهلكين وعرض أسعار غير واقعية، لافتاً إلى أن الوزارة تتأكد بجدية من صحة الفواتير المقدمة، ودقتها، محذراً من محاولة التلاعب بالفواتير وعرض فواتير وهمية أو مزورة ما يعرّض صاحبها للمساءلة القانونية.
النشرة السعرية
ونفى مقصود توقيف النشرة السعرية الأسبوعية المستمرة في الصدور أسبوعياً، غير أنها في الوقت نفسه تعمل على تسعير نحو 12 مادة أساسية، بينما تعامل المواد الأخرى بالطريقة نفسها التي صدرت في التعميم، مشيراً إلى أن التعميم يشمل المواد الأساسية أيضاً في حال حصول أية تعديلات على أسعارها ووصول توريدات جديدة بكلف جديدة للتجار، ريثما يتمّ التعامل معها في النشرة السعرية اللاحقة وفق بنود التكاليف المرعية.
وأشار مقصود إلى أن لجنة الأسعار تضمّ الوزارة والجمارك والمالية والتجار والصناعيين، وتصدر بناء على معطياتهم الحقيقية، غير أن الوزارة حرصت على المرونة في التعامل مع التوريدات الجديدة وأسعارها المتغيرة، لعدم فقد المواد من الأسواق وتطبيق القانون على المحتكرين بعدالة، بمعنى عدم دفع التجار للاحتكار لعدم واقعية الأسعار بالنسبة للتكاليف الحقيقية، مؤكداً اتخاذ عقوبات رادعة بحق المحتكرين ومن يساهمون في اختلال الأسواق أو الدفع لزيادة الأسعار من خلال خلق نقص وهميّ في معروض السلع.
سعر الصرف
وحول تعرّض التجار لخسائر في رأس المال بفعل تذبذب أسعار الصرف وإمكانية ارتفاعها بعد ساعات من إدخال المواد إلى الدولة، ودفع رسومها والحصول على الفواتير النظامية، بيّن مقصود أن الوزارة تعتمد الفواتير النظامية وفقاً للقانون 37، ولا وجود لأية بنود قانونية خارجة عن الفواتير النظامية التي سدّد التجار قيمتها، وهذا في الوقت الذي يؤكد فيه تجار أن تغيّر سعر الصرف وتمسّك الوزارة بالفواتير يعرضهم لخسائر في رأس المال، فحاصل بيع كمية معينة من أي مادة قد لا يؤمن واردات مالية لإعادة توريد الكمية نفسها من المادة في حال زيادة سعر الصرف أو أية ارتفاعات جديدة في أسعار السلع العالمية، خاصة وأن تلك الارتفاعات شبه يومية في الوقت الحالي ما يدفعهم للمخالفة.
وأوضح التجار الذين التقيناهم أن رأسمال التاجر هو بضاعته، فعلى سبيل المثال فإن الواردات المالية من بيع كمية 1 طن من الأرز يجب أن تمكن صاحبها من توريد وإعادة شراء 1 طن من المادة بعد بيعها، والحصول على الأرباح المقررة، وهو الأمر الذي نادراً ما يحصل بتلك الانسيابية في ظل الواقع الحالي.
وكانت الوزارة قد أعلنت عن خطة لإعفاء عدد من المواد من الرسوم الحكومية المتنوعة بغية توصيلها للأسواق بأسعار أقل، وبقائها في متناول كافة الشرائح.
غير واقعي
هذا وكشف مصدر في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لـ”البعث” أن تخفيض الأسعار في ظل الظروف الحالية يعدّ أمراً غير واقعي، وأن الوزارة تعمل على تكثيف الدوريات وضبط المخالفات وردعها حرصاً على عدم حصول تجاوزات كبيرة، غير أن واقع الأسعار العالمية وسعر صرف الدولار وغيرها مؤثر حقيقي على الأسعار والتي لا يمكن تخفيضها بناء على النوايا بل على الوقائع الاقتصادية غير الملائمة.
وأشار المصدر إلى أن تقلص القدرة الشرائية للدخل هو واقع عالمي، وأن الكساد التضخمي هو السمة الأساسية للاقتصاد العالمي حالياً، وتداخل المواد المستوردة في المنتجات المحلية يرفع أسعارها، وأن هذا الأمر خارج عن إرادة الوزارة وقدرتها، حتى من خلال مؤسّسات التدخل الإيجابي التي قد تستطيع تخفيض الأسعار للمستهلك بقيمة تصل إلى 10% أو أكثر قليلاً حسب نوع السلعة تبعاً لقبولها بأرباح أقل من السوق.