السفير صباغ: سلوك واشنطن الهدام أوصل ملايين السوريين إلى انعدام الأمن والاستقرار
نيويورك- سانا
أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير بسام صباغ، أن السياسات الأمريكية الخاطئة في العالم ومنطقتنا، وفي سورية خصوصاً، أدّت إلى زعزعة الأمن والاستقرار فيها، وتدمير المنجزات التنموية التي تحققت على مدى عقود، مشدّداً على أن سلوك واشنطن الهدام هو الذي أوصل ملايين السوريين إلى حالة انعدام الأمن والاستقرار، وحوّل جزءاً كبيراً منهم إلى لاجئين ونازحين، وأفقدهم الأمن الغذائي.
وأوضح صباغ خلال جلسة لمجلس الأمن اليوم حول الشأنين السياسي والإنساني في سورية، أن إصرار بعض الدول على نمط المناقشات المتكرّرة للمجلس في كل شهر حول سورية، دون وجود أي تطوّرات تستدعي ذلك، يؤكد عدم اكتراثها بالحفاظ على وقت المجلس وموارده والحاجة إلى تكريسهما لخدمة وظيفته في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، بل حرصها على استغلاله لتكرار حملات الكذب والتضليل ضد سورية، وتوجيه اتهامات لا أساس لها.
وقال صباغ: بين انقضاء عام 2022 الذي شهد فيه الشعب السوري أزماتٍ إنسانية صعبة ومتعدّدة الأوجه، ودخول عام 2023 الذي يفتح الباب أمام البحث عن حلول لها، وإيجاد السبل المناسبة للتخفيف منها، يجدر النظر بالأسباب التي أوصلت السوريين إلى هذا الوضع الإنساني الصعب، وأدّت إلى تفاقمه واستمراره، مشيراً إلى أن السياسات الخاطئة التي اتبعتها الولايات المتحدة في العالم ومنطقتنا عموماً، وفي سورية خصوصاً، أدّت إلى زعزعة الأمن والاستقرار فيها، وإلى تدمير المنجزات التنموية التي تحققت على مدى عقود.
وبيّن صباغ أن سياسة (الفوضى الخلاقة) التي تبنّتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة في منطقتنا، وفي سورية التي تشكّل جزءاً مهمّاً منها، عملت على افتعال المشكلات وتضخيمها لإشعال التوترات، ومن ثم النزاعات بما في ذلك عبر إنفاق مئات ملايين الدولارات على جهات إعلامية مشبوهة لتضليل الرأي العام وتشويه صورة الدولة السورية، لافتاً إلى أن هذه السياسة الخبيثة تسبّبت بهدم وتدمير كل ما تم تحقيقه من إنجازات على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبروز تنظيمات إرهابية في مقدّمتها “داعش” و”جبهة النصرة” الإرهابيان، وخلق هياكل ضارة وأطر غريبة عن المجتمع السوري، هدفها الوحيد خدمة المصالح الجيوسياسية الأنانية للولايات المتحدة وحلفائها.
وأشار صباغ إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها في الناتو اخترعوا ذرائع مختلفة للتدخل مباشرة في سورية، حيث تلاعبوا بنصوص القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة لتبرير وجودهم العسكري غير الشرعي على الأراضي السورية، الأمر الذي ساهم بشكل كبير في تهديد سلامة الأراضي السورية ووحدتها وسرقة موارد الشعب السوري وثرواته، وفي مقدمتها النفط والغاز والقمح، التي تتجاوز قيمتها أكثر من 100 مليار دولار.
وأكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن توفير الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين الحماية لـ(إسرائيل) مكّنها من استمرار احتلالها للجولان السوري منذ عام 1967، ومنع المجلس من تحمّل مسؤولياته حيال الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية والمرافق الحيوية فيها، التي كان أحدثها الاعتداء على مطار دمشق الدولي مطلع العام الجاري، الذي أدّى إلى وقوع شهداء وإصابات وخسائر مادية وخروج المطار من الخدمة.
وأوضح صباغ أنه بالتوازي مع ذلك، عمدت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون إلى فرض إجراءات قسرية أحادية غير شرعية على سورية، فاقمت معاناة شعبها، إضافة إلى استهداف واشنطن مجدّداً القطاع الصحي الذي يقدّم الرعاية الصحية لملايين المواطنين، بما فيه مشافي الأطفال التخصصية عبر قيام ما يسمّى مكتب الصناعة والأمن التابع لوزارة التجارة الأمريكية بفرض قيود على بيع التجهيزات أو تقديم الخدمات أو الدعم أو قطع الغيار لعدد كبير من المشافي السورية العامة والخاصة، الأمر الذي يعرّض حياة ملايين السوريين للخطر، بينما يدّعي الوفد الأمريكي وآخرون أن هذه الإجراءات لا تطول المجال الصحي.
ولفت صباغ إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين لم يوفّروا فرصة لاستغلال وتسييس الأنشطة الإنسانية، حيث يمارسون على القائمين عليها الضغط والابتزاز عبر التحكم بالتمويل، كما يستخدمون هيئات دولية مختلفة أداة لممارسة الضغوط السياسية على سورية، عبر التلاعب المفضوح بنصوص الاتفاقيات الدولية الناظمة لها، أو بالانتقائية الخاطئة في تفسيرها.
وأعرب صباغ عن الأسف للتصريحات التي أدلى بها بعض المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين علانية بأنهم لن ينفّذوا مندرجات القرار 2672 الذي اعتمده مجلس الأمن مؤخراً، وخاصة في مجالات التعافي المبكر والكهرباء، وهذا يعني عملياً أن القرار سيبقى حبراً على ورق كما هي عادة هذه الدول، مشيراً إلى أن مجمل السلوك الأمريكي الهدام في سورية هو الذي أوصل ملايين السوريين إلى حالة انعدام الأمن والاستقرار، وحوّل جزءاً كبيراً منهم إلى لاجئين ونازحين، وأفقدهم أمنهم الغذائي، ووضعهم في أوضاع إنسانية صعبة، كما أن جائحة كوفيد 19 وتفشي الكوليرا والأمراض المعدية الأخرى لم تُضِف سوى المزيد من المعاناة والكثير من البؤس والشقاء لهم.
وشدّد صباغ على أن سورية إذ تدين كل هذه الجرائم والانتهاكات والممارسات التي تتبعها الولايات المتحدة وحلفاؤها، فإنها تطالب مجلس الأمن بتحمّل مسؤولياته والوفاء بالولاية المنوطة به لجهة احترام سيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها، وضمان التعويض لها عن كل الأضرار التي لحقت بالشعب السوري من جراء هذه السياسات والممارسات الخاطئة، مبيّناً أن سورية تعاملت خلال هذه السنوات الصعبة بشكل مسؤول مع التحدّيات التي واجهتها، وعمل أبناؤها بروح وطنية عالية على محاربة الإرهاب، فقضت على جزء كبير منه، وهي اليوم أكثر إصراراً من أي وقت مضى على مواصلة جهودها لمكافحة ما تبقى من فلول الإرهاب، واستعادة الأمن والاستقرار في كل المناطق.
وبيّن مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن الدولة دعمت مسارات التسويات السياسية وإرساء المصالحات الوطنية التي ساهمت بتعزيز الوحدة الوطنية، وسهّلت وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها، بما يضمن تلبية احتياجات جميع السوريين، ويسهم في دعم صمودهم، كما نفذت التزاماتها القانونية بموجب الاتفاقيات الدولية المنضمة إليها، وحرصت على دعم كل المبادرات التي تقدّمت بها دول صديقة، في مقدّمتها الاجتماعات التي تُعقد بصيغة “أستانا”، وذلك بهدف التخفيف من تداعيات الأزمة وإيجاد حلول لها.
وأكد صباغ مجدّداً أن حل الأزمة في سورية يتطلب وقف الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة على الأراضي السورية، وإنهاء الوجود الأجنبي غير الشرعي وما يرتبط به من تنظيمات إرهابية وميليشيا انفصالية، والرفع الفوري وغير المشروط للإجراءات الاقتصادية القسرية، والارتقاء بالوضع الإنساني من خلال تلبية الاحتياجات الإنسانية للسوريين بشكل عادل ودون تمييز، وتنفيذ الدول التزاماتها التي قطعتها حيال خطة الاستجابة الإنسانية، وزيادة مشاريع التعافي المبكر والتوسّع فيها كمّاً ونوعاً.