صدمة ارتفاع أسعار الأدوية توجع المرضى مرتين!
حلب- معن الغادري
“ما حدا أحسن من حدا”، قول شعبي شائع يتداوله الناس عندما تتطابق وتتشابه ويتسابق أصحاب المصالح والمنافع، وهو ما ينسحب على معامل ومستودعات الأدوية والصيدليات، والتي تحوّلت فيما سبق إلى دكاكين أشبه بمحال الفروج والخضرة والفواكه، لا ضابط لها وكلّ يغني على ليلاه، وما زاد الطين بلة ارتفاع أسعار الأدوية للمرة الثالثة في أقل من سنة، الأمر الذي شكّل صدمة كبيرة تضاف إلى مجموعة الصدمات التي يتلقاها المواطن يومياً، جراء الارتفاع الحاد واليومي لأسعار مختلف المواد واحتياجاته الأساسية، الأمر الذي جعله عاجزاً تماماً عن مواجهة الضغوطات المعيشية اليومية!.
ويرى المرضى ممن ينفقون أكثر من نصف دخلهم على تداويهم أن الجشع والاستغلال بلغ أعلى درجاته من قبل أصحاب معامل ومستودعات الأدوية والصيدليات، عندما قامت بحجب الدواء عن المواطن خلال الفترة السابقة التي سبقت ارتفاع الأدوية، إذ فقدت من الصيدليات مختلف أصناف الأدوية المزمنة والاعتيادية، طمعاً في زيادة أسعارها وتحقيق أرباح إضافية، على الرغم من تواريخ إنتاجها القديمة.
ويقول الكثير من المرضى إنه ولمجرد تقرّر ارتفاع سعر الدواء، بات متوفراً في الصيدليات، ما يثير الكثير من الشبهات حول دور معامل الأدوية والصيدليات في افتعال أزمة الدواء بقصد الربح، وهو عمل ينافي أخلاقيات وأدبيات هذه المهنة الإنسانية، مما عرّض المرضى إلى الخطر، نتيجة عدم إمكانية حصولهم على الدواء، وبالتالي فإن هذا الأمر يستوجب المحاسبة والمساءلة بحق كلّ من استغل هذا الظرف الصعب وتاجر بصحة الناس، وهو ما يجب أن ينسحب على المشافي الخاصة، والتي رفعت أسعار طبابتها وعملياتها الإسعافية والجراحية إلى أكثر من عشرة أضعاف التسعيرة المحدّدة من نقابة الأطباء ووزارة الصحة، تحت ذرائع ارتفاع أسعار الأدوية والكلف من تجهيزات ومعقمات ولوازم التداوي المختلفة.
أحد المرضى لا يملك إلا راتبه التقاعدي، يقول: بعد ارتفاع سعر الدواء بتّ بحاجة إلى راتب إضافي لتأمين احتياجاتي من الدواء. وهي حال معظم المرضى ومتقدمي السن والذين يعانون من أمراض الضغط والسكري والقلب في آن معاً، إذ بات من الصعب انتظام تناولهم الدواء وفقاً لحالتهم المرضية.
مريض آخر أشار إلى أنه أضاف صيدلية الحيّ الى سجله الحافل بالديون، نتيجة عدم قدرته على مواجهة متطلبات عائلته المكونة من أربعة أشخاص، في ضوء تدني دخله والارتفاع الكبير في الأسعار، مضيفاً أنه من غير المنطقيّ والمقبول زيادة الأسعار بهذا الشكل المخيف، وثبات أو تراجع الدخل والرواتب، وهو أمر عدد من أصحاب الصيدليات الذين نفوا بشكل قاطع امتناعهم عن بيع أي صنف من الدواء متوفر في صيدلياتهم، مشيرين إلى أن مشكلة اختفاء بعض الأدوية من الصيدليات سببها عدم انتظام توريدها من قبل المعامل ومستودعات الأدوية، لأسباب تصنيعية تتعلق بعدم توفر المواد وارتفاع كلف إنتاج الدواء عموماً، وذلك وفق ما نسمعه يومياً من مندوبي المعامل والمستودعات.
بقيت الإشارة إلى أنه تمّ رفع أسعار مجموعة من الأدوية بنسبة تراوحت بين %65 و%100 وهي الزيادة الثالثة خلال عام، وتأتي هذه الزيادة الجديدة بالأسعار لتصل نسبتها إلى أكثر %230 منذ حوالي عام، وعلى الرغم من هذه الزيادة الصادمة، يؤكد من يخضع لعلاج دائم أن معظم الصيدليات لا تتقيد بالأسعار المحدّدة الصادرة عن وزارة الصحة، يضاف إلى ذلك أن معظم الأدوية غير فعالة لأسباب تصنيعية ونقص مواد ومدخلات إنتاج الدواء.