إطلاق تقرير “حالة السكان”.. المهندس عرنوس: يعكس خصائص التنمية الاقتصادية والاجتماعية
دمشق – سانا:
بحضور رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس أطلقت اليوم الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان تقرير حالة السكان في سورية 2020 بعنوان (العودة والاستقرار) وذلك في فندق داماروز بدمشق.
ويمثّل التقرير الإصدار الرابع من تقارير حالة السكان في سورية ويكتسب أهميته من كونه يقدّم معالجة موضوعية لحالة السكان تستند إلى بياناتٍ ذات موثوقية من حيث المصدر والمنهجية وأنجز في إطار خطة التعاون المشترك بين الهيئة وصندوق الأمم المتحدة للسكان، ويأتي ضمن سلسلة الدراسات والتقارير النوعية التي تعمل عليها وتنجزها الهيئة منذ تأسيسها عام 2003.
وأكّد رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس في كلمة له خلال إطلاق التقرير، أن الحكومة تولي عناية واهتماماً كبيرين للمسألة السكانية باعتبار السكانِ يجسّدون رأس المال البشري اللازم لتحقيق الأهداف التنموية من جهة، وهم المستهدفون بتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية من جهة أخرى، مبيّناً أن رصد الحالة السكانية محلُّ اهتمام حكومي متزايد نظراً للنتائج التي يمكن استخلاصها من هذا الرصد والبناء عليها في الخطط التنموية الاقتصادية والاجتماعية.
وأوضح المهندس عرنوس أن التقرير يمثّل واحداً من أهم التقارير التنموية التي ترصد أبرز ملامح الحالة السكانية بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية بعد ما يقارب 12 عاماً على الحرب التي شنّتها قوى الإرهاب على بلدنا، مشيراً إلى أن هذه التقارير تعكس حجم الاستنزاف الكبير الذي سبّبته الحرب ضد الإرهاب وحالت دون توجيهها لتنفيذ الخطط التنموية التي كانت تسير في الاتجاه الصحيح وفق مؤشرات إيجابية.
وبيّن المهندس عرنوس أن التقرير يكتسب أهمية خاصةً لأنه يرصد حقبةً زمنيةً حساسةً من عمر الظاهرة السكانية السورية، تعرّضت خلالها للتشويه والضّرر شأنها في ذلك شأن الكثير من الظواهر والمكاسب الوطنية الأخرى، على صعيد معدلات النمو الاقتصادي، والمؤشرات التربوية والتعليمية ومؤشرات التشغيل وسوق العمل، والصحة العامة وغير ذلك.
وأعرب المهندس عرنوس عن تقديره للجهود المبذولة في إعداد وإنتاج تقرير حالة السكان 2020 وإحاطته بمنهجيات علمية وفنية، مؤكداً أهمية التمييز بين الديناميات القسرية والعشوائية التي فرضتها الحرب على الحالة السكانية الوطنية، وتلك الديناميات المخططة والهادفة، سواء تلك التي سبقت بدء الحرب ضدّ الإرهاب، أم تلك التصحيحية التي تعتمدها الحكومة للتعامل مع الواقع الذي فرضته هذه الحرب، في سياق حرص الحكومة وسعيها إلى بناء مجتمع متوازن ومستقر ومؤهّل لإدارة تنمية متوازنة شاملة ومستدامة.
وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى أهمية أن تكون التقارير حيادية وموضوعية ومنهجيةً، وهذا يقتضي البدءَ بدور ومدخلات الحرب ضدّ الإرهاب وداعميه، والانتهاء بآثار ومخرجات وتبعات هذه الحرب على الحالة السكانية، مشيداً بالمؤسسات الوطنية الكفؤة والفعّالة التي تكافح من أجل القيام بدورها الوطني رغم الصعوبات الكبيرة والتحديات الجِسام التي تواجهها وإصرارها على أداء مهامها الوظيفية والوطنية.
وبيّن أن أصالة التفكير لدى مؤسساتنا الوطنية ومنهجية وعقلانية إدارتها هي التي مكَّنتها من بناء صناعة القرار، معتبراً أن الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان واحدةٌ من أبرز هذه المؤسسات الوطنية الفعَّالة التي تحظى باهتمام حكومي مميّز نظراً للدور الوطني الكبير الذي تضّطلع بأدائه.
ولفت المهندس عرنوس إلى أن القطاع التربوي يُعدّ من أهم أركان التنمية البشرية والمستدامة، فبناء جيل واعٍ مؤمن ببلده، متسلحٍ بأفضل المعارف والمهارات التربوية والتعليمية العصرية هو شرط أساسي من شروط سلامة البنية المجتمعية وحيويتها، كما أن الحرص على توفير مقومات الصحة والسلامة العامة والإنجابية على وجه الخصوص، من شروط الأداء الفعّال لمساهمة رأس المال البشري في الأداء الوطني، مشدّداً على ضرورة توفير كل المقوّمات المطلوبة لضمان بنية سكانية سليمة ومعافاةٍ خالية من الأمراض والأعراض التي تحول دون القيام بالأدوار المطلوبة على أحسن وجهٍ ممكن.
وأوضح رئيس مجلس الوزراء أن القطاع الصحي عانى من تدمير ممنهج طوال العقد المنصرم، كما تعرّض لضغوط إضافية شديدة بفعل جائحة كورونا، لكنه استطاع بفضل حسن إدارته وإصرار القائمين عليه الاستمرار بأداء مهامه بكل شجاعة وكفاءة.
وأكد المهندس عرنوس أهمية قطاع التخطيط الإقليمي الذي حظي بعناية بالغة من الحكومة ولا سيما في ضوء إقرار الحكومة للإطار الوطني للتخطيط الإقليمي الذي جاء نتيجة جهودٍ كبيرةٍ استمرت سنواتٍ طويلة، حرصاً على التوظيف الأمثل لاقتصادات المكان وللحصول على النتائج الأكثر جدوى سكانياً واقتصادياً واجتماعياً وجغرافياً، مبيّناً أن الحراك الديموغرافي الذي فرضته الحرب، نزوحاً أو لجوءاً أو هجرةً شغل حيّزاً مهمّاً في التخطيط المكاني الذي يولي القوى البشرية أهميةً لا تقل عن الموارد المادية والمالية، وأن الحكومة تسعى إلى توفير أفضل بيئة مناسبة لعودة السكان المبعدين قسراً بفعل الإرهاب وداعميه إلى أرضهم وجغرافيتهم بأسرع وقت ممكن، ليساهموا في بناء بلدهم، ومحوِ آثار الإرهاب وتجاوز تداعياته.
كذلك اعتبر رئيس مجلس الوزراء أن سوق العمل بشقيه العام والخاص، محلُّ اهتمام ومتابعةٍ دقيقة من الحكومة ولا سيّما في ضوء التحدّيات والصعوبات التي واجهها ويواجهها منذ بدء الحرب الوجودية ضدّ الإرهاب وداعميه، وكذلك بسبب الإجراءات الاقتصادية الأحادية الجانب غير الشرعية المفروضة على بلدنا، موضحاً أن النشاط الاقتصادي الاجتماعي مبنيّ على خطط علمية ومنهجية مدروسة وموجّهة تسير نحو أهداف مرسومة بدقة وتتناسب مع الإمكانات القائمة مادياً ومالياً وبشرياً.
وأكد الأهمية البالغة التي تحظى بها علاقات التعاون الدولي في إعداد الخطط التنموية الاقتصادية والاجتماعية والحرص على إقامة أفضل صيغ التعاون الممكنة مع الدول والمنظمات على أسس الاحترام المتبادل والعمل المهني والمنهجي، الذي يخدم المصلحة المشتركة بين الأطراف المتعاونة، معرباً عن شكره لكل المنظمات الدولية العاملة في سورية، ومنها صندوق الأمم المتحدة للسكان، التي تنسّق أعمالها وأنشطتها مع مؤسسات الدولة.
ولفت المهندس عرنوس إلى تقديم كامل الدعم الممكن لتنفيذ التوجهات الوطنية المدروسة والمخططة المرافقة للتقرير بما يحقق الفائدة المرجوَّة منه.
من جهته، أكد وزير الشؤون الاجتماعية والعمل محمد سيف الدين، أن التقرير يشكّل ورقة استرشادية حوارية لكل المعنيين بقضايا السكان والتنمية من مؤسسات وهيئات حكومية وقطاع خاص ومجتمع أهلي وصنّاع الرأي العام والمؤثرين فيه لفهم الواقع السكاني في سورية خلال فترة الحرب وتشخيص الفجوات التي أحدثتها.
وأوضح سيف الدين أن هدف التقرير تحقيق أنماط عيش صحية وتطبيق أجندة التنمية المستدامة – سورية (2030) التي يجري العمل عليها في جميع الجهات الحكومية للوصول إلى الوضع الأمثل الذي يسمح للمجتمع بتحقيق نوعية حياة أفضل رغم الظروف الاقتصادية والعقوبات الظالمة التي تتعرّض لها سورية.
بدورها، رئيسة الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان، المهندسة سمر السباعي، أشارت إلى أنه تم اعتماد مبدأ المشاركة مع جميع المعنيين بإعداد التقرير عن طريق ورشات عمل ولجنة فنية وفريق عمل يضمّ خبراء ومتخصّصين في المجال الديموغرافي والصحي وسوق العمل، موضحةً أن التقرير تضمّن إحصائياتٍ مثبتة وحقيقية في ضوء العديد من الأرقام الخاطئة التي يتم تداولها عن وضع السكان في سورية.
وبيّنت السباعي أنه سيتم العمل في كل محافظة بناء على التقرير لمعالجة نقاط الضعف وتعزيز الجوانب الإيجابية، لافتةً إلى أن التوصيات المقدّمة شملت المجالات الاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية والصحية والصحة الإنجابية مع التركيز على تقدير السكان من حيث الحجم وفئات العمر والجنس والقوة البشرية وقوة العمل.
ممثّل الصندوق الدكتور حمير عبد المغني بيّن أن الصندوق هو شريك استراتيجي مع الحكومة السورية في إعداد التقارير المتعلقة بالسكان لكونها مهمّة في التعاطي مع جميع النواحي المتعلقة بالأسرة ودراسة المتغيّرات التي تتعرّض لها، مشيراً إلى أهمية إنجاز التقرير في هذه الفترة رغم جميع الصعوبات التي واجهها المعنيون بإعداده في الحصول على البيانات المطلوبة.
وأشار إلى أن التقرير رصد مجموعة من الظواهر ظهرت نتيجة الحرب منها (التسرّب المدرسي وعمل الأطفال والزواج المبكر)، إضافةً إلى النزوح وخطره على التوزّع السكاني في سورية، مبيّناً أنّ مقياس حالة السكان هو مؤشّر يعبّر عن الواقع السكاني في أي مجتمع.