ما مصير الآلية الجديدة لوزارة الزراعة؟
علي عبود
لم يعد أمام وزارة الزراعة من مبررات لعدم تنفيذ هدفها باستثمار الأراضي القابلة للزراعة، فهي اقترحت الآلية التنفيذية لتحفيز المواطنين على استثمار هذه الأراضي، ومجلس الوزراء وافق عليها بعد توصية من اللجنة الاقتصادية.
والسؤال: هل ستنجح وزارة الزراعة بزيادة مساحة الأراضي الزراعية بما يتيح زيادة السلع والمنتجات الغذائية، وصولا إلى الإكتفاء الذاتي، بدلا من استيراد معظمها بالقطع الأجنبي؟
نأمل أن لا يكون مصير الآلية التنفيذية الجديدة مثل عام القمح الذي كان الأسوأ مقارنة بالمواسم السابقة، فتحقيق الهدف يتطلب بالضرورة تأمين مستلزمات الزراعة، سواء للمساحات القائمة والمدرجة في الخطط السنوية، أم للمساحات الجديدة القابلة للزراعة، وبالتالي نسأل: هل لدى الوزارة آلية لتوفير المحروقات والأسمدة والمياه لتحفيز الفلاحين على استثمار الأراضي المهجورة القابلة للزراعة؟
لا يكفي أن تشدد آلية زيادة المساحات المروية على ضرورة تأمين المستلزمات الأساسية لضمان نجاح تنفيذها، لأن الأمر يتوقف على وزارات أخرى كالنفط لجهة تأمين المحروقات، ووزارة الاقتصاد لجهة استيراد الأسمدة والأدوية، ووزارة المالية لجهة القروض، ووزارة الري لجهة تأمين الرّيات في أوقاتها.. إلخ، وهذا يعني ان لم تتجاوب الوزارات الأخرى مع متطلبات آلية وزارة الزراعة التنفيذية، فلن نشهد زيادات فعلية في المساحات المروية القابلة للزراعة!
والأهم من الآلية التنفيذية قدرات وإمكانيات الفلاحين المادية على شراء المستلزمات الكافية والوافية لزراعة مساحات جديدة، في حين هم لا يقوون حاليا على شرائها للمساحات التي كانوا يقومون بزراعتها على مدى العقود الماضية.. فما الحلول لهذه المشكلة الناجمة عن قرار الحكومة منذ أشهر ببيع مستلزمات الزراعة بالأسعار الرائجة؟
يُفترض أن تكون وزارة الزراعة أعدت برامج زمنية ومادية لتأمين مستلزمات استثمار المساحات الجديدة القابلة للزراعة، سواء ببيعها للفلاحين بأسعار مدعومة جدا، أو بتأمينها مجانا عن طريق منظمات إقليمية وأممية، وإن لم تفعل فآليتها التنفيذية في خطر، أي ستبقى حبرا على ورق، أو ستنجز في حدودها الدنيا.
من المهم جداً أن يبحث وزيرا الزراعة والنفط “الوصول إلى آلية تنظيم توزيع المحروقات للقطاع الزراعي، وتقديم التسهيلات اللازمة لحصول الفلاحين على احتياجاتهم من المازوت الزراعي بعدالة وتوفيره والكشف الحسي وحل الصعوبات والمشاكل التي تواجه عمليات التوزيع.. إلخ”، لكن الأكثر أهمية أن تصل المحروقات بأوقاتها وبالكميات المناسبة للفلاحين كي يتمكنوا من ري محاصيلهم في أيام الحر الشديد، وإلا سيتعرض الموسم إلى تراجع كبير في الإنتاج كما حصل في عام القمح، ومثلما حدث للحمضيات هذا العام!
وإذا كانت البطاقة العائلية أو الالكترونية هي الحل لحصول الفلاح على مخصصاته من المازوت الزراعي، فمن يضمن أن تتوفر أصلا الكميات الضرورية من المحروقات للزراعة، وهل وفرت البطاقة الذكية المحروقات الكافية لآليات المواطنين، بل هل يحصل الصناعيون، أعمدة الإنتاج، على احتياجاتهم من المازوت الصناعي؟
المسألة ليس كما اختصرها وزير النفط بـ “أتمتة العمل وفق قواعد بيانات تحددها وزارة الزراعة، بما يمكن الفلاحين من الحصول على مخصصاتهم بشكل مباشر وفق رسائل نصية وإلغاء كل حلقات الوساطة وأي حالات فساد في هذا المجال”، فالأتمتة على الرغم من أهميتها وضرورتها لا يمكنها أن تقضي على الفوضى والفساد دون توفر المادة. وإذا أرادت الحكومة فعلا إنتاجا زراعيا وفيرا، واستثمار المزيد من المساحات القابلة للزراعية، فمن واجبها أن تضع خطة خمسية – لا ظرفية، ولا كردة فعل، ولا سنوية – يكون هدفها تحقيق الأمن الغذائي من خلال برامج زمنية ومادية ترصد لها الإعتمادات في الموازنات العامة للدولة، ودون ذلك يبقى الأمر في إطار الكلام والوعود، أو الحد الأدنى من الأفعال بذريعة: “هذه هي إمكاناتنا المتاحة!!”.
الخلاصة: نأمل أن تتحقق توقعات وزير الزراعة بزيادة المساحات المروية وبنجاح “آلية تنظيم توزيع المحروقات للقطاع الزراعي وتقديم التسهيلات اللازمة لحصول الفلاحين على احتياجاتهم من المازوت الزراعي بعدالة وتوفيره على مدار العام وفق الخطة الزراعية المقررة والتنظيم الزراعي والكشف الحسي.. إلخ”، كي لا يتكرر عام القمح مجددا، والذي لا تقل احتياجاته من المازوت في موسم 2023 عن 121 مليون ليتر.. فهل ستؤمنها وزارة النفط في مواعيدها وفق الخطة المقرّة من وزارة الزراعة؟