ابتزاز دوائي؟!
بشير فرزان
مسح الخطوط الحمراء والتخلي عن ركائز الاستقرار المجتمعي أصبح تحت ضغوطات الحرب والحصار مسألة وقت لا أكثر وهو من أقسى السياسات الاقتصادية التي لها تداعيات كبيرة على حياة الناس وبشكل يوهن عزيمة المواطن ويثقل أعبائه المعيشية وخاصة لجهة مايجري في السوق الدوائية والمعاناة الكبيرة للناس لجهة غياب بعض الأصناف الدوائية أو لارتفاع أسعارها بصورة متسارعة وأشبه ماتكون إلى ابتزاز المرضى في الوقت الذي يتابع فيه المنظورون الاقتصاديون إخراج الدواء من اعتبارات السلع التجارية ويتشددون بضرورة تأمينها بمواصفات علاجية عالية الجودة بينما السوق الدوائية غارقة بالكثير من المخالفات والتجاوزات التي تنهش بركائز الصناعة الدوائية في سورية فالجودة باتت في خبر كان والكثير من الأنواع الدوائية فقدت فعاليتها العلاجية بشكل يزيد من معاناة الناس ويؤجج أوجاع جيوبهم التي تستصرخ الضمائر دون جدوى خاصة مع احتدام المواجهة مع أصحاب المعامل الذين يضعون أسباب ارتفاع أسعار الدواء في دائرة ارتفاع التكاليف والتي يتخذونها مبرراً لرفع أسعاره إلى جانب نقص المكونات الأساسية وهجرة الكثير من أصحاب المعامل كما يصر هؤلاء على أن رخص الدواء يجبر المعامل على البحث عن طرق لخفض التكلفة .
وبالمحصلة النهائية عندما يتم رفع سعر الدواء 50% أو بالأحرى وفي الحقيقة 100%في الوقت الذي تخطت فيه تكلفة الفاتورة الدوائية للأمراض المزمنة لشخص واحد عتبة 100 ألف ليرة شهرياً وخاصة لفئة المتقاعدين برواتبهم الهزيلة فهذا يعني مضاعفة العبء والحكم بالنهاية السريعة لعشرات الآلاف من هؤلاء من أجل تحقيق أرباح لأصحاب حوالي 85 معملاً يلوحون بخسائرهم التي لم تتعد واقع خفض نسب أرباحهم فقط .
واليوم مع تنامي سياسة ” ادفع أكثر” تحصل على الخدمة التي تريدها سواء في الكهرباء أو الخبز أو في المحروقات نرى أن هذه السياسة تعمم على سوق الدواء والسيناريو ذاته فأما رفع الأسعار أو فقدان الأدوية وعدم توفرها وهذا بالمحصلة المعيشية والمجتمعية مساس واضح بهيبة المؤسسات الحكومية وانتزاع مقلق لحضورها في المجتمع السوري وهنا لابد من التأكيد على أهمية استثمار الوفورات التي ستحققها عملية اختزال فاتورة الدعم في السوق الدوائية والحفاظ على استقرارها لما لها من خصوصية في حياة الناس وفي خفض الفاتورة الصحية ؟