حتى لا يصبح ستر الحال من المُحال..!!
قسيم دحدل
لم يعد السوري، حتى من كان محسوبا على خانة الطبقة الوسطى، “يخجل” من حالة حذائه، وهو المعروف بأناقة هندامه ومداسه ومظهره عامة..
لم يعد يخجل نتيجة لما وصلت إليه أسعار الألبسة والأحذية بشقيها النسائي والرجال، حيث تعدَّت أي معقول وقدرة على شراء واقتناء قطعة واحدة، يستر بها نفسه ويحفظ هيبته. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الشأن: هل الأسعار المعلنة على واجهات المحال حقيقية وتراعي القدرة الشرائية لمعظم السوريين، وخاصة من أصحاب الدخل المحدود..؟!
لبيان الوضع – على سبيل المثال – نستمع لرئيس الجمعية الحرفية للدباغة وصنع المنتجات الجلدية بدمشق الذي يقول إن “تكلفة الحذاء النسائي المصنع من الجلد الصناعي تقدر وسطياً بـ 28 ألف ليرة، يضاف إليها نسبة 25% ربح المنتج، و7% ربح تاجر الجملة، و30% ربح تاجر المفرق، ليصبح 49085 ليرة، أي أن مجموع نسب الربح يصل لـ 62%، أي ما مقداره 21085 ليرة..!
أما تكلفة الحذاء الرجالي من الجلد الطبيعي فتقدر وسطياً بـ 90 ألفاً، يضاف إليها نفس النسب المذكورة آنفاً ليصبح ثمن الحذاء 156487 ليرة سورية بالتمام والكمال..! أي بأجمالي نسبة ربح مقدارها 66487 ليرة سورية.
نسب تشير إلي أرباح عالية وخاصة نسبة بائع المفرق، الذي ولو أجرينا مقارنة بين تكاليفه وتكاليف المُنتج، لتكشَّف أن هناك خللا كبيرا كما أوردنا، الأمر الذي يطرح أحقية تلك النسب وصحتها مقارنة بتكلفة تصنيع المُنتَجْ التي تجاوزنا الحديث في حقيقتها وصحتها أيضا..!
فإن يصل ثمن حذاء نسائي لأكثر من راتب موظف/ة في بدء التعين، وثمن حذاء رجالي لأكثر من راتب موظف فئة أولى بلغ السقف، لعمري هذا هو اللامعقول أبدا، كما كل اللامعقول الذي نواجهه يوميا في أسعار الكثير من المواد والسلع والخدمات..!
بشكل عام، تشي نسب الأرباح المذكورة بأن حسابات التكاليف غير دقيقة لاسيما نسبة بائع المفرق، وفيها من المبالغة الكثير إذا ما تم مقارنتها بنسبة أرباح المُنتج، وهذا يقودنا للسؤال عن دور وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في التحقق من واقعية تلك النسب وعدالتها وكيفية توزيعها على الأطراف الثلاثة، ولعل نسبة الـ 30% التي يحصل عليها بائع المفرق، هي من الكبر بما لا تتناسب مع دوره في عملية التصنيع والتوزيع والترويج، لذلك لا بد من إعادة دراسة تلك النسب (نسب أرباح الألبسة والأحذية، حيث التلاعب متاحا في هذا النوع من الصناعة والتجارة) على أسس واقعية، كي يظل المواطن قادرا على الاستهلاك واقتناء ما يستر حاله ويحفظ كرامته.
إن الركود الذي تشهده “أسواق الكساء” على الصعيد المحلي، قد يتفاقم في ظل ضعف الدخل والقدرة الشرائية لليرة المتراجعة يوما إثر يوم، ليس في مصلحة أحدا، وبالتالي فإن إعادة النظر في حسابات الكلفة والأرباح لا يجب أن تظل بيد المُصَنِّع وتاجر الجملة والمفرق فقط، بل لا بد من التدخل الإيجابي لما فيه مصلحة وخير الكل، لأجل المحافظة على هذه الصناعات العريقة المشهود لنا فيها.
Qassim1965@gmail.com