حلف الناتو مفتون بواشنطن
عائدة أسعد
من المؤكد أن الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ يعرف صعوبة إقناع جمهورية كوريا الجنوبية بتوفير الإمدادات العسكرية لأوكرانيا، وهو الأمر الذي لم تفعله. ولهذا السبب شدّد لمضيفيه في خطاب ألقاه بمركز أبحاث في سيؤول خلال زيارته الأخيرة على أن “ما يحدث في أوروبا مهمّ لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ”.
يدرك ستولتنبرغ جيداً أنه لا يوجد ما يثبت توسع منظمة حلف شمال الأطلسي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، لكنه حاول أيضاً الترويج لفكرة أن “ما يحدث في آسيا مهم لحلف شمال الأطلسي”. كما سعى مع توقفه في طوكيو، إلى توضيح سبب أهمية منطقة آسيا والمحيط الهادئ، والتحالف الأمني عبر المحيط الأطلسي بالنسبة لبعضهما البعض، مدعياً أن الصين وروسيا تقودان تراجعاً عن “القواعد الدولية”، ورسم روابط بعيدة المنال بين الأزمة الأوكرانية، ومسألة تايوان لمحاولة دعم هذا الاقتراح.
لقد أثبت ستولتنبرغ أن ما يدعو له يفسّر لماذا استقبلت زيارته ببرود في سيؤول، وبالتحفظ في طوكيو على الرغم من الدفع المتسارع للأخيرة للعسكرة في المنطقة. يجب أن يتذكر ستولتنبرغ أن نهاية الحرب الباردة هي التي مكنت من النهوض الاقتصادي الجماعي للدول الآسيوية، وأدخلت المنطقة بعمق في نسيج العولمة الاقتصادية، وخلال تلك العملية كيف أظهرت البلدان ما يكفي من الحكمة والبراغماتية للحفاظ على السلام والاستقرار الإقليميين، وتحويله إلى محرك للنمو العالمي.
إن الناتو الذي يزعم أنه تحالف دفاعي إقليمي قد ذهب إلى أبعد من مجالاته التقليدية للدفاع الجماعي، وحقق تقدماً في مجالات جديدة، كما عزّز علاقاته العسكرية والأمنية مع دول آسيا والمحيط الهادئ، ولكن ما تجدر الإشارة إليه هو أن مثل هذه التطورات لا تبشّر بالخير للمنطقة برمتها.
إذاً يحتاج حلف الناتو إلى التخلي عن عقلية الحرب الباردة وعقلية المواجهة، وأن يفعل أشياء من شأنها أن تسهم في أمن واستقرار أوروبا والعالم بأسره، وذلك ما حثّت عليه ماو نينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، وأضافت أن الصين ليست تحدياً للنظام الدولي والغرب، وإنما هي مستعدة وتسعى لأن تكون شريكاً في التعاون لجميع البلدان، ومحفزاً لتحسين نظام الحوكمة العالمي، وجعله أكثر عدلاً وفعالية في تعزيز أهداف التنمية المستدامة.