جنرالات أمريكا يحذرون ادارتهم
هيفاء علي
بالنسبة لدولة تتفاخر باستمرار بحجم اقتصادها، تعتمد الولايات المتحدة على شكل واحد من أشكال “التصدير” ألا وهو “الحرب “. على مدى عقود، استخدم الغرب بقيادة الولايات المتحدة الحروب بالوكالة لإلحاق الضرر بخصومه الجيوسياسيين، ورغم أن معظم هذه الحروب لم تشكل تهديداً وجودياً مباشراً للمنافسين الأمريكيين وكانت محدودة النطاق نسبياً، فقد شهدت السنوات الأخيرة تحولاً كبيراً في هذا النهج.
وبحسب الصحفي والمحلل البرتغالي دراغو بوسنيك، فقد أصبحت واشنطن أكثر عدوانية من أي وقت مضى في تاريخها، وتهاجم بشدة قلوب خصومها، ففي حالة روسيا والصين، فإن السبب الوحيد الذي يجعل الولايات المتحدة لا تهاجم أياً من القوتين العظميين بشكل مباشر هو عدم قدرتها على الرد مباشرة. ومع ذلك، تواصل الولايات المتحدة إثارة الصراعات التي تدفع العالم أكثر فأكثر إلى صراع عالمي آخر.
أوكرانيا وتايوان هما أبرز مثال للإستراتيجية الأمريكية لـ “التصعيد المتسارع”، والمصممة بوضوح لإثارة “اتخاذ قرارات غير عقلانية” من قبل كل من موسكو وبكين. ومع وصول أوكرانيا إلى نقطة الغليان، فإن واشنطن مصممة على أن تفعل الشيء نفسه مع الصين في تايوان. ففي السنوات الأخيرة، حذر كبار المسؤولين الأمريكيين، بمن فيهم العديد من القادة العسكريين، من حتمية الحرب مع الصين.
ووفقاً لـ “ان بي سي نيوز”، فقد أرسل الجنرال مايك مينيهان إلى مرؤوسيه مذكرة تتنبأ بأن الولايات المتحدة ستكون في حالة حرب مع الصين في غضون عامين، معرباً فيها عن أمنيته بأن يكون مخطئاً، إلا أن حدسه يخبره أن الولايات المتحدة ستخوض الحرب ضد الصين في عام 2025.
جدير بالذكر أن الجنرال مايك مينيهان عمل في القوات الجوية الأمريكية، وقاد ما يقرب من 50.000 عسكري أمريكي وما يقرب من 500 طائرة، ما يجعل تعليقاته أكثر إثارة للقلق بالنظر إلى أن سلاح الجو الأمريكي يسيطر بشكل مباشر على ذراعين للثالوث النووي الحراري الأمريكي -الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والقاذفات الاستراتيجية المسلحة نووياً.
يعزو الجنرال السبب في ذلك هو أن الصين ستكون مصممة على اتخاذ خطوة ضد جزيرة مقاطعة تايوان الانفصالية في غضون العامين المقبلين، وسيؤدي ذلك إلى رد عسكري مباشر من الولايات المتحدة. وعن سبب اعتقاده أن هذا أمر “لا مفر منه” بحلول عام 2025، أشار الجنرال في المذكرة إلى أن كل من تايوان والولايات المتحدة ستجريان انتخابات رئاسية في عام 2024، وبالتالي ستكون الولايات المتحدة مشتتة وستتاح للرئيس الصيني شي جين بينغ فرصة للعمل بشأن تايوان.
وبحسب المحلل البرتغالي، فإن استخدام مثل هذه العبارات عند الحديث عن “الحرب المقبلة” مع الصين المسلحة نووياً هو أقل ما يقال عن التهور، ناهيك عن التجاهل التام لأبسط آداب السلوك الدبلوماسي. بالإضافة إلى ذلك، تختلف القدرات التقليدية للصين اختلافاً كبيراً عن تلك التي كانت موجودة قبل عقد من الزمان، فقد استثمرت بكين بكثافة في التطورات التكنولوجية التي تنافس، أو حتى تتفوق على تلك الخاصة بالولايات المتحدة، بما في ذلك الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، التي تتخلف فيها واشنطن العاصمة كثيراً.
بالإضافة الى ذلك، أمضت الصين عقوداً في محاولة حل قضية تايوان سلمياً، بما في ذلك من خلال العلاقات الاقتصادية الوثيقة مع الجزيرة، لكن الولايات المتحدة قوضت هذه الجهود، خاصة في السنوات الأخيرة. لقد قوضت شحنات الأسلحة الأمريكية محاولات بكين لتحقيق إعادة توحيد سياسي سلمي مع تايوان، حيث أنفقت تايبيه عشرات المليارات من الدولارات على الأسلحة، معظمها لم يتم تسليمه حتى بسبب تركيز الولايات المتحدة الحالي على أوكرانيا، حيث حذرت الصين واشنطن من تشجيع طموحات استقلال إقليمها المنفصل. ومع ذلك، لم تتجاهل الولايات المتحدة هذا التحذير فحسب، بل يبدو أنها تخطط بالفعل لحرب أخرى مع قوة عظمى أخرى.