ضد أضداد الترشيد؟!
علي بلال قاسم
لطالما دار بين وزارة الاقتصاد وشريحة واسعة من المستوردين نزاع وتجاذب على صفيح بارد حيناً، وساخن أحياناً، والخلاف الذي تتناقلة الأوساط التجارية والإعلامية يتعلق بالموقف من “سياسة الترشيد ” التي تتخذها الحكومة “مجبرة.. لا بطلة” في إطار مساعيها لتخفيف الأحمال والأثقال عما تبقى من القطع الأجنبي وتوجيه أنظار الموردين إلى المواد الأساسية، ولاسيما الغذائية والدوائية اللتين تعتبران الهم رقم واحد في مسؤوليات الدولة أمام مواطنيها؟
ولأن المستوردين من وجهة نظر “الاقتصاد” على الأقل “طماعون”، ولا يوفرون “لا البيضة ولا التقشيرة” في نشاطاتهم وعقودهم وصفقاتهم، وفي أي “ضربة” حتى ولو كانت مخالفة أو متعارضة مع القوانين والتشريعات، فإن التشديد في تطبيق التوجهات يضمن ويحصن السوق من لعنة القلة والتأزم وفقدان السلع، ولاسيما الرئيسية في ظل تأجيل الكماليات التي تجهد على الاحتياطي وتصيب الاقتصاد بالاختناق والاعتلال، وهذا ما تجتهد علية الحكومة منذ بداية الأزمة الاقتصادية التي أصابت جل القطاعات في مقتل!
ومع التكتيكات المتتابعة التي أخذت وقتاً “من طول البال” في التعاطي مع المستوردين، ضماناً لبقائهم واستيعاب واحتواء مشاكلهم ما دامت من العيار المقبول، فإن القصة التي راهن الكثيرون على نجاحهم فيها من خلال تواطؤ بعض الموظفين وضعاف النفوس في الجهاز الجمركي والمالي والضرائبي والإداري، انكشفت وانفضحت عبر سلسلة الرقابة والمتابعة الدقيقة واللصيقة التي أثمرت بإنذار وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية لعدد كبير من المستوردين المخالفين لسياسة ترشيد الاستيراد من بينهم أسماء معروفة ولها شهرة واسعة في الوسط التجاري، حيث تم إعداد قوائم أسماء مستوردين تنوعت مخالفاتهم بين شحن بضائع قبل الحصول على إجازات الاستيراد ومخالفات في الكميات المسموح باستيرادها من السلع والمواد التي تطبق عليها تعليمات الترشيد.
ثمة ضرر لحق بسمعة وصيت “الترشيد” وضبط تدفق السلع في وقت “تستبسل” الحكومة لتحقيق إنجاز وخطوة في ملف التصدير الذي يتعامى عنه رجال البزنس رغم جدواه وقيمه المضافة على البلد واقتصاده، لاسيما أن وزارة الاقتصاد أوضحت في أكثر من مناسبة أن سياسة الترشيد تحقق نتائج إيجابية وتساهم في توفير المواد الغذائية الأساسية بنسبة تجاوزت 40% في الأسواق، فضلاً عن أنها تحقق وفراً في هذه المواد ودعم المخزون الاستراتيجي منها، إضافة إلى تحول أكثر من 20% من مستوردي السلع الكمالية إلى مستوردين للسلع الأساسية، وخاصة الغذائية منها، ولا تتوانى عن التشبث بالموقف إذ لا تراجع عن هذه السياسة في الوقت الحالي – كما يقول أحد المسؤولين – ولا تعديل على أي من إجراءاتها طالما أنها حققت ولا تزال تحقق الأهداف والغايات المرجوة منها.
هي حالة من عدم الرضا تسود وتسيطر على نسبة كبيرة من المستوردين مع استبعاد أي موافقة على أي طلب يتعلق باستيراد السلع الكمالية، ولكن التلويح بعقوبات أشد قد يكون له فعله حتى ولو كان بمثابة التخويف، لأن الاستيراد العشوائي في الوقت الحالي لن يجلب سوى المصائب والكوارث على فقراء الحال!!