اقتصادصحيفة البعث

بانتظار الولادة العسيرة لمشروع مجد بحكم “الاحتكار”.. تعويل على تبديل لوحات السيارات البالية والمفقودة في عامين

دمشق- علي بلال قاسم

مع أن مشروع استبدال لوحات السيارات مقترح قديم، كانت قد أتمّت وزارة النقل دراسته منذ 2013، إلا أنه لم يطبق حتى اليوم رغم الكثير من الوعود والعديد من التصريحات الصادرة بتواتر مصحوب بالآمال المبطنة بالترحيل والتأجيل، الصادرة عن الجهة المسؤولة عن “المعمل” والتي تشي بقرب الإطلاق الذي لم يحصل، في وقت تتغيّر فيه صنوف الإدارات التي تتبارى في تسجيل هذا الإنجاز في “CV” الأداء والتوصيف الحكومي دون تحريك ساكن!.

ولأن الأسباب الموجبة لتطبيق التوجّه موجودة وتتفاقم نتيجة ازدحام اللوحة الحالية بالأرقام، مع ظهور حالات تتطابق فيها الأرقام بين المحافظات المختلفة، فإن وزارة النقل تعول كثيراً على المشروع الجديد الذي يهدف لاستبدال لوحات السيارات الموجودة حالياً بلوحات أخرى تراعي أفضل المواصفات والمعايير العالمية.

قصة توريد

منذ حوالي عامين خرجت وزارة النقل لتعلن عبر ذراعها المتمثل بالمؤسّسة العامة للخط الحديدي الحجازي (المسؤولة عن المعمل)، عن التعاقد على توريد معمل من الصين لتصنيع لوحات جديدة، حيث قالت وقتها: إنه من المقرّر وصوله إلى سورية خلال 40 يوماً، إلا أن استبدال اللوحات يحتاج إلى عامين تقريباً من انطلاق المعمل، والكلام للوزارة آنذاك.

تفوق الــ5 مليارات

اليوم ومع انقضاء العامين تتعاظم الحاجة لتغيير لوحات المركبات لأسباب أكثر من فنية، علماً أن دراسة الجدوى الاقتصادية التي قدّمتها المؤسسة لهيئة التخطيط والتعاون الدولي –حصلت البعث على نسخة منها– تقول إنه تمّ اعتماد نموذج جديد من اللوحات، بحيث تتكون اللوحة من 7 أرقام، ودون أن يُكتب عليها اسم المحافظة، لذا كان هناك حاجة لمعمل مختلف عن الموجود حالياً في سورية، مع التنويه بأن المؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي أعلنت –كما أسلفنا- عن توريد معمل حديث بخط إنتاج جديد للوحات السيارات، ووفق تصميم يلبي الحاجة المتزايدة والتي يبلغ عددها 2.5 مليون سيارة. وأوضحت المؤسسة حينها أن “التصميم الجديد يتألف من 5 أرقام على الجانب اليميني للوحة، ورقمين على الجانب اليساري، وفي الوسط صورة العلم السوري، وكلمة سورية”، وكانت إدارة المؤسّسة قد توقعت أنه عند إقلاع مشروع لوحات السيارات الجديدة، فإنه سيحقق إيرادات سنوية لخزينة الدولة تفوق 5 مليارات ليرة (هذا الرقم حسب حسابات الأسواق وسعر الصرف الذي لم يعد يتطابق مع موجات التضخم والغلاء الهستيرية التي نعيشها)، وما يشهد على ذلك تطمينات وزارة النقل بأن كلفة تبديل لوحات السيارات القديمة باللوحات الجديدة لن تكون مرتفعة على السائقين، وأنها ستكون بحدود 5 آلاف ليرة أكثر أو أقلّ بقليل، أي أنها لن تتعدى الرسوم التي يتمّ تقاضيها حالياً، وكلها تأكيدات لا محلّ لها من التطبيق في سوق هذه الأيام!!.

ميزة الاحتكار بالكامل

وتفيد مصادر قيادية نقابية، أنه فعلاً تمّ توريد المعمل وهو الآن قيد التجهيز، منوهة بأن هذا المعمل يحقق عند تشغيله إيراداً مالياً بعشرات المليارات، ولاسيما أن هذا المشروع يعدّ أحد المشاريع الاستثمارية المهمّة، لأن المؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي هي الجهة الوحيدة في سورية المخولة بتصنيع لوحات السيارات، مع الإشارة إلى أنه تمّ في العام 2021  تسليم 41456 زوجاً من لوحات السيارات وحققت إيراداً مالياً قدره 792 مليون ليرة.

ويبدو أن هذا المشروع -إن كتب له التوفيق- قد انتزع استثناءه من تعميم رئاسة مجلس الوزراء القاضي بعدم المباشرة بالمشاريع الجديدة ما لم يكن قد تمّت المباشرة بها، إذ وبموجب دراسة الجدوى التسويقية التي اطلعت عليها رئاسة الوزراء، فإن سوق تصريف اللوحات محدّد من خلال ضرورات اللوحات البالية والأخرى المفقودة والحديثة، إضافة لطلبات مديريات النقل والجيش والشرطة والإدارة المحلية للوحات من أجل تأمين لوحات السيارات، أي أن هناك مركبات مسجلة حديثاً بشكل سنوي، وبالتالي سوق التصريف مؤمّن وحصة السوق تتحكم بها الزيادة الطردية في أعداد السيارات.

وبالتوازي مع استغلال المؤسّسة ميزة الاحتكار الكامل لمصلحتها بغياب المنافسين، فإن سياسة تسعير المنتج ترتبط بالتكلفة المتوسطة ومعدل الربح المستهدف مع إهمال باقي المتغيّرات، كما ترتبط بموافقة وزارتي النقل والمالية على تحديد السعر للمنتج، مع الإشارة إلى أنه لا يوجد منتجات بديلة أو منافسة في السوق ولا يوجد وكلاء أو عمولة للموزّعين بسبب تسليم اللوحات من المنتج إلى الجهة المعنية بتسليم اللوحات للمستهلك النهائي.

نسب وطلب سنوي

وفي تصفح بيانات ومعلومات دراسة الجدوى الاقتصادية، فإن الوسطي السنوي لأعداد المركبات الحديثة يبلغ 194707 مركبة، والوسطي السنوي لأعداد المركبات البالية والمفقودة 59634 زوج لوحات، أما الوسطي السنوي لإجمالي اللوحات فيبلغ 224341 زوجاً، ونسبة الزيادة السنوية في لوحات المركبات البالية والمفقودة 3.28%، ونسبة الزيادة السنوية من اللوحات للمركبات الحديثة 9.07% ونسبة الزيادة السنوية الإجمالية لعدد اللوحات 12.36%.

وتؤكد المؤسّسة أنه تمّ تحديد حجم الطلب السنوي من إنتاج اللوحات في الحالة الطبيعية بدون تغيير نموذج اللوحات، أما في حال تمّ استبدال نموذج اللوحات الحالي بنموذج اللوحات الذي تمّ اعتماده في وزارة النقل، فيكون حجم الطلب السنوي على تصنيع اللوحات 637500 زوج لوحات سنوياً، إضافة إلى النمو الطبيعي السنوي خلال السنين الأولى والثانية والثالثة والرابعة، حيث يجب تبديل كامل اللوحات خلال أربع سنوات.

1.6  مليون سنوياً

من جانب آخر تهدف الدراسة الفنية للمشروع إلى إثبات جدواه الفنية لوجود المقومات الأساسية لنجاحه من الناحيتين التقنية والهندسية، بالتوازي مع حسابات مؤكدة -على ذمة المؤسسة– بأن فترة استرداد رأس المال سنة وتسعة أشهر، ما يعطي دليلاً جيداً على جدوى الاستثمار، علماً أن الدراسة الفنية تشمل العديد من النواحي التقنية والهندسية، ويعتبر العمر الفني “الإنتاجي” للمشروع هو فترة إنتاج المشروع بصرف النظر عن تكاليف التشغيل والصيانة المقدّرة بعشر سنوات، وحدّدت الدراسة الفنية الطاقة الإنتاجية بـ8000 لوحة يمكن إنتاجها خلال الوردية الواحدة عند استخدام ثمانية مكابس و8 ساعات عمل للوردية الواحدة، وبالتالي سيكون وسطي الإنتاج السنوي خلال العمر الإنتاجي -المقدّر بعشر سنوات- 1.6 مليون لوحة في السنة.