السياسة الألمانية نحو تحول خطير
عائدة أسعد
بعد قرار ألمانيا بتزويد أوكرانيا بدبابات “ليوبارد 2″، والسماح لدول أخرى بنقل الدبابات التي استأجرتها منها إلى البلاد، هاهي بولندا، التي كانت في طليعة الدعوات الأوروبية لتزويد أوكرانيا بأسلحة متطورة، تطالب بالفعل دول الناتو بتزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة من طراز”إف 16″، فقد صرّح رئيس الوزراء البولندي ماتيوس مورافيكي لوسائل الإعلام بالقول: “إذا كان هذا قراراً من جانب حلف شمال الأطلسي بكامله، فسأكون معنياً بإرسال هذه الطائرات المقاتلة”، لكن من الواضح أنه على الرغم من ادّعائه أن الناتو لا يشارك في الصراع إلا أنه يلعب لعبة خطيرة مخادعة تحت إشراف واشنطن!.
لقد كانت الدول الغربية متردّدة في إرسال أسلحة يمكن استخدامها للهجوم في أعماق روسيا خوفاً من إثارة صراع مباشر مع روسيا، لكن تزويد أوكرانيا بالدبابات والصواريخ بعيدة المدى، والطائرات الهجومية المحتملة سيتطلّب منها فرض قيود صارمة على كييف.
وحسب أناتولي أنتونوف، السفير الروسي لدى الولايات المتحدة، فإن من المستحيل تبرير إرسال الدبابات بالحجج حول تزويد أوكرانيا بأسلحة دفاعية، كما قالت السفارة الروسية في برلين إن قرار ألمانيا خطير للغاية وينقل الصراع إلى مستوى جديد من المواجهة.
على الرغم من أن الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة قد استبعدتا أي شحنات لطائرات مقاتلة متقدمة إلى أوكرانيا في الوقت الحالي، إلا أن دول الناتو الأخرى أظهرت نفسها أكثر انفتاحاً على الفكرة، حيث كان السياسيون في هولندا متقبلين لفكرة إرسال طائرات “إف-16” إلى أوكرانيا التي تريدها، كما قالت فرنسا إنه لا يوجد محظور على تزويد أوكرانيا بالطائرات المقاتلة.
لقد جاء قرار إرسال دبابات قتالية غربية الصنع بعد شهور من ضغط كييف وبعد أسابيع من المناقشات المكثفة بين الشركاء الغربيين، حيث جاءت اللحظة الحاسمة عندما وافقت برلين تحت ضغط من الحلفاء بما في ذلك بولندا، ومع موافقة الولايات المتحدة على تزويد أوكرانيا بـ31 دبابة، وافقت ألمانيا على إرسال 14 دبابة من دباباتها إلى أوكرانيا، وقالت إنها ستصدر تصاريح النقل المناسبة للدول الشريكة التي تريد تسليم دبابات Leopard 2 “ليوبارد 2” بسرعة من مخزونها إلى أوكرانيا.
إن ذلك يمثل تحولاً كبيراً في سياسة ألمانيا، حيث قال مورافيكي إن ألمانيا كانت حذرة للغاية بشأن تقديم المساعدة العسكرية لأوكرانيا وهو موقف زاد من عدم الثقة تجاه ألمانيا، وخاصة من دول وسط وشرق أوروبا، لكن البعض في ألمانيا حذروا من أنها قد تؤدي إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة على الرغم من أن هذا الصوت يقع على آذان صماء في برلين.
يجب ألا يضلل إرث الحرب العالمية الثانية، والحرب الباردة في أوروبا الدول الأوروبية لتصبح رأس الحربة لجهود الولايات المتحدة لإضعاف روسيا بشكل دائم، وهندسة تغيير النظام في البلاد، لأن دفع روسيا إلى صراع وجودي سيكون مدمراً بالنسبة لجهود الولايات المتحدة والجميع.