زلزال الـ7 درجات يتكرر كل 300 عام.. والتكرار المنتظم للهزات الخفيفة خير من السكون
دمشق- ميس خليل
هزات أرضية متكرّرة شهدتها سورية خلال الفترة الماضية، ولكن ما حدث صباح اليوم الاثنين كان الأكثر إثارة ورعباً بعد أن تأثرت سورية بالزلزال الذي حدث في شمال إسكندرون بمختلف مناطقها، فيما كان الأشد تأثراً المناطق القريبة من مركز الزلزال في إدلب واللاذقية وحلب وحماة، وما حدث دفع العديد لطرح الكثير من المخاوف، فهل نحن مقبلون على هزات كبيرة؟ وما سبب عودة الهزات من جديد، أم أن ما يجري هو أمر طبيعي؟.
مدير عام المركز الوطني لرصد الزلازل الدكتور رائد أحمد أوضح لـ”البعث” أن هذا الزلزال هو الأقوى خلال العمر الاستثماري للشبكة الوطنية للرصد الزلزالي، أي منذ عام ١٩٩٥، موضحاً أن حالة عدم الاستقرار الزلزالي ستكون مستمرة ولكنها بهزات أضعف تأثيراً وضمن حدود الـ(٥) درجات، مؤكداً أن الهزات الارتداتية غالباً ما تكون ذات شدات أقل، ومع الأثر الذي شكلته الهزة الرئيسية يصبح تأثير الارتدادات أكثر وضوحاً.
الدكتور مصدق الخطيب مختص في الجيولوجيا البنيوية والتكتونيك، أوضح في تصريح لـ”البعث” أن الزالزال تؤثر وفقاً لشدتها، حيث إن تزايد الشدة على مقياس ريختر هو تزايد لوغاريتمي، أضف لذلك أن الشدة نفسها تعتبر مدمرة بشكل أكبر طردياً مع زيادة زمن التأثير، إضافة إلى أنه كلما اقتربت بؤرة الزلزال من سطح الأرض كلما زاد تأثير الدمار.
وبيّن الخطيب أن الفوالق التابعة للقسم الشمالي من الفالق المشرقي، تتعرّض لضغوط وإجهادات ناتجة عن نشاط ملحوظ في القسم الجنوبي، ومع مرور الزمن يزداد تراكم الإجهاد وتصبح هذه الفوالق غير قادرة على تحمّل الإجهاد الذي يتجاوز عتبة الانقطاع، ويتمّ الانفراج بحدوث زلزال كبير ناتج عن كسر جديد أو عن فالق قديم تمّ تحريضه من جديد، لهذا نلفت الانتباه إلى أن القسم الشمالي نشط زلزالياً ويجب أن يؤخذ في الحسبان كمنبع خطر للأحداث الزلزالية، موضحاً أن كافة أنواع الدراسات تؤكد أن الاحتمال الزلزالي على القسم الشمالي هو الأكثر خطورة ويمرّ الآن في مرحلة تكديس الإجهاد، وحينما يصل إلى حدّه الأعظمي، سيحصل انقطاع وينفرج الإجهاد على شكل زلزال قوي وبشكل مفاجئ، هذا إذا لم تحدث خلال هذه المرحلة وفي هذا القسم زلازل صغيرة إلى متوسطة تعمل على تفريغ الطاقة بشكل تدريجي.
وذكر الخطيب أنه يعدّ كل من فالق يمونة وانهدام الغاب نشيطين زلزالياً، حيث كانا كمنابع للعديد من الزلازل المدمرة خلال الألفي عام المنصرمة، مشيراً إلى أن الاحتمالات الزلزالية في منطقة شرق المتوسط خلال ٥٠ عاماً اعتباراً من العام ١٩٩٧ وفقاً للدكتور الراحل أنيس مطر “بالنسبة لزلزال بمقدار M=4 فإن احتمال حدوثه هو 100%”، أما بالنسبة لزلزال بمقدار M=5 فإن احتمال حدوثه هو 99%، وبالنسبة لزلزال بمقدار M=6 فإن احتمال حدوثه هو 64%.
الخطيب أشار إلى أنه غالباً الزلازل ذات شدات ٧ فما فوق على مقياس ريختر، ووفقاً للوصف التاريخي للمؤرخين تتكرّر كل حوالي ما يزيد عن ٣٠٠ سنة، مبيناً أن سورية مقسمة لوحدات أو بلوكات مستقرة تكتونياً وشبه مستقرة وغير مستقرة، ومثال عن الوحدات المستقرة لدينا نهوض الرطبة، أما غير المستقرة فمنها حوض الغاب والساحلية والتدمرية، وهي التي تكون فيها مراكز أو بؤراً للزلازل، أما صفيحة حلب فهي شبه مستقرة لكن كونها ضمن محيط غير مستقر من مثال حوض الغاب وجبال طوروس والتدمرية، لذلك فهي تتأثر بشكل مباشر بالزلازل التي تحدث في تلك المناطق.
وأوضح الخطيب أنه حتى اللحظة الحالية لا يوجد آليات دقيقة للتنبؤ بالزلازل قبل حدوثها، وذلك لاتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة، حيث إن التنبؤ بها قبل حدوثها لا يزيد عن بضع دقائق في أفضل الأحوال ولدى أكثر الدول تقدماً. وشدّد أيضاً على أن الإشاعات التي يتمّ تناقلها على وسائل التواصل الاجتماعي وتتحدث عن احتمالية حدوث تسوماني على البحر غير صحيحة، لأن مركز وبؤرة الزلزال على اليابسة وبعيد عن البحر.
بدوره الدكتور نضال جوني رئيس سابق لقسم الزلازل في المعهد العالي للبحوث والدراسات الزلزالية أكد لـ”البعث” أنه كانت ومازالت وستبقى تحدث تلك الزلازل على طول صدع البحر الميت، والسبب هو ببساطة أن هذا الصدع نشط وهو دائم الحركة مما يسبّب اهتزازات على طول الصدع، مشيراً إلى أن الصدع سيبقى في حالة نشاط بسبب حركة الصفائح والتصادم بين الصفيحتين العربية والأوراسية (صفيحة الأناضول).