البعث أونلاينالصفحة الاولىسلايد الجريدةصحيفة البعث

الوزير مخلوف: 300 ألف مواطن خرجوا من منازلهم.. خطة إسعافية من أربعة محاور لمواجهة تداعيات الزلزال المدمر

دمشق – رامي سلوم:

يتسابق الزمن وقلوب السوريين وأملهم لإنقاذ ما تبقى من أرواح تحت أنقاض المباني التي تضررت أو دُمرت بالزلزال الذي ضرب أجزاء من محافظات اللاذقية وحلب وحماة فجر الإثنين.

وفي صراع عصيب ربما اعتدنا عليه، تكافح الإرادة والتحدي لتغطية النقص في الإمكانيات والآليات وتعمل على مدار الساعة مدعومة بجهد أهلي ومدني عالي، للوصول إلى ناجين من الكارثة تحت الأنقاض، والتي وصل عدد ضحاياها إلى 1262 وفاة حتى الساعة، بالإضافة إلى أكثر من 2285 جريحاً تم انتشال نسبة كبيرة منهم من تحت الأنقاض، وهو الأمر المتوقع زيادته خلال الساعات القادمة مع كل أسف.

وأكد وزير الإدارة المحلية والبيئة، حسين مخلوف، خلال مؤتمر صحفي عقده في مبنى الوزارة اليوم أن عملية إزالة الأنقاض والبحث عن الضحايا مستمرة بكل الجهود الممكنة، مشيراً إلى أن “الكارثة كبيرة ولكن الجهود كبيرة أيضاً”، مبيناً أن “بلادنا ليست مستعدة لمثل هذه الكوارث وخصوصاً أننا نخرج من سنوات حرب طويلة استهدفت التنظيمات الإرهابية خلالها الإمكانات والبنى التحتية والآليات، حيث دمرت أكثر من 50 ألف آلية خدمية، منها نحو خمسة آلاف آلية تابعة لوزارة الإدارة المحلية وحدها، ما سبب نقصاً وعجزاً في الآليات المطلوبة للإنقاذ”.

ولفت مخلوف إلى أن عمليات الإنقاذ تحتاج إلى سرعة من دون تسرّع، ووجود أشخاص وأسر تحت الأنقاض يحتّم العمل بدقة بالغة، للحفاظ على حياتهم، إضافةً  إلى حرمة المتوفيين والواجب الأخلاقي بعدم الإضرار بهم، مؤكداً أن فرق الإنقاذ تعمل بحرفية ودقة عالية في ظروف جوية وموجة صقيع قاسية زادت من صعوبة عمليات الإنقاذ

وبالنسبة للآليات الهندسية، أكد مخلوف أنه منذ يوم أمس تم تحقيق الكفاية منها للمحافظات المتضرّرة بعد وصول نحو 157 آلية من المحافظات الأخرى، غير أن النقص والحاجة تتركز في الآليات النوعية والدقيقة المطلوبة لعمليات الإنقاذ، والتي منعت ظروف الحصار الحكومة السورية من ترميم النقص فيها بعد الحرب، مشيراً إلى أنه حتى مع الكارثة الإنسانية لا تزال حملات التضليل والكذب التي تُقاد من البعض تستهدف الحكومة السورية، فهناك رغم الكارثة حملة تضليل سياسية وإنسانية تشنّ ضدّ سورية، حيث أشار الوزير إلى أن إدعاءات الولايات المتحدة الكاذبة حول عدم تأثير الحصار تظهر من خلال تسييس ملف المساعدات الإنسانية، مؤكداً أن الحكومة السورية اصطدمت بالعقوبات الأحادية الجائرة عند عملها على ترميم النقص في الآليات والمعدات خلال السنوات الماضية، وحتى اليوم تم طلب آليات نوعية قد يكون هناك صعوبة في تأمينها بسبب الحصار.

ونبه مخلوف إلى أن هناك نوع من الحملة الإعلامية المضللة التي تحاول التأثير في الرأي العام وزيادة الضغط بأن هناك أشخاص تحت الأنقاض يتم تجاهلهم وما إلى ذلك من أخبار كاذبة، مطالباً من يعلم بوجود أشخاص بالدلالة عليهم بأقصى سرعة.

وأكد أن الشفافية التي رافقت العمل خلال الكارثة جعلت تلك الدعايات الوهمية من دون أثر، خصوصاً أن السوريين اعتادوا على تلك الأكاذيب وباتوا قادرين على تمييزها بسهولة، إلا أنه يتم التصدي لها عبر الإعلام السوري ونقل الصورة بشفافية.

الناجين والمفقودين

وبين مخلوف أنه جرى تأمين نحو 294 ألف شخص في مراكز الإيواء المجهزة، والتي وصل عددها إلى 180 مركز إيواء في كل من محافظات حلب واللاذقية وطرطوس وإدلب وحماة، وتقديم كل الدعم اللازم من المواد الإغاثية والمستلزمات فضلاً عن الإسعافات وغيرها، علماً بأن تلك الأعداد لا يمكن اعتبارها تمثل كامل أعداد الخارجين من منازلهم لأن الكثيرين منهم يلجؤون حالياً إلى منازل أقاربهم وذويهم.

واستبعد مخلوف وجود رقم تقريبي لإعداد الأشخاص الموجودين تحت الأنقاض، مؤكداً أنه تم تحديد أرقام للتواصل في حال العلم بوجود أي شخص، مشيراً إلى أن فرق الإنقاذ بحاجة إلى تلك المعلومات للتوجه إلي الموقع والبدء بالعمليات الضرورية.

خطة منظمة

وأكد مخلوف أن الدولة السورية تتعاطى بتنظيم وإرادة وخطوات واضحة مع الكارثة، مشيراً إلى أنه خلال اجتماع الحكومة مع السيد الرئيس بشار الأسد بعد أقل من 3 ساعات على الكارثة تم وضع خطة إسعافية وتوزيع الأدوار وبدء العمليات مباشرة، والتي كانت قد بدأتها كل جهة وفق اختصاصها، خصوصاً فرق الإسعاف والدفاع المدني.

ولفت مخلوف إلى أنه  تم تقسيم المناطق المتضررة إلى قطاعات ورصد احتياجات كل قطاع منها وتأمينه، والتأكد من وصوله للمستحقين، مشيراً إلى وجود خطة إسعافية وأخرى متوسطة الأمد وأخرى طويلة الأمد.

وأشار مخلوف إلى أن 90% من العمل والجهود كانت على عاتق مؤسسات الدولة، موجهاً الشكر إلى جميع المساهمات المجتمعية والأهلية، والتي بالتأكيد سهلت وساعدت كثيراً، بالإضافة لما حققته من بعد نفسي داعم وشعور بالوطنية والواجب.

أولويات

وكشف مخلوف عن تحديد أربعة أولويات للخطة الحكومية، مبيناً أن عنوان الخطة التركيز على إزالة الأنقاض وإنقاذ ما يمكن من أرواح، والتي تأتي بالتزامن مع الأولوية الثانية وهي تقديم الرعاية الصحية، والدعم للأسر والمصابين، وهو الأمر الذي تم إنجازه بجهد مميز وجبار للكوادر، أما الأولوية الثالثة فكانت لإيواء المهجرين، أو الأشخاص الذين تركوا منازلهم إن كان بسبب تضرر الأبنية أو بسبب الخوف، حيث تم تجهيز 180 مركز إيواء، وتأمين الدعم لنحو 293829 شخصاً ضمن تلك المراكز.

وأكد وزير الإدارة المحلية والبيئة أن فرق الدعم عملت أيضاً على تأمين دعم الأسر التي استضافت عدد من أقاربها أو أشخاص آخرين ضمن الأعمال الإنسانية، والتأكد من وصول المساعدات لمستحقيها وأن العمل يتم بتنظيم بالغ.

وتحدث مخلوف عن أن الأولوية الرابعة هي لتقييم المباني التي تعرضت للتصدعات والتحقق من السلامة الإنشائية لتمكين الأهالي من العودة بأمان لمساكنهم، مؤكداً أن الفرق المختصة عملت على التأكد وتقييم المباني السكنية قبل منشآت الدولة، لتسهيل عودة الأهالي بعد الإنتهاء من الواقع الإسعافي، حيث ستنتقل الأولويات إلى المستوى المتوسط والطويل والذي تعتبر خطة إخلاء المباني غير الموثوقة واحدة منها، حيث سيتم فحص ودراسة واقع المباني وتأهيلها وقابليتها للسكن ليتم ترميم ما يمكن ترميمه، وهدم الأبنية الأخرى غير اللائقة للسكن مع تأمين أماكن وبدائل لسكانها، ضماناً لعدم تكرار ما حصل.

وأشار إلى أن ذلك سيتم بتضافر جهود الجميع من الدول الصديقة والمنظمات والمجتمع الأهلي وغيرهم لتحقيق الخطة على المدى المتوسط والطويل.

وأوضح مخلوف أن المبلغ الذي رصدته الحكومة يوم أمس أضرار الزلزال، والبالغ 50 مليار ليرة، يمثل فقط المرحلة الأولى الإسعافية، مطمئنا الجميع إلى أن جميع الجهود والإمكانات موضوعة لإنقاذ وتأمين الضحايا والذين لن يتم تركهم قبل تأمين بدائل حقيقية لهم، مع توصيل كافة الضروريات من مواد غذائية ومحروقات للمحافظات المتضررة.

المساعدات

واعتبر مخلوف أن سورية تستحق التفاف أصدقائها خلفها، معلناً أن مجلس الوزراء من خلال وزارة الخارجية قد أطلق نداء إلى جميع الدول، وأن سورية مستعدة لاستقبال أية مساعدة على ألّا تكون مسيسة.

وأشار مخلوف إلى أن الدول الصديقة بادرت مباشرةً إلى تقديم المساعدات وما يحصل في مطار دمشق الدولي شاهد على مكانة سورية في قلب كل عربي وقلب العالم، مؤكداً وصول شحنات وطائرات مساعدات من كل من العراق والإمارات وإيران، وروسيا، والجزائر، ومصر، وليبيا، والأردن، والهند، وباكستان، وأرمينيا، إضافةً إلى شحنات قيد التحميل ستصل قريباً من سلطنة عمان وكوبا وفنزويلا وبيلاروسيا.

المنظمات والمجتمع الأهلي

توجه مخلوف بالشكر لجميع المنظمات والمجتمع الأهلي، مؤكدا أن التلاحم الإجتماعي كبير وأن مئات الطلبات الجماعية والفردية تصل يومياً للمشاركة والتطوع وتقديم الدعم المالي والعيني أو المشاركة بالجهد والعمل من قبل أطباء ومهندسين وغيرهم من الاختصاصات.

ورداً على تشتيت جهات جمع التبرعات وعدم مصداقية بعضها، لفت مخلوف غلى أن جميع التبرعات ستذهب إلى اللجنة العليا للإغاثة ضمن التنظيم والإدارة المتبعة للأزمة، وأن أرقام حساباتها معلنة وواضحة، خصوصاً لمن ليس لديه جهة معلومة لتقديم التبرعات.

وأكد مخلوف أن جهود الجميع دعمت العمل وكانت سنداً للفرق والعاملين والناس المتضررين، غير أن الحكومة السورية وقع عليها عبء 90% من الاحتياجات والمتطلبات، ولذلك فلا بد من تقدير واقع الجهود الجبارة التي بذلت في ظروف صعبة للغاية.

البنية التحتية

وصف مخلوف أضرار البنية التحتية بالبسيطة وفي أقل حدٍ ممكن، معلناً مباشرة ترميم البنية التحتية من مقاسم وكهرباء وشبكات مياه وغيرها، بغية إعادة الحياة لطبيعتها.

وأثنى مخلوف على تضافر الجهود الجميع وصولاً إلى فرق الجيش والشرطة التي عملت وكانت شريكة في كل مفاصل الكارثة وصولاً لتأمين ممتلكات وأرزاق المواطنين الذين خرجوا من منازلهم وحمايتهم من ضعاف النفوس واللصوص.