مواطنون في فخ الغش والتزوير.. وخطوات باتجاه نظام “باركود” للذهب قريباً
دمشق – ميس بركات
كمثيلاته من الأسواق يشهد سوق الصاغة اليوم في سورية حالة من الركود، إذ لم تستطع الأعياد والمناسبات على مدار الأشهر السابقة إنعاشه، ولاسيّما بعد سلسلة الارتفاعات الأخيرة في سعر الغرام منه والذي تجاوز حائط الـ 360 ألف ليرة للمبيع والشراء، الأمر الذي حصر المقبلين على محال الصاغة بأعداد قليلة، لا لشراء الذهب بقدر ما هو لبيع غرامات خجولة منه لا زالت قيد الادخار، وسط تدهور الوضع المعيشي وعدم كفاية الأجور والرواتب في القطاعين العام والخاص لتأمين الحدّ الأدنى من احتياجات الأسرة. وعلى الرغم من أن مؤشرات أسعار الذهب تراوحت خلال الأيام الماضية بين ارتفاع وانخفاض، إلّا أن سعر غرام الذهب في ذروة انخفاضه وصل إلى 350 ألفاً، أي ما يعادل راتب موظف في القطاع الخاص ويفوق أجر وحلم موظفي القطاع العام بأشواط كبيرة!
تسعيرة “سوداء”
امتلاك تجار الذهب لثروات تنحصر في الرأسمال الكامن في بضاعتهم لم تعفهم من منافسة المواطن الفقير في اتباع سياسة التذمّر والشكوى من الفقر والغلاء وقلة الحال، لنجد الصاغة في سوقهم أكثر تذمراً وشكوى وتهديداً بإغلاق محالهم، ولا سيّما أن هذه المصلحة لم تعد تأتي بهمّها – حسب قولهم – الأمر الذي جعل مطالبهم تتضاعف بتقديم الدعم لهم وتخفيض الضرائب المفروضة عليهم وغيرها من المطالب المُدرجة ضمن سياسة “النق” المتزايد، مع تزايد سعر الغرام عالمياً وزيادتهم لسعره العالمي محلياً، فعلى الرغم من تأكيد أصحاب الشأن عدم تلاعب الصاغة بسعر الذهب وارتباط سعره محلياً بالسعر العالمي إلّا أن الواقع يخالف هذه التصريحات، ليؤكد لنا الخبير الاقتصادي إسماعيل مهنا أن الذهب السوري يسعّر عن طريق “السوق السوداء”، لافتاً إلى عدم التزام جمعية الصاغة بالتسعيرة، الأمر الذي يؤثر على مجريات التضخم حتماً، وأن سياسة الشكوى والتذمر والتهديد بهجرة الصاغة لمحالهم لا تخرج من إطار وضع الجهات المعنية تحت سياسة الأمر الواقع وجعلها ترضخ لتحكمهم بالسعر المحلي وبتجاوزات الكثير من الصاغة.
ربح لا خسارة
ونفى مهنا تعرّض أي صائغ لخسارة حتى في سنوات الحرب، فقانون التجارة في الربح والخسارة لا ينطبق على تجارنا السوريين الذين هم أذكى من أن يقعوا في فخ الخسارة، ولعلّ أسوأ ما يتعرّض له المحلي هو انخفاض هامش ربحه، أما الخسارة فهي دوماً من نصيب المستهلك، وهذا الأمر ينطبق حتماً على سوق الذهب الذي ورغم انخفاض روّاده إلّا أن أثرياء الحرب كفيلون بإنعاشه، ولاسيّما أن ادّخار وتجميد المال ينحصر اليوم عند هذه الفئة بشراء العقارات أو الذهب أو الدولار، وبالتالي فإن هذه الفئة مُجتمعة مع فئة الأثرياء الأصليين كفيلة بضمان استمرارية ربح تجار الذهب، وإلّا لما كنّا شاهدين اليوم على استمرار وجود وعمل أسواق الذهب، فالذهب يعتبر وسيلة فعّالة لحماية ثروة الأغنياء من التضخم المتفاقم يوماً بعد يوم، وحذّر الخبير الاقتصادي من وقوع الكثير من المواطنين كضحايا للتزوير والتلاعب الحاصل بكثرة في أسواق الذهب، سواء بعيار ووزن القطعة أو حتى بكونها من الذهب الأصلي، مشيراً إلى ضرورة اتباع نظام يحمي الزبائن من الغش ويحافظ على سمعة الذهب السوري.
باركود للذهب
في المقابل اعتبر غسان جزماتي رئيس جمعية الصاغة في تصريح خاص لـ “البعث” أن الذهب السوري من أجود السبائك عالمياً فنسبة التزوير فيه نادرة جداً، نافياً تحكم التّجار بسعر الذهب وخضوعه للتسعيرة العالمية، حيث يتمّ تحديد نشرة تصدر يومياً بالتنسيق مع الأقسام المختصّة بالمصرف المركزي ووزارة المالية، وفيما يتعلق برسم الإنفاق أكد جزماتي أن البضاعة تدخل أولاً إلى مكتب الدمغة للتأكد من عيارها الصحيح ومن ثم ختمها بختم الجمعية وأخذ رسم إنفاق استهلاكي بنسبة محدّدة 5% من سعر الغرام. وتحدث رئيس الجمعية عن مشروع أتمتة الذهب والذي يتمّ العمل عليه منذ أكثر من 6 أشهر إلى اليوم لوضع الختم و”الباركود” على كلّ بضاعة دخلت إلى الدمغة بعد التأكد من عيارها وفحصها بحيث يتضمن الباركود تفاصيل القطعة ومكان تصنيعها ووزنها وتاريخ دخولها للجمعية كخطوة مهمّة للقضاء على التلاعب بالعيار والوزن، بحيث يتمّ مخالفة كل قطعة خالية من الباركود. وفيما يتعلق بدخول الذهب الخام إلى البلد، أكد رئيس الجمعية تفعيل دخوله منذ أكثر من عشر أعوام عن طريق معابر الحدود لبيروت ودبي، إذ يستطيع أي مواطن إدخال ذهب خام مقابل دفع 100 دولار عن كل كيلو للحصول على بيان جمركي “تصفية” تجعل هذا الذهب نظامياً ضمن البلد.