“بكائيات” الولايات المتحدة المكشوفة
علي اليوسف
حتى في الكوارث الطبيعية، تثبتُ الولايات المتحدة أنها ليست دولة بالمعنى التقليدي للدول التي أنشئت على حضارات وقواعد إنسانية، فهي عندما تدعو لإدخال المساعدات الإنسانية إلى سورية عبر المعابر فقط، فهذا يعني أنها مستمرة في تمسّكها بالعقوبات والحصار الاقتصادي، وتؤكد بالتالي أنها دولة متغطرسة يحكمها ثلة من رعاة البقر.
لقد كان موقف الولايات المتحدة، من بين مجموع المواقف الدولية من الزلزال العنيف الذي ضرب شمال سورية، لافتاً للأنظار، حيث كان واضحاً أن واشنطن تحاول الاصطياد في الماء العكر، عبر ذرف الدموع الكاذبة على ضحايا الزلزال، خاصةً وأن الولايات المتحدة كانت هي الجهة الأكبر والأبرز في إشعال الحرب على سورية، وفي استمرارها حتى اليوم، لأن ضحايا زلزال الإرهاب التكفيري الذي ضرب سورية منذ العام 2011، وما زالت ارتداداته تتوالى حتى اليوم، لا يماثله بالحجم والقوة إلا ضحايا زلزال الحصار الأمريكي على الشعب السوري، وما يُسمّى “قانون قيصر”، وجرائم سرقة النفط السوري، ونهب ثروات سورية.
لذلك سورية وشعبها ليسوا بحاجة إلى دموع أمريكا، ولا مساعدتها، ويكفي أن تخرج وتنهي احتلالها للأراضي السورية، وتكفّ عن نهب وسرقة خيراتها، حتى تستعيد سورية عافيتها، فالشعب السوري يعرف كيف يضمّد جراحه، ويبني ما هدمته أمريكا وعصاباتها التكفيرية الإرهابية، وستكون قوية بتماسكها الداخلي، وبلهفة محيطها العربي وأصدقائها الذين لم يتركوها في زمن المحن.
مؤلمٌ جداً ألا ترى سورية العديد من الدول العربية تتسابق لإغاثة ضحاياها، ومؤلمٌ جداً ألا ترى سورية تلك الحكومات التي لعبت دوراً في الحرب لتدميرها وحصارها، إذ كان الأمل أن تستغل فرصة هذه الكارثة الإنسانية للتكفير عن خطاياها، وإرسال المساعدات الفورية الإنسانية لضحايا الزلزال، كما فعلت العراق والجزائر والإمارات.. وغيرها من الدول الصديقة.
بعد الزلزال، أي موقف سيصدر عن دولة من دول الحرب والحصار، هو بلا شك للاستهلاك الإعلامي، لأن حربهم في الأساس كانت على سورية بكل ما تمثله سياسياً وجغرافياً واقتصادياً وبشرياً، الهدف منها تحويلها إلى دولة مقسّمة فاشلة. وعلى الرغم من أن طلب المساعدة، والمناشدة برفع العقوبات ليس إلا من باب الجانب الإنساني والأخلاقي، لكن بعد الصبر على الإرهاب والحصار، يجب على العالم أن يعرف أن مصيرنا ونجاحاتنا بأيدينا، فكما واجهنا العدوان بمختلف صوره، سنواجه آثار الزلزال ونتجاوز خسائره المادية والبشرية.