التركيز على أعمال الإغاثة وعودة تدريجية للحياة في حلب
حلب – معن الغادري
بالتوازي مع استمرار عمليات إزالة الأنقاض والبحث عن ناجين تحت أنقاض الأبنية المتهدمة تتواصل عمليات الإغاثة وتقديم المساعدات الإنسانية والطبية والغذائية للأهالي المتضررين من آثار الزلزال الأعنف الذي ضرب حلب منذ عشرات السنين، وراح ضحيته حوالي 400 شخصاً وأكثر من 750 مصاب، إضافة إلى نزوح أكثر من الآلاف من المواطنين، نتيجة تهدم 54 بناءً سكنياً كلياً وجزئياً، وتعرض مئات المنازل إلى أضرار بليغة في جدرانها وأساساتها، عدا عن الأضرار الجسيمة في المرافق العامة والقطاعات التعليمية والخدمية، إذ تسبب الزلزال بضرر نحو 71 مدرسة، يضاف إلى ذلك الأضرار التي لحقت بشبكتي الكهرباء والمياه.
سباق مع الزمن
ويسابق رجال الدفاع المدني والإطفاء، والفرق التطوعية الوقت لانتشال العالقين تحت الأنقاض، سواء كانوا أحياء أم أنهم قضوا نتيجة قوة الزلزال، حيث ما تزال مؤسسات الدولة وقطاعاتها الخدمية مستنفرة بكامل طاقتها، لإزالة آثار الزلزال والتخفيف ما أمكن عن الأهالي المتضررين، ويرافق هذه الجهود الجبارة والشجاعة، تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية، من قبل مؤسسات الدولة والجمعيات الأهلية والمبادرات الشبابية والشخصية، يضاف لذلك المساعدات التي تأتي تباعاً عن طريق مطار حلب من الدول العربية والصديقة وقوافل المساعدات العينية والمادية من الأهالي السوريين في مختلف المحافظات السورية، وهو يجسد الصورة الأجمل للسوريين من خلال تكافلهم وتضامنهم ووحدتهم، ما ترك الكثير من الأثر الطيب في نفوس أهالي حلب والمتضررين.
تكثيف جهود الإغاثة
تشهد مراكز الإيواء في حلب نشاطاً يومياً متزايداً، من خلال اللجان الإشرافية المشكلة على مستوى المحافظة، والوحدات الشبابية التطوعية، وتوحيد الجهود لتأمين كافة مستلزمات الأسر المتضررة من غذاء ولباس وأدوية وغيرها من الاحتياجات اليومية.
ويشير رئيس مجلس المحافظة محمد حجازي إلى أنه بالتوازي مع استمرار عمليات البحث والكشف على الأبنية المتضررة والمتصدعة من قبل لجان فنية متخصصة، تبذل جهود تشاركية كبيرة من مؤسسات الدولة كافة، وبالتعاون والتنسيق مع المؤسسات الخيرية والجمعيات الأهلية والنقابات والمنظمات الشعبية، لتأمين الخدمات المطلوبة للأهالي في مراكز الإيواء. ويتم العمل وفق آليات واضحة وشفافة لإيصال المساعدات لكافة الأسر المتضررة وتأمين مراكز إيواء إضافية في حال الحاجة لذلك.
وبين حجازي أن المأساة كبيرة والظروف صعبة، وهو ما يستدعي تضافر كل الجهود وصبها في مصلحة المواطنين المتضررين، مشيراً إلى أن مجلس المحافظة يتابع عن كثب كافة تفاصيل إدارة هذه الأزمة، وبروح عالية من المسؤولية الوطنية، فالمصاب كبير وكبير جداً، وهذه اللحظات التي نمر بها تتطلب توحيد كل الجهود للتعافي من هذه الأزمة الكارثية.
من جهته مدير الصحة الدكتور زياد حاج طه أكد أن المنظومة الصحية منذ اللحظة الأولى لحدوث الزلزال كانت حاضرة بطواقمها الإدارية والطبية والإسعافية، وما زالت حتى اللحظة تقدم كل الدعم الطبي والنفسي للمتضررين والمصابين، وقد تم تشكيل 32 فريقاً طبياً بإشراف مديرية الصحة وبالتعاون مع الجمعيات الأهلية والمنظمات التي تعنى بالشأن الطبي والصحي، للإشراف على مراكز الإيواء بحلب. مشيراً إلى أن الفرق تقوم بجولات يومية على مدار الساعة على مراكز الإيواء لتقديم كافة الخدمات الطبية والصحية والمعالجة النفسية للمتضررين من آثار الزلزال الذي ضرب حلب.
حالات فردية
في خضم ما حدث من كارثة إنسانية برزت بعض الأخطاء والتجاوزات الفردية أساءت إلى الجهود النبيلة التي تبذل من الجميع للتخفيف من آثار الكارثة، إذ قام البعض بإستغلال هذا الحدث المؤلم للإفادة من المساعدات الانسانية والاغاثية، وهو ما تصدى له مجلس المحافظة وتم معالجته فوراً من خلال تنظيم وتوحيد آليات العمل الإغاثي، وابعاد الأشخاص المسيئين ومحاسبتهم، وهنا لا بد من التأكيد على أن هذه التصرفات الفردية وغير الأخلاقية لا تمت إلى المجتمع السوري بأي صلة، وهو ما أثبته فزعة السوريين من مختلف انتماءاتهم وشرائحهم للتضامن مع المتضررين وتقديم كل أشكال المساعدة الإنسانية. وما نتمناه أن يتم الابلاغ عن أي خطأ أو تجاوز يبدر من أي شخص مهما كانت صفته إلى الجهات المعنية لمعالجته فوراً، فما يبذل من جهود جماعية نبيلة وخلاقة، لايمكن مقارنتها وقياسها بتصرف فردي غير أخلاقي.
مجموعات شبابية تطوعية
الملفت بعد وقوع الزلزال المبادرات الشبابية من طلبية الجامعات ومن منظمة اتحاد شبيبة الثورة الذين هبوا لنجدة أهلهم، وقاموا بجمع التبرعات و تقديم الغذاء واللباس للمتضررين في مراكز الإيواء، وهو ما يؤكد أن سورية بخير بإرادة وإيمان شبابها وتآخيهم وتضامنهم وقدرتهم على مواجهة كل التحديات والأزمات مهما بلغت حدتها وقوتها. وهو العشم بالسوريين الذين عانوا ما عانوه من حصار وقهر ، إلا أنهم قادرين على الخروج من الأزمات أقوى عوداً وبأساً.
بدء عودة الخدمات
بعد ثلاثة أيام من الحدث الجلل المأساة بدأت الحياة تعود تدريجياً إلى المدينة والخدمات لها بعد قيام الجهات الخدمية بإصلاح الأضرار التي طالت شبكتي المياه والكهرباء. إذ عاودت مؤسسة المياه عملية الضخ إلى بعض الأحياء بعد إصلاح الأعطال، وهو ما انسحب على الشبكة الكهربائية. إلا أن واقع الأسواق مختلف تماماً، حيث تشهد فوضى عارمة وارتفاعاً حاداً في الأسعار عقب الزلزال الذي ضرب المدينة، ويطالب الأهالي الجهات المعنية في لجم التجار الذين يقومون باستغلال هذه الكارثة أبشع استغلال برفع الأسعار بشكل جنوني ودون رحمة.