ريم قبطان: أنقل ثقافة بلدي إلى الشارقة
ملده شويكاني
“اعطني الناي وغنّ، فالغنا سر الوجود”، صوت فيروز كان حاضراً بريشة وألوان الفنانة التشكيلية ريم قبطان، بلوحة مزخرفة تتوسطها أنثى تحمل الناي ويزيّن رأسها تاج الطاووس، في معرضها السابع “مقامات الحب” الذي أقيم في النادي الثقافي العربي في الشارقة، وحفل بكلّ مراتب ومفردات الحب من العشق الإلهي إلى الحب الخاص.
ضمّ المعرض قرابة سبعين عملاً من أحجام مختلفة تصل إلى لوحات بحجم كف اليد، بتقنيات مختلفة كان فيها الخط العربي هو المحور الأساسي بأنواعه الثلاثة: خطّ “النستعليق” الفارسي، النوع الأكثر استخداماً بالنسبة للفنانة ريم قبطان، والخط الديواني، وبعض الأعمال بالخط الكوفي، كلها مزخرفة بألوان ورسومات تناسب مضمون اللوحة، وبعض اللوحات دمجت بين الخط والتشكيل مثل لوحة استمدتها من أقوال شمس التبريزي “رب اجعل قلبي فراشة سحبت خيطاً من الجنة وجاءت إلى الأرض” خطتها باللون الذهبي على جسد أنثى وتدرجت الخلفية بألوان بنفسجية تهيم بفضائها الطيور. كما أفردت مساحة للوحات تشكيلية استمدت بعضها من مفردات التراث.
“البعث” كان لها الحوار التالي مع التشكيلية قبطان:
ما أهمية إقامة معرض فردي في الشارقة؟
تعدّ الشارقة إمارة الخط العربي والمهتمة بفنّون الزخارف الإسلامية، ليس فقط في الدول العربية فقط، وإنما في كل دول العالم، ومن يتجول في شوارعها يرى طراز العمارة فيها مبنية على فنّ الخط العربي والزخرفة، وكوني فنانة سورية من الضروري أن أنقل ثقافة بلدي وأكون سفيرة تعرّف الآخرين إلى جانب من فنونها، وفي الوقت ذاته أطلع على تجارب فناني الإمارات وغيرهم من الجنسيات المختلفة، فالمشاركة فرصة لتبادل الأفكار والخبرات والثقافات والرؤى الفنية، ولمعرفة أساليبهم وكيفية توظيف خبراتهم للتعبير عن ثقافاتهم، فكان المعرض إغناء لتجربتي الشخصية أيضاً.
ومن جهة ثانية المشاركة بمعرض في النادي الثقافي العربي مسؤولية وتقييم، فصالة النادي الثقافي العربي في الشارقة صالة حكومية تتبع لدائرة الثقافة في الشارقة، والعرض بصالة حكومية مع احترامي للصالات الخاصة له أهمية لأنه يخضع إلى موافقات وإلى تقييم الأعمال، ولا يستطيع أي فنان أن يعرض في صالة حكومية، وهذا يضيف قيمة فنية إلى الفنان وإلى الأعمال التي عُرضت بصالة حكومية.
كيف وجدت انطباع الزوار؟
كلّ الانطباعات كانت إيجابية، لأنني اعتمدت على التنويع بتوظيف الزخارف والألوان والأشكال وإخراجها بشكل مختلف يناسب كلّ لوحة، وهذا ما لفت انتباه الجميع، إضافة إلى جمالية المضمون الإنساني، فأنا أستمد فكرة لوحاتي من أشعار الصوفية للحلاج وجلال الدين الرومي وسلطان العاشقين ابن الفارض وابن عربي وشمس التبريزي، ومن الشعر القديم والحديث، والموشحات، ومن التراث والأقوال والحكم والمواعظ، من أية جملة تؤثر بداخلي وتحمل رسالة فأحولها بالريشة واللون إلى حالة إنسانية بإطار لوحة، ونحن الآن أحوج ما نكون إلى الحب وإلى العلاقات الاجتماعية الجيدة والسلوك الحسن.
ماذا عن التقنيات التي استخدمتها؟
لم يكن التنويع بالمضمون والشكل واللون والزخرفة فقط، وإنما التنويع أيضاً كان باستخدام الأحبار المتنوعة والأحبار الإيرانية، إضافة إلى الأحبار التي أصنّعها من مواد مختلفة بالنسبة للخط العربي، وألوان الذهب في اللوحات المذهبة وألوان الإكليريك والمائية والدمج بين الإكليريك والزيتي في اللوحات التشكيلية، لتظهر الأعمال بأبهى حلّة.
وأنوّه بأن مسؤول المعارض في النادي الثقافي العربي في الشارقة د. خليفة الشيمي الفنان والخطاط الشهير تلميذ الخطاط التركي حسن جلبي، أبدى إعجابه بالأعمال وبالتنوع من حيث إدخال الرسومات والزخارف بالأعمال الخطية، لأن أغلب الفنانين في الشارقة يعتمدون على الخط العربي البحت كفن مستقل، فهذا الدمج بين التشكيل والخط، كان رسالة توظيفية فنية لاقت صدى إيجابياً.
ما هو الجديد في معرض مقامات الحب بالنسبة لمسارك الفني؟
الجديد هو بتخصيص جانب بعيد عن لوحة التابلو، وذلك بالكتابة بشكل مباشر على الشالات وبعض الأقمشة للحروفيات ولتراكيب خطية أو مفردة لتوظيف الزخرفة والخط العربي، ونشر هذا الفنّ على أكبر قدر ممكن ويكون بمتناول اليد، وهذا تتمة لمشروعي الذي بدأته منذ فترة بمجال تصميم الحروف على الأزياء والكتابة على الحقائب.
هل حظي معرضك بحضور الفنانين السوريين الموجودين بالإمارات؟
بالتأكيد كان هناك حضور كبير للفنانين السوريين في الشارقة ودبي ومن كلّ الإمارات، الذين أعرفهم والذين أتواصل معهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقد أثنوا على الأعمال وأغنى حضورهم المعرض، وكان فرصة للقاء والتواصل.