مدينتي الثكلى
سلوى عباس
هي لحظات فارقة شكلت حالة من الضبابية والشلل في التفكير حيث ترى نفسك في مواجهة الموت، لاشيء يحميك أو يشفع لك.. أنظر في تفاصيل غرفتي كيف تتهاوى مع أزيز الزلزلة، وكتبي التي كانت ملاذي في تعبي واحتضنت أرقي وقلقي أرى الدمار يغطيها ويكتم صوتها.
حيث باغتنا الموت مع الرحيق الأول للصباح والكارثة المدمرة التي تعرضت لها مدينتي الحالمة بالحب والسلام، مدينتي التي أينعت بين يديها ورود روحي، وأزهرت فيها احلامي وطموحاتي، لكن في لحظة الكارثة لم يعد من شيء يعنيني حيث كان صراخ الضحايا والمصابين يضج في قلبي وروحي وكل منهم فرد من أسرتي، حيث اتسعت الدنيا ونبتت الوحشة في أضلاعي سريعاً وتشابكت مرارتها في عروقي، وكنت كما طير اقتيد إلى قفص أكثر مايمكنه أن يفعل هو الصراخ، متسمرة في مكاني كقطار صدىء هجره المسافرون وتآكلت عجلات الطريق إليه، وحل بي إحساس باليتم وإحساس بفراغ المدينة وخواء الوقت وكل شيء.
جبلة أيتها المدينة المتربعة على عرش قلبي.. في ذاك الصباح الدامي اغتسلت بوجعك، وروحي الشقية تترنح على قدميك وتبتهل إلى الله أن يخفف بعض حزنك وتكوني بخير.
جبلة.. يا عروسة الزمان والمكان، روحي تخفق على وجعك فأرسلها وسادة من من حنان تتكئين إليها، وأجعلها سريراً من وثير الحب تمددي عليها جسدك المتعب ورأسك الساهر طويلاً، علها تخفف عن روحك بعض الحزن والوجع، وعسى صباحاتك المقبلة تكون أقل تعباً.