معرض صالح الخضر في “زوايا”: على حافة الرماد.. على حافة الحياة
أكسم طلاع
“لا ضوء إلا ضوء احتراقنا .. لا ضوء لتفقده الذاكرة هنا، نسكن على الحد الفاصل بين الرماد واشتعاله، من أين جاء ليسكن فينا كل هذا العدم الموجع؟ من هنا اشتريت رغيفي، نصفه رماد ونصفه اختيار وقدر، كتبت عليه اسمي ولوني وحقيبتي، ألصقته على جدار، وأعلنت انتصار خيمتي على حافة الرماد.. لا ملصقات على جدران الذاكرة، مجرد ملامح وهم، مجرد شرايين منهكة من رماد، أحرقت كتباً وذكريات وكلمات، فماذا أفعل بكل هذا الرماد وبكل هذه الحرائق المتطرفة؟ نعم محكومون بالرماد والرماد يحدثني عن جسد.. عن امرأة تلوك معبداً في داخلها.. يحدثني عن أغنية لا أطراف لها وعن حافة الرماد.. فهل يحدثني الرماد يوماً عن جسد امرأة؟.
تعرض في صالة زوايا بدمشق حالياً أعمال معرض الفنان التشكيلي صالح الخضر الذي قدم مجموعته الجديدة، والتي سبقها بمعرض منذ سنوات في صالة فاتح المدرس في دمشق، واليوم يستكمل مشوار تجربته التشكيلية التي تتصف بالبحثية والتجريب التقني والدأب نحو تأكيد ذات الفنان التي تستلهم بدراية من تجارب تقنية سابقة حقق فيها بعض الفنانين خصوصيتهم العالية القائمة على الابتكار والدفع نحو استخدام مواد وتقنيات جديدة بغية تحقيق أوسع أثر تعبيري في اللوحة وبالتالي خلق حوار بصري مفتوح على احتمالات كبيرة ومعاصرة في اللوحة وحيوية تلقيها.
أكثر من ثلاثين لوحة ضمها المعرض تنوعت فيها الأساليب وتداخلت مواضيعها لكن الطابع العام التجريدي هو القاسم الأهم وإن كانت تنحو بعض الأعمال منحى التصوير المبسط وبعضها الأخر التجريب المحض دون تحميل العمل أي موضوع أو أي فكرة أدبية مسبقة بل يكتفي العمل بقيمة السطح التصويري الذي تحقق من خلال فعل التجريب أو المحاكاة لتجارب تقنية سابقة.. لكن يبقى الطابع الشخصي للفنان صالح حاضراً من خلال رسمه للخطوط الغرافيكية بالفحم أو ملامح الإخراج النهائي للعمل منتهيا بالتوقيع النهائي وإن كان على عجل!؟ إلا أن الوجداني من الفنان متوفرا في كل سيرة المعرض التي حمّلها الفنان شيئا من العاطفة ولطف حضوره والوداد الذي يستضيف فيه زائره.. معرض جدير بالمتابعة والاهتمام بما يحمل من مغامرة لافتة على مستوى ما يعرض في صالات الفن والوعي الثقافي التشكيلي عموماً، وبالتالي لن تكون حافة الرماد إلا طرف آخر لحافة الحياة حيث اللون لغة الحب والأمل بالحق وعدالة الجمال.