نخوة ورجولة
معن الغادري
لعل أكثر اللحظات التي كانت تختلط فيها مشاعر الوجع والألم مع مشاعر الأمل، كانت عندما كان يطلب قائد فريق البحث والإنقاذ التزام الصمت، للتيقن والتأكد من أي صوت أو حركة تحت الأنقاض، وكم هي الفرحة، عند يتسلل صوت طفل أو إمرأة أو رجل من تحت الركام، فتعلو الأصوات فرحاً وتنبض القلوب وتموج العيون دموعاً ودعاءً إلى الله أملاً بأن تحمل أيدي رجال الإنقاذ المباركة ناجياً جديداً.. مع ذلك فإن عظمة المشهد وأثره الطيب في النفوس، لم يمح من الذاكرة شريط الحزن والألم على فراق الأحبة، وعلى ما حصده الزلزال المدمر من ضحايا وأضرار بالغة وجسيمة في البشر والحجر.. و”ما شاء الله وقدّر فعل”!!
ستة أيام على الفاجعة والكارثة، وما زال العمل جارياً على مختلف المستويات، وبطاقة بشرية قصوى جمعت أبناء البلد من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، نخوة ورجولة وإغاثة و”فزعة” لا مدى لهما، خففت من آلام المصابين والمتضررين والمنكوبين، زادها قوة وإرادة وتصميماً على الحياة والعمل الحضور والتواجد الميداني للسيد الرئيس بشار الأسد والسيدة عقيلته في المواقع والأحياء المتضررة، للإشراف على أعمال الإنقاذ والاغاثة، وللإطمئنان على صحة المصابين.
وكم كانت جميلة تلك الأصوات التي ارتفعت من بين الجموع لتقول للسيد الرئيس: “حلب بوجودك بيننا ليست منكوبة ولن تكون منكوبة”، ليكون الرد أبلغ معنىً على لسان سيادته: “لن أتوقف عن العمل” من أجل بلدي وشعبي.
تلك هي الصور الملتقطة من جولة الرئيس الأسد والسيدة أسماء في حلب، عقب الزلزال المدمر، وهي تغني عن أي دعم خارجي، وهو ما ترجمه قولاً وفعلاً رجال سورية من مختلف شرائحهم، عندما هبوا رجلاً واحداً بقلوبهم النقية وسواعدهم القوية لإغاثة وإنقاذ أهلهم، متجاوزين كل التحديات والحصار والإمكانات المتواضعة والبسيطة.
هذه هي سورية، وهذه هي حلب.. لن تنحني مهما عصفت بها المحن؛ وإن مال جناحها يميناً ويساراً جراء الزلزال، فهي كطائر الفينيق ستبقى رمزاً للخلود والحياة الأبدية.