الاتحاد الأوروبي وقانون خفض التضخم الأمريكي
عناية ناصر
يخطّط الاتحاد الأوروبي، وفقاً للتقارير، للردّ على قانون خفض التضخم الأمريكي من خلال تخفيف القيود للسماح بموجة من الإعفاءات الضريبية للاستثمار الأخضر، حيث يزعم أعضاء الاتحاد الأوروبي أنهم كانوا يقظين تجاه قانون خفض التضخم منذ أن تمّ الكشف عنه. والسؤال هو: إلى أين ستذهب نسخة الاتحاد الأوروبي من القانون؟.
هناك ثلاث خصائص واضحة لاقتراح الاتحاد الأوروبي المضاد: أولاً، إنه ضربة مباشرة للولايات المتحدة، وثانياً، إنه حركة مضادة سلبية من جانب الاتحاد الأوروبي، وثالثاً، من المتوقع أن يكون مرناً.
إن خطة الاتحاد الأوروبي لتخفيف قواعد مساعدات الدولة لدعم الاستثمار في القطاعات الخضراء مشابهة لخطة الولايات المتحدة. ظاهرياً، يبدو أنه نهج لخفض التضخم، لكنه في الواقع منافسة في قطاع الطاقة الجديدة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
في البداية، كان القانون الأمريكي يستهدف الصين، لكن سرعان ما أدرك الاتحاد الأوروبي أن مصالحه في المركبات التي تعمل بالطاقة الجديدة ستتضرّر بشدة، ولذلك وقبل أن تتمكن الدول الأخرى من الردّ، وقفت لمواجهة الولايات المتحدة. ومع ذلك، لا تزال هذه الخطوة سلبية. لكن على الرغم من كونه ردّ فعل سلبياً، إلا أن نسخة الاتحاد الأوروبي من قانون خفض التضخم لا تزال تتمتّع بمرونة قوية بعد تقديمه.
يتمتّع الاتحاد الأوروبي بحجم سوق ضخم، وتقاليد ثقافية لمركبات الطاقة الجديدة والصناعات الخضراء. بالإضافة إلى ذلك، فإن القوة الشرائية للاتحاد الأوروبي، بما في ذلك أوروبا الغربية، ودول الشمال، ودول جنوب أوروبا، وبعض دول أوروبا الوسطى، ليست ضعيفة مقارنة بالمستهلكين الأمريكيين. لقد التزم الناس في الدول الأوروبية بمفهوم التنمية الخضراء، وحماية البيئة لعقود من الزمن، ووضعوه موضع التنفيذ بطريقة عملية. كما أحرزت أمريكا الشمالية تقدماً في مجال الحماية الخضراء والبيئية في السنوات الأخيرة، إلا أنه لا تزال هناك فجوة معينة مع الاتحاد الأوروبي.
يعاني الاتحاد الأوروبي من ثلاثة أوجه قصور: أولاً، لا تزال تكنولوجيا صناعة السيارات ذات الطاقة الجديدة في الاتحاد الأوروبي متخلفة عن الركب وتلتحق بتقنيات الولايات المتحدة والصين. ثانياً، فيما يتعلق بالاستثمار في صناعة السيارات ذات الطاقة الجديدة والصناعات الخضراء، لم يتمكّن الاتحاد الأوروبي بعد من مجاراة الدول المتقدمة في هذا المجال كالصين. ثالثاً، لا يزال الاتحاد الأوروبي شراكة بين الدول ذات السيادة، بهيكل فضفاض نسبياً وكفاءة تفاوضية منخفضة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي في حالة سلبية ليس فقط عندما يتعلق الأمر بقانون خفض التضخم، ولكن أيضاً في العديد من المجالات الأخرى، وخاصة فيما يتعلق بالبنية التحتية، سواء كانت مشاريع البنية التحتية الخارجية السبعين التي يخطّط الاتحاد الأوروبي لإطلاقها في المستقبل القريب، أو خطة الاتحاد الأوروبي لاستثمار أكثر من 280 مليون يورو في المنح في جنوب إفريقيا، في إطار مبادرة البوابة العالمية، إلا أن جميع هذه المبادرات أظهرت حالة الاتحاد الأوروبي السلبية في التنمية العالمية، فالمشكلة متجذّرة في هيكله السياسي وآليات صنع القرار فيه.
باختصار، في مواجهة قانون خفض التضخم الأمريكي، من الممكن أن يقوم الاتحاد الأوروبي بهجمات مضادة أكثر نشاطاً في المستقبل. ولمواجهة الهجوم القويّ من قبل الولايات المتحدة، يمكن للصين والاتحاد الأوروبي، الاقتصادين الرئيسيين، التعاون في صناعة مركبات الطاقة الجديدة، وصناعات حماية البيئة الخضراء، من أجل قيادة اتجاهات حماية البيئة في العالم بشكل مشترك.