زلزال سورية يفضح إنسانية واشنطن المزعومة
ترجمة: عناية ناصر
أدى الزلزال المدمر الذي ضرب سورية إلى وفاة الألاف وإصابة عشرات الآلاف، وتصاعدت جهود الإنقاذ في سباق مع الزمن في محاولة لرفع الأنقاض وإنقاذ العديد من الأشخاص العالقين تحت الأنقاض.
وما يعرقل أعمال الإغاثة والإنقاذ هو بالفعل العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة وحلفاؤها، فعلى سبيل المثال، بسبب الحصار والعقوبات لا يوجد وقود حتى لإرسال ما يكفي من قوافل الإغاثة والإنقاذ، ففي المؤتمر الصحفي لوزارة الخارجية الأمريكية، سأل أحد الصحفيين: لماذا لم تتواصل الحكومة الأمريكية مع الحكومة السورية، التي تدير عمليات الإنقاذ وحدها، واقترح أن ترفع الولايات المتحدة العقوبات التي خنقت سورية وشعبها بشكل أساسي، وكان رد المتحدث نيد برايس:” إن استغلال الزلزال كفرصة للتواصل مع الحكومة السورية سيكون مفارقة”.
إن ما يمكن للولايات المتحدة أن تقدمه هو مجرد نقطة في بحر، ولكن بالنسبة للشعب السوري الذي يواجه مستقبلاً غير مؤكد، فهو ليس فقط حالة عاجلة وملحة بل وإنقاذ للحياة أيضاً، فإذا كان لدى الولايات المتحدة أي ضمير أو أي وازع أخلاقي، فلا ينبغي أن تدع أي فرصة للبقاء في هذا المنعطف الحرج، فحياة السوريين مهمة.
لا علاقة للكوارث الطبيعية والأزمات بالسياسة، لكن ليس هذا هو الحال مع الولايات المتحدة، ففي آب الماضي، عندما أدى حريق في منشأة تخزين النفط الكوبي إلى مقتل وجرح وتشريد الكوبيين، وفاقم أزمة الطاقة في البلاد، كانت العقوبات الأمريكية تمنع الإغاثة المنقذة لحياة الكوبيين، ولم تقدم الولايات المتحدة سوى الدعم الفني، دون أي ذكر لإرسال مساعدات مادية محددة، أو حتى رفع بعض العقوبات على الأقل.
صنفت واشنطن سورية لفترة طويلة على أنها دولة غير مطيعة، وكانت رواية الولايات المتحدة عن تقسيم العالم إلى قسمين تخفي في الواقع نيتها الحقيقية لتقسيم العالم وفقاً لمصالح الولايات المتحدة. ووفقاً لـ لي هايدونغ، الأستاذ بمعهد العلاقات الدولية بجامعة الشؤون الخارجية الصينية، فإن طبيعة السلوك الأمريكي هي تعزيز الهيمنة الأمريكية في جميع أنحاء العالم، وفي منطقة الشرق الأوسط خاصة، وبالنسبة لواشنطن، فإن الهيمنة والموارد تكمن في صلب الاعتبارات الأساسية عند صياغة الاستراتيجيات الأمنية والدبلوماسية، بينما يمكن الاستغناء عن الإنسانية والمعايير، وهذا يفسر سبب سرقة الولايات المتحدة النفط من سورية عند فرض عقوبات على البلاد.
إن البصمات الدموية للإمبريالية الأمريكية واضحة على كارثة الزلزال في سورية، فالسلوك الهمجي لأقوى دولة في العالم ينهب بشكل صارخ ثروة لواحدة من البلدان في العالم التي عانت طويلاً بسبب الحرب والعقوبات الجائرة وغير المبررة التي فرضتها الولايات المتحدة.
ولذلك يتوجب على الأمم المتحدة أن تلعب دوراً تنسيقياً في مطالبة الولايات المتحدة برفع العقوبات عن سورية، وفي هذا الخصوص يمكن للصين وروسيا، العضوان الدائمان في مجلس الأمن، إطلاق مبادرة لمطالبة واشنطن بإنهاء العقوبات المفروضة على سورية.
وفي تناقض واضح مع الولايات المتحدة، بادر العديد من دول العالم إلى إرسال المساعدات إلى سورية ومنها الحكومة الصينية التي أطلقت على الفور آلية للمساعدة الإنسانية الطارئة لسورية، حيث قررت الصين تزويد سورية بـ 30 مليون يوان (4.4 مليون دولار) كمساعدات إنسانية طارئة، بما في ذلك المساعدات النقدية ومواد الإغاثة التي تحتاجها سورية بشكل عاجل، وهنا تنهار الفكرة الدبلوماسية الأمريكية المتمحورة حول هيمنتها إلى أجزاء في مواجهة جهود الصين لبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.