في ذكرى الإضراب.. ثقة مطلقة بتحرير كامل تراب الجولان
القنيطرة- محمد غالب حسين
في الذكرى الحادية والأربعين للإضراب البطولي الكبير في قرى مجدل شمس ومسعدة وعين قنية والغجر وبقعاثا، رفضاً لما يُسمّى بقرار ضمّ الجولان المشؤوم للكيان الصهيوني، وتطبيق القوانين الإسرائيلية، يؤكد أهلنا المناضلون أبناء الجولان العربي السوري المحتل إصرارهم على المزيد من الصمود والمقاومة، وإفشال مخططات الاحتلال بحق الجولان أرضاً وتاريخاً وسكاناً، وأنهم باقون على العهد، مهما أوغل الاحتلال في ممارساته وإجراءاته وقراراته الباطلة المرفوضة.
ومع أن القرار الذي أصدره الكنيست الصهيوني في الرابع عشر من شهر كانون الأول ١٩٨١، وُلِد ميتاً، ولا يساوي الحبر الذي كُتِب به، إلا أن الأهل الأباة في الجولان رفضوا القرار رفضاً قاطعاً، وأعلنوا الانتماء الأصيل لوطنهم الأم سورية، والاعتزاز بهويتهم العربية السورية، لأنها رمز كرامتهم وفخرهم، ونسبهم وجذورهم.
وبعد ثلاثة أيام من صدور القرار اجتمع مجلس الأمن الدولي بناءً على طلب من الجمهورية العربية السورية لدراسة مآلات القرار الإسرائيلي وتداعياته، وأصدر القرار رقم ٤٩٧ الذي ينصّ على اعتبار الضمّ باطلاً ولاغياً، وليس له أي أثر قانوني دولياً.
أما الردّ الحازم الجازم والقاطع المانع فقد جاء من أبناء الجولان العربي السوري المحتل الذين رفعوا شعار “لا بديل عن الهوية العربية السورية”، وعندما حاول جيش الاحتلال الإسرائيلي فرض الهويات الصهيونية على أبناء الجولان، قاموا بجمعها، وأحرقوها أمام جنود الاحتلال الصهيوني. كما أصدر أبناء الجولان السوري المحتل “الوثيقة الوطنية” التي أعلنوا بها رفضهم للاحتلال الإسرائيلي وقراراته وإجراءاته، وتمسّكهم بهويتهم العربية السورية، وانتماءهم لوطنهم الأم سورية.
وكتب الأهل المناضلون عبر إضرابهم العام المفتوح في الرابع عشر من شباط عام 1982 ملحمة وطنية نضالية بطولية، حين تصدّوا لقرار الضم وأطلقوا شعار: “المنية ولا الهوية” لإضرابهم المفتوح، رفضاً لفرض الهوية الإسرائيلية، ولقرار الضمّ الباطل، وللتأكيد على تمسّكهم بهويتهم الوطنية ومواصلة نضالهم في مواجهة إجراءات الاحتلال التعسفية حتى تحرير الجولان والعودة إلى الوطن الأم سورية.
وقامت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فور إعلان الإضراب، بفرض حصار عسكري شامل على القرى والبلدات في الجولان، ومنعت وصول المواد الغذائية، وقطعت الكهرباء عن الأهالي في محاولة للتعتيم على ما يجري، وعزلهم عن العالم الخارجي للضغط عليهم، وإجبارهم على إنهاء الإضراب، والقبول بقوانينها. كما عمدتْ إلى اعتقال عشرات الشبان من أبناء الجولان بعد حملات مداهمة للبيوت، وفرضت منع التّجول في جميع القرى. لكن أهالي الجولان العزل، قابلوا الحصار الجائر وضغوط الاحتلال بالصمود والمقاومة والتجذر في أرضهم وقراهم، وخاضوا خلال فترة الإضراب مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال، كان أهمها معركة الهويّة التي جرت في الأول من نيسان عام 1982 بعد أن اقتحمت قوات الاحتلال عدة قرى، ونكّلت بسكانها.
وبعد أكثر من ستة أشهر من الإضراب، اضطر كيان الاحتلال إلى الاستجابة لمطالب الأهالي، والتراجع عن مخططاته العنصرية لفرض الجنسية الإسرائيلية على أبناء الجولان بالتزامن مع تأكيد الأمم المتحدة والكثير من الدول الحرة في العالم، أن قرار الكنيست الإسرائيلي بضمّ الجولان باطل ولا أثر قانونياً له وأن الجولان عربي سوري.
نضال مستمر
رغم القمع والاعتقالات وعمليات التنكيل وكلّ الممارسات الجائرة على مدى ستة وخمسين عاماً من الاحتلال، يواصل أهالي الجولان تصديهم لكلّ مخططاته، ومن بينها ما تُسمّى انتخابات المجالس المحلية التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي، حيث أحرقوا في تشرين الأول 2018 البطاقات الانتخابية الصهيونية على مرأى من جنود الاحتلال المدججين بالسلاح، تعبيراً عن رفضهم الشديد لإجراء تلك الانتخابات في قرى الجولان، كما رفضوا بشكل قاطع المخطط الاستيطاني المتمثل بإقامة مراوح هوائية على مساحة تقارب ستة آلاف دونم في عدد من المواقع المحيطة بقرى مجدل شمس وعين قنية وبقعاثا ومسعدة والذي يهدف إلى الاستيلاء على أراضيهم وتهجيرهم منها.
وفي التاسع من كانون الأول عام ٢٠٢١ أعلن أهلنا في الجولان إضراباً شاملاً، شمل كلّ مرافق الحياة، لمنع الاحتلال الإسرائيلي من تنفيذ مخططه التوسعي إقامة مراوح هوائية عملاقة على أراضيهم، حيث بدؤوا منذ ساعات الصباح الباكر التجمع بين قريتي مجدل شمس ومسعدة المحتلتين، وانقسموا إلى مجموعات انتشرت في الأراضي المزمعة إقامة مراوح عليها، فيما أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي عدداً من المداخل الرئيسية لقرى الجولان السوري المحتل، لمنع الأهالي من الوصول إلى أراضيهم الزراعية في المناطق التي يعتزم الاحتلال إقامة توربينات عليها.
إن صمود أهالي الجولان المحتل وتمسكهم بحقوقهم وأراضيهم الذي عبّروا عنه من خلال المظاهرات والاحتجاجات في قرى مجدل شمس وبقعاثا ومسعدة وعين قنية رغم اعتداء قوات الاحتلال على الأهالي بالرصاص والغاز المسيل للدموع، أجبر الاحتلال على الرضوخ لمطالبهم بعدم دخول أراضي بلدة سحيتا المحتلة مجدداً لإقامة توربينات هوائية، وعلى الإفراج تباعاً عن المعتقلين الذين شاركوا في التصدي لمخطط المراوح التوربينية على أراضيهم.
عهد ووعد
واليوم وفي ذكرى الإضراب البطولي الكبير يؤكد أهلنا في الجولان السوري المحتل أنهم مصرّون على المزيد من الصمود والمقاومة، وإفشال كل مخططات الاحتلال بحق الجولان أرضاً وتاريخاً وسكاناً، وأن الاحتلال مهما أوغل في ممارساته وإجراءاته وقراراته الباطلة المرفوضة، سيبقى أهلنا في الجولان على العهد، يجدّدون في كل مناسبة التأكيد على موقفهم الثابت بأن الجولان المحتل جزء لا يتجزأ من أرض سورية، وبأن الهوية السورية صفة ملازمة لهم لا تزول، وهي تنتقل من الآباء إلى الأبناء، وأن أرضهم ملكية مقدّسة لا يجوز التنازل أو التخلي عن شبر منها للمحتل الإسرائيلي، مؤكدين انتماءهم الأصيل لوطنهم الأم سورية، وتمسكهم بالهوية العربية السورية، وولاءهم لقائد وطنهم السيد الرئيس بشار الأسد.