“الدوما الروسي” يدعو مجلس الأمن إلى التحقيق في تفجير “السيل الشمالي”
موسكو – واشنطن- بكين- تقارير:
تحاول الإدارة الأمريكية بشتى الوسائل التغطية على تورّطها في تفجير أنابيب السيل الشمالي، من خلال صناعة أحداث تشغل الرأي العام العالمي وتنسيه الحديث في هذا الأمر. غير أن ما فضحه الصحفي الأمريكي الاستقصائي سيمور هيرش من أدلّة على تورّط البيت الأبيض في التخطيط لهذا العمل وتنفيذه، وضعه في موقف محرج وجعله غير قادر على إصدار إجابات منطقية عن التساؤلات بشأنه، الأمر الذي دفعه إلى الإيعاز إلى وسائل الإعلام المحلية والغربية بعدم التعاطي مع ما نشره هيرش أو تسويقه.
وفي التفاصيل، وافق مجلس الدوما الروسي، اليوم الخميس، بالإجماع على مشروع دعوة تحث مجلس الأمن الدولي على التحقيق في تفجير خطي أنابيب الغاز “السيل الشمالي” ومعاقبة من أمر وارتكب هذه الجريمة.
وجاء في مشروع الدعوة الذي أعدّته لجنة مجلس الدوما الروسي للشؤون الخارجية بطلب من رئيس المجلس فياتشيسلاف فولودين: “يدعو نواب مجلس الدوما الروسي مجلس الأمن الدولي إلى التحقيق في هذا العمل الإرهابي الدولي وتقديم تقييم قانوني لهذه العملية التخريبية الرهيبة ومعاقبة من أمر وارتكب هذه الجريمة التي عرّضت أمن أوراسيا للخطر”.
ولفتت الوثيقة الانتباه إلى المعلومات التي نشرها الصحفي الأمريكي سيمور هيرش بشأن “واقع تنفيذ هذا الهجوم الإجرامي على 3 خطوط لأنابيب الغاز “السيل الشمالي” و”السيل الشمالي-2″ في بحر البلطيق من العسكريين الأمريكيين والمتعاونين معهم في النرويج”.
وأشارت إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن التي أصدرت الأمر غير القانوني بهذا الشأن، تتحمّل المسؤولية الكاملة عن إلحاق الضرر بمليارات الدولارات بأصحاب البنية التحتية للطاقة في القارة الأوراسية، وكذلك عن التأثير الضار والطويل الأجل في اقتصاد وبيئة بلدان المنطقة.
وعبّر النواب أيضاً عن اعتقادهم أن هذه الجريمة الأمريكية “يجب أن تصبح سبباً لإجراء تحقيق دولي دقيق ومعاقبة المسؤولين وتعويض الأضرار”، كما اتهموا الساسة الأمريكيين باندلاع حرب العقوبات وإثارة النزاعات المسلحة والقيام بالأعمال الهادفة إلى “الإطاحة بالأنظمة غير المرغوب فيها في جميع أنحاء العالم”.
من جانبه، صرّح المتحدث باسم السفارة الروسية في الولايات المتحدة إيغور غيرينكو بأن الجانب الروسي لن يسمح بتجاهل الوضع المتعلق بتفجير البنية التحتية الحيوية للطاقة.
وفي تعليقه على تصريح للمتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس مفاده أن بلاده تنفي تورّطها في تفجير خطي أنابيب الغاز “السيل الشمالي” وتترك التحقيق للدول التي وقع الحادث في نطاق اختصاصها، قال غيرينكو: “لن يسمح الجانب الروسي بتجاهل الوضع حول تفجير البنية التحتية الحيوية للطاقة، وخاصة مع الأخذ بعين الاعتبار أنه لا توجد هناك أي معلومات عن بعض العبوات الناسفة غير المنفجرة التي بقيت على ما يبدو في قاع البحر”.
وأضاف: من المهم جداً أن برايس ردّ بشكل “غير منضبط” على سؤال “معقول تماماً” من الصحفيين حول موقف الولايات المتحدة من مشاركة الأمم المتحدة في البحث عن المسؤولين عن التخريب في بحر البلطيق. وذكر أن السفارة الروسية تصنّف الحادث كعمل إرهابي دولي يتطلّب إجراء تحقيق شامل مستقل، كما دعا واشنطن للانتقال من توجيه الاتهامات إلى موسكو إلى “محاولة إثبات عدم تورّطها في تدمير خطي أنابيب الغاز”.
إلى ذلك، دعت وزارة الخارجية الصينية إلى إجراء تحقيق موضوعي ومهني في حادث تفجير خط أنابيب “السيل الشمالي” وتقديم المسؤولين عن ذلك إلى العدالة.
جاء ذلك في الإفادة الصحفية للمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وين بين اليوم الخميس، حيث تابع إنه “من الضروري إجراء تحقيق موضوعي وحيادي ومهني في هذا الحادث وتقديم الجناة للعدالة”.
ولم يحظَ التحقيق الذي أجراه الصحفي الأمريكي المرموق سيمور هيرش، الذي اتّهم فيه الولايات المتحدة الأمريكية والنرويج بتفجير خط الأنابيب العام الماضي، بتغطية واسعة في الصحافة الأجنبية، حيث قرّرت عدد من الصحف الرئيسية في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا تجاهله. وعلى وجه الخصوص تجاهلته، ولم تكتب عنه أي شيء، بعد أسبوع من نشر المقال، كبرى الوسائل الإعلامية الأمريكية مثل “نيويورك تايمز” و”واشنطن بوست”، إضافة إلى تجاهل التحقيق من عدد من وسائل الإعلام البريطانية مثل “فاينانشال تايمز” و”الغارديان”.
وكان الصحفي الأمريكي الشهير المعروف بمنشوراته عن الجرائم الأمريكية في فيتنام وفي حروب الشرق الأوسط، ولا سيما فضيحة التعذيب في سجن أبو غريب العراقي، قد تمكّن من الحصول على معلومات حول عملية “تفجير خط أنابيب (السيل الشمالي)” من مصدر، لم يذكر اسمه، وكان متورّطاً بشكل مباشر في الإعداد لها على حدّ تعبيره.
وقد رفض البيت الأبيض “بصورة قاطعة” المعلومات الواردة في التحقيق، بينما قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي أدريان واتسون لوكالة “تاس”: إن هذه المعلومات “كذبة مفبركة وخرافة كاملة”.
من جانبها، ردّت وزارة الخارجية الروسية على لسان المتحدثة الرسمية باسمها ماريا زاخاروفا بأن “روسيا لم تفاجأ باستنتاجات الصحفي هيرش بشأن تورّط النرويج في تفجيرات خط أنابيب الغاز “السيل الشمالي”، وبحسبها، فإن سلطات دول الشمال الأوروبي ليست مهتمة بتحديد الجناة الحقيقيين للهجمات الإرهابية على “السيل الشمالي”، مشدّدة على أن روسيا عرضت أكثر من مرة على سلطات الدنمارك والسويد، المساعدة في التحقيق في هذه الهجمات الإرهابية.
من جانبه صرّح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن روسيا تستعدّ لعقد اجتماع خاص لمجلس الأمن الدولي للمطالبة بفتح تحقيق دولي شفاف في حادث تفجير خطوط أنابيب “السيل الشمالي”.