وزارة للكوارث والطوارئ!
غسان فطوم
تستمر المساعدات العينية والمالية بالتدفق إلى سورية من الأشقاء والأصدقاء ومختلف الفعاليات المحلية ومن أفراد في الداخل والخارج على اختلاف مواقعهم ومسؤولياتهم، لا شك أن هذا الحجم الكبير من المعونات يضع اللجنة العليا للإغاثة في الدرجة الأولى أمام عبء ثقيل ومسؤوليات كبيرة لجهة إدارة هذا الملف الذي سيستمر لسنوات، لذا فالدقة والتوثيق والتنسيق أمور مطلوبة بهدف سرعة إيصال المعونات إلى مستحقيها بما يساعد في حل مشكلة المتضررين بشكل تدريجي ويهون عليهم مصابهم.
في خضم التفاصيل المؤلمة للزلزال وتداعياته الآنية والمستقبلية، ومن قبلة مآسي ثلاثة عشرة عاماً من الحرب، إضافة إلى جائحة كورونا، ثمة أصوات تنادي اليوم وتقترح إحداث وزارة للكوارث والطوارئ يناط بها مواجهة الأزمات بكل أنواعها، قوامها مؤسسات رصد وتخطيط، وفرق ميدانية متخصصة ومدربة ومؤهلة جيداً، وغرف عمليات موزعة في كل الأماكن وخاصة التي تكون أكثر عرضة للكوارث الطبيعية، فتجارب الدول مع الأزمات تؤكد أن من أولى هذا الموضوع اهتماماً خرج من أزمته بأقل الخسائر، أما من ارتجل الحلول فزاد عنده الطين بلة، لأنه عالج المشكلة بمشكلة!
للأسف، لم نتعلم جيداً من دروس الحرب، ولا حتى جائحة كورونا، ولا كوارث التنين البحري، ومن قبله انهيار بعض السدود، ليأتي الزلزال ويضعنا في موقف صعب الآن ولاحقاً!
في علم إدارة الأزمات، هناك قاعدة تقول “استعد لما قد لا يحدث وتعامل مع ما حدث”، لذا فوجود مثل هذه الوزارة بخلاياها وغرف عملياتها سيجعلنا على أهبة الاستعداد لمواجهة الكوارث، أياً كانت ومتى حدثت. صحيح أنه في المصاب الجلل الكل معني بالعمل والبحث عن الحلول، ولكن مشكلتنا في عدم التنسيق والتطبيق الجيد، وهذا ما سيكون من أولويات الوزارة المقترحة لتتولى كل هذه الأمور، فنحن نعيش في عالم بات عرضة للصدمات والكوارث المستمرة والتي تقتضي الاستعداد والاستنفار الدائم، من خلال رسم السيناريوهات المحتملة للكوارث ووضع خطط تحرك مناسبة للمواجهة عبر توزيع الأدوار والمهام على المستوى الوطني لتأمين كل المستلزمات واتخاذ الإجراءات العاجلة، بدءاً من تأمين الغذاء والدواء وصولاً إلى إحداث مراكز إيواء وإدارة المعونات والمساعدات بإدارة رشيقة تختصر الكثير من الجهد والوقت، خاصة وأن آثار أي كارثة لا تقتصر فقط على خسائرها الآنية وإنما المشكلة في عواقبها، كمشكلة ضحايا الزلزال التي لم تبدأ بعد!