ما بعد الزلزال
معن الغادري
في الحديث عن المرحلة الثانية وربما الثالثة التي أعقبت الزلزال المدمّر الذي ضرب حلب ومحافظتي اللاذقية وحماة، تتعدّد السيناريوهات والطروحات حول الإجراءات التي ترفع من مستوى العمل الإغاثي والإنساني.
ولعلّ المؤتمر الصحفي، الذي عقدته غرفة عمليات الإغاثة في حلب، قبل يومين، أحاط بكلّ تفاصيل ومفردات العمل منذ اللحظة الأولى لحدوث الزلزال، وكان واضحة ولافتة الجهود الكبيرة والجبارة لمختلف الجهات الرسمية والأهلية، والتي وظّفت وسخّرت كلّ ما تملك من إمكانات وطاقات بشرية فنية وتقنية لاحتواء واستيعاب صدمة الزلزال، والمسارعة في أعمال الإنقاذ وانتشال العالقين تحت الأنقاض والبحث عن ناجين، وتزامن ذلك مع استجابة سريعة في الجانب الإغاثي، من خلال إيواء الأهالي المنكوبين والمتضرّرين، وتقديم كلّ أشكال الدعم والمساعدة من مأوى وغذاء ودواء وكافة احتياجاتهم اليومية.
وبعيداً عن الغوص في التفاصيل، نجد أن الإحاطة الإعلامية لغرفة العمليات أغفلت أموراً وجوانب كثيرة على قدر من الأهمية، وربما أجّلت الحديث عنها لأوقات قادمة ومناسبة، لجهة التعاطي القانوني والقضائي مع البناء العشوائي ومخالفات البناء، ومقاوليه وتجاره، إذ تشكّل المساحة الأكبر من مدينة حلب مناطق مخالفات وبناء عشوائي. وهنا تكمن المأساة والخطورة -وربما ينذرُ ذلك بكوارث إضافية لا قدر الله- إن لم تقم الجهات المعنية على الفور باتخاذ إجراءات وقرارات لمعالجة هذا الملف الأكثر إلحاحاً من غيره، فالحديث عن وجود أكثر من 10 آلاف بناء غير مستوفٍ لشروط السلامة العامة، يضاف إلى ذلك مئات الأبنية في أحياء عدة من المدينة -كحيي الجابرية وميسلون- المهدّدة بالتصدع لتسرّب وتجمع المياه تحت أقبيتها، فهذا يعني أن الحاجة أكثر من ماسة، وتتطلب حلولاً غير مؤجلة تضمن سلامة المواطنين.
ونعتقدُ أن الحديث عن مدينة حلب قبل الزلزال لا يمكن أن يكون مشابهاً ومتطابقاً مع المشهد المؤلم الذي أحدثه الزلزال، وبالتالي فإن أي تأخير في معالجة هذا الملف لن يصبّ في خير المدينة وأهلها، وقد يكون مفيداً أن تكون البداية في إجراء الكشف الفني السريع على المباني الطابقية الجديدة، والتي بُنيت خلال السنوات التي مضت بعيداً عن أعين الجهات المعنية والتي يثار من حولها الكثير من اللغط والشبهات!.
ولعلّ الأهم من كلّ ذلك إنجاز المخطط التنظيمي للمدينة بأسرع وقت، وإزالة كلّ العشوائيات، مصدر الخطر الحقيقي على المدينة وأهلها.