رئيس اتحاد البرلمان العربي: ندعو لعودة سورية إلى محيطها العربي.. وصباغ يدعو لرفع العقوبات عنها
بغداد – سانا:
بمشاركة سورية انطلقت في العاصمة العراقية اليوم أعمال المؤتمر الرابع والثلاثين للاتحاد البرلماني العربي، بحضور رؤساء البرلمانات العربية.
وطالب رئيس اتحاد البرلمان العربي رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي في كلمته أمام المؤتمر بأن تتبنى الدول العربية على كل المستويات البرلمانية والحكومية قراراً نهائياً بعودة سورية إلى محيطها العربي، وإلى ممارسة دورها العربي والإقليمي والدولي بشكل فاعل، والعمل الجاد على استقرارها وإعادة تأهيل بناها التحتية وعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم.
وقال الحلبوسي: “إن سورية في الأيام الأخيرة مرّت بظروف صعبة إثر الزلزال المدمّر الذي أوقع أضراراً بالغة بالأرواح والممتلكات، وكل ذلك يلزمنا جميعاً بالسعي والاستمرار في واجب المساندة والدعم إلى حين انجلاء تداعيات الأزمة وآثارها الصعبة”.
وأضاف الحلبوسي: “لقد آن الأوان للبيت العربي أن يوحّد الجهود وينبذ الخلافات الجانبية للوقوف أمام التحدّيات الراهنة دولياً وإقليمياً، من خلال صياغة استراتيجية شاملة وواقعية تجاه المشكلات العالقة منذ فترة طويلة”، مؤكداً أن هذه القمة تشكّل خطوة مهمّة في تعزيز العلاقات بين الدول العربية.
وفي سياق آخر، قال الحلبوسي: “إن العالم اليوم يمرّ بظروف صعبة للغاية، تتطلّب عملاً تشاركياً وجهوداً استثنائية وتكثيفاً للمساعي الرامية إلى تحقيق الاستقرار والأمن، وفي مقدّمة تلك القضايا قضية الأمن الغذائي التي بحثناها في اللقاء البرلماني العربي في القاهرة، وما يترتب على جميع الخطط المعروضة من جهود حكومية لتنفيذها على أرض الواقع”.
وأضاف: “نعي أهمية هذه المساندة العربية في المضيّ قدماً لعراق آمن وشرق أوسط مستقرّ، ووطن عربي ينمو ويتقدّم بموازاة حاجات العصر ومتطلبات المرحلة الحالية والمقبلة، كما ننتظر في أعمال المؤتمر الكثير من المخرجات بما يخدم قضايا الأمة العربية، ومستجدات الساحتين الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك”.
وشدّد الحلبوسي على رفض العراق اعتداءات قوات الاحتلال الصهيوني بحق الفلسطينيين، وقال: “نكرّر تأكيدنا اليوم موقفنا الثابت والمبدئي من القضية الفلسطينية، ومهما مرّ الوقت وتغيّرت الظروف الدولية فإننا ننطلق من رؤية وإيمان راسخ بأحقية إخواننا الفلسطينيين بإقامة دولتهم الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف”.
من جانبه، دعا رئيس مجلس النواب الأردني أحمد الصفدي في كلمته خلال المؤتمر إلى عودة سورية إلى حاضنتها العربية، وأن تكون عضواً فاعلاً مؤثراَ في القرار العربي وفي المؤسسات المختلفة.
وقال الصفدي: “سورية هي قلب الأمة النابض، وعنوان لتاريخ الأمة ومجدها وحضارتها، وهي التي توالت عليها الجراح بعد كارثة الزلزال الأليم، ما يستوجب منا تكثيف العون والإغاثة لشعبها الأصيل”.
كذلك أكّد الصفدي أن استقرار وأمن العراق يعدّ ركيزة لأمن المنطقة وأن العراق الآمن الموحّد يشكّل مصلحة للأمة العربية، معرباَ عن دعم بلاده لجهود الحكومة العراقية في تحقيق تطلعات الشعب العراقي ومكافحة الإرهاب والحفاظ على سيادة البلاد.
بدوره أعرب رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح عن تعازيه للشعب السوري بضحايا الزلزال، وقال: “أدعو رؤساء البرلمانات والمجالس، أعضاء الاتحاد البرلماني العربي، للإعلان عن تضامنهم ووقوفهم إلى جانب الشعب السوري في محنته، والمطالبة برفع الحصار ووقف العقوبات التي فاقمت من معاناته وأعاقت عمليات الإنقاذ والإغاثة في المناطق المنكوبة من الزلزال”.
وأضاف صالح: “لنؤكد من خلال هذا التضامن احترامنا لإرادة ورغبات الشعب السوري الممثلة في مجلس نوابه بصفته الجسم التشريعي المنتخب”.
من جانبه، دعا رئيس مجلس الشعب حموده صباغ الاتحادات والهيئات البرلمانية الإقليمية والدولية والدول الأعضاء في الأمم المتحدة لاتخاذ دورها الفعّال بممارسة الضغط على الدول الغربية التي تفرض إجراءاتٍ اقتصاديةً ظالمة على الشعب السوري لرفعها فوراً، والتحرّك العاجل لكسر الحصار الجائر عنه، ومدّ يد العون له لتجاوز آثار كارثة الزلزال.
وقال صباغ في كلمة خلال بدء أعمال المؤتمر: “نلتقي هنا اليوم، في اجتماع مع الأشقاء الأعزاء في الاتحاد البرلماني العربي، ونتمنى أن يكون اجتماعنا هذا مفصلاً رئيساً في تعزيز وترسيخ مسيرة التعاون والتضامن العربي لجهة تفعيل العمل العربي، ومنطلقاً لتعميق روابط الأخوة العربية والوقوف صفاً واحداً في مواجهة الأخطار والتحدّيات التي تواجه أمتنا العربية الواحدة”.
وأضاف صباغ: “إن بلادنا العربية على مرّ التاريخ تمتاز عن سواها بأن أهلها شعوب خلاقة ومبدعة في المجالات كافة، وتمتلك ما يكفي من المقوّمات والإمكانات المادية والبشرية لضمان مستقبل أفضل لشعوبها التي يتحتم علينا أن نسعى إلى تحقيق تطلّعاتها وأهدافها وفق رؤية شاملة تقيّم الواقع الحقيقي وتنطلق نحو المستقبل لمواجهة الصعوبات والتحدّيات المشتركة بثقة أكبر وقوة أكثر”.
وأكّد صباغ ضرورة استمرار تنسيق العلاقات البرلمانية العربية وتوطيدها والبناء عليها للتصدي معاً لقوى الهيمنة والاحتلال والإرهاب مضيفاً: “نحن شعب أثبت أنه قادر على خوض الامتحانات الصعبة، فلغتنا واحدة وتاريخنا واحد وعدوّنا واحد ومعركتنا واحدة ومصيرنا واحد”.
وتابع صباغ: “إن مؤتمرنا الـ34 الذي ينعقد اليوم على أرض العراق الشقيق هو تأكيد واضح وترسيخ جلي لهذه الرغبة، وهذا هو التوجّه الذي نؤيده جميعاً ولا سيما أنه ينعقد تحت شعار الدعم العربي لتعزيز استقرار العراق وسيادته، وانطلاقاً من هذا الشعار نؤكّد للأشقاء في العراق أن سورية كانت وستبقى معكم على الدوام فسلامتكم من سلامتنا ونجاحكم من نجاحنا وأخوتنا متينة صلبة مهما زادت الملمّات واشتدت التحدّيات”.
وأعرب صباغ عن شكر سورية لكل الإخوة والأشقاء العرب والأصدقاء الذين عبّروا خلال الأيام القليلة الماضية عن عميق شعورهم بالانتماء الحقيقي للعروبة الحقة وبالأخوة المتجذرة من خلال اتخاذ مواقف مشرّفة سواء بالمساعدات أم فرق الإنقاذ أم عبر الاتصالات الهاتفية والرسائل والبرقيات أم الحضور إلى سورية ليعبّروا عن مساندتهم ومواساتهم وتعازيهم الصادقة للشعب السوري نتيجة الزلزال المدمّر الذي ضرب عدداً من المحافظات وأدّى إلى حدوث كارثة إنسانية كبيرة وخلّف وراءه آلاف الضحايا والمصابين وخسائر مادية هائلة.
وأشار رئيس مجلس الشعب إلى أن ما عمّق مأساة الشعب السوري وأدّى إلى نقص في المعدات والتجهيزات اللازمة لعمليات الإغاثة والإنقاذ والتصدّي لآثار الزلزال هي الإجراءات الاقتصادية القسرية التي فرضتها الدول الغربية على الشعب السوري زوراً وعدواناً، حيث شملت جميع مناحي حياة المواطن السوري اقتصادياً واجتماعياً وتعليمياً وصحياً بما فيها متطلبات مواجهة الأوبئة والأمراض التي اجتاحت سورية كغيرها من دول العالم مثل جائحة كورونا ووباء الكوليرا، مبيّناً أن هذه الإجراءات القسرية منعت عن الشعب السوري أدنى مقومات العيش الكريم في تحدٍّ صريح لميثاق ومبادئ الأمم المتحدة وفي انتهاك صارخ لكل الأعراف الدولية وحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
وأوضح صباغ أنه في الوقت الذي كانت فيه سورية تلملم جراحها وتتلقّى التعازي والتعاطف والدعم الإنساني العربي والدولي في مواجهة المأساة الإنسانية التي تعرّضت لها، شنّ كيان الاحتلال الإسرائيلي الغاشم عدواناً جوياً فجر الأحد الماضي روّع المدنيين الآمنين ضمن الأحياء السكنية في قلب العاصمة دمشق، وأدّى إلى سقوط العديد من الشهداء والجرحى وتدمير عدد من المنازل وإلحاق أضرار مادية بالغة بالبنى التحتية والمنشآت التعليمية والأثرية.
وقال صباغ: إن مجلس الشعب يدعو من خلالكم جميع الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة وجميع الاتحادات والهيئات البرلمانية الإقليمية والدولية والمنظمات الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان، إلى تحمّل مسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية والالتزام بميثاق الأمم المتحدة ومقاصده وشرعة حقوق الإنسان وما نصّت عليه مواد القانون الدولي الإنساني وإدانة الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة، وممارسة كل أشكال الضغوط على حكومات الدول التي تقوم وتسهم بفرض الحصار والإجراءات الأحادية الظالمة على الشعب السوري ودعوتها لرفعها فوراً.
ودعا صباغ إلى دعم الجهود التي تقوم بها سورية للحدّ من تداعيات هذه الكارثة والتحرّك الفوري والعاجل والفعّال لمدّ يد العون والمساعدة وكسر الحصار المفروض على الشعب السوري لتجاوز آثار هذه المأساة الإنسانية وبالسرعة القصوى.
وأكّد أن ما مرّت به سورية على مدى السنوات الماضية من حروب وحصار وإجراءات قسرية ظالمة لن تثنيها عن مواقفها وثوابتها المبدئية في استعادة حقوقها المغتصبة، وفي مقدّمتها عودة الجولان العربي السوري المحتل، مشدّداً على أن فلسطين المحتلة ستبقى قضيتنا المركزية حتى تحرير ترابها بالكامل وإقامة دولتها المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
وتقدّم صباغ في ختام كلمته بالشكر لرئيس مجلس النواب العراقي وللشعب العراقي الشقيق على حفاوة الاستقبال وحسن التنظيم، متمنياً للعراق ولكل الدول العربية المزيد من الرفاه والتقدم والازدهار والاستقرار، كما أعرب عن الشكر والتقدير أيضاً لرئاسة الاتحاد البرلماني العربي السابقة ممثلة برئاسة مجلس النواب في مملكة البحرين على جهودهم المبذولة خلال فترة الولاية السابقة، وقال: “أتمنى أن يوفقنا الله للعمل دائماً لما فيه خير ومصلحة شعوبنا ومجالسنا وبلداننا العربية الشقيقة على أمل اللقاء القريب بكم جميعاً في دمشق سياج العروبة وحاضنة العمل العربي المشترك”.