ما يكسر ضهر الوظيفة..!
لاشك أن ازدياد قوة العمل لدينا تعد الأعلى والأسرع في العالم، لاسيما أنها تضخمت أربعة أمثالها خلال الأربعين سنة الفائتة بمعدل مرة واحدة كل عشر سنوات، في حين أن عدد السكان في سورية يتضاعف مرة كل ثماني عشرة سنة.
هذه الزيادة حسب دراسة منسوبة لوزير من فئة السابقين، يجب توظيفها واستيعابها ليس بالطريقة الاجتماعية كما كان معمولا به خلال الفترة الماضية بل بالمنهج الاقتصادي، على اعتبار أنه كان هناك نقص في الاستثمارات ولابد من استيعاب قوة العمل، فكان هذا النوع من التوظيف.
هذا الكلام اليوم يتطلب خطة لوضع توصيف دقيق لقوة العمل السورية وآليتها ومراحل الأداء والوظائف التي تؤديها بحيث ألا يوضع موظفان اثنان لعمل يؤديه موظف واحد.
بعد سني الحرب وتحولات النشاط الزلزالي ثمة معاناة من الانخفاض الملموس في حجم قوة العمل القائمة، قدرت بنحو 50% من حجم قوة العمل التي كانت موجودة فیھا قبل الأزمة، في زمن ھناك حاجة فوریة من القوى العاملة في المنشآت والتي تقدر بنحو 25 % من حجم القوى العاملة القائمة حالیاً، علماً أن المنشآت الصغیرة والمتوسطة تشكل المجال الأوسع لخلق فرص العمل الجدیدة سواء في المرحلة الراھنة أو على المدى القصیر والمتوسط.
ومع ذلك، يدرك طالبو العمل من الشباب أن بعض فرص العمل المتاحة حالیاً تحتاج إلى مستویات تعلیمیة وفنیة ومھارات قد لا یمتلكونھا حالیاً، ولهذا يبدون الرغبة باتباع دورات تدریبیة لرفع مستوى مھارتھم أو تغییر مھنھم لتتوافق مع متطلبات السوق.
لا ننكر أن ھناك عدم توافق واضح بین العرض الحالي من قوة العمل ومتطلبات سوق العمل حسب الحالة المھنیة والتعلیمیة والاختصاص وحسب التوزع الجغرافي والنوع الاجتماعي، ما أدى إلى بطالة نوعیة وخلل كبیر في سوق العمل، إذ لا يمكن تحاشي دخول أفواج جدیدة إلى سوق العمل من السكان الذي كانوا محسوبين على فئة غیر النشیطین اقتصادیاً أو من خارج قوة العمل وخاصة من الإناث وربات المنازل والمتقاعدین والأطفال دون سن 15 سنة، إضافة إلى الراغبین بعمل ثانوي من المشتغلین حالیاً لتأمین متطلبات سبل العیش لھم ولأسرھم.
وأمام ذلك لا بد من التنسیق مع الجھات المعنیة وخاصة وزارات التنمية الإدارية والتربیة والصناعة والأشغال العامة والشؤون الاجتماعية، للاستفادة من مراكز التدریب وتھیئتھا لبرامج التدریب اللازمة والمعتمدة. ولكن، مع الحرب وتداعياتها القاسية على المؤسسات والشركات، يمكن القول أن تقييماً من هذا القبيل قد يكون شاقاً وغير موفقاً، في زمن يرى كثيرون أن الفوضى الإدارية والعمالة المتضخمة وتلك المقنعة تعطي مزيداً من المحفزات للدفع بهذا التوجه نحو الأمام، عسى ولعلّ تغربل مؤسساتنا وتصفى من ذاك الحمل والإرث الثقيل الذي بات يكسر ظهر الوظيفة العامة.
علي بلال قاسم