دراساتصحيفة البعث

بعد مرور عام على الحرب الأوكرانية

ريا خوري

بعد مرور عام كامل على بدء الحرب الأوكرانية، ازدادت حدّة التصعيد السياسي بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، والذي يمكن أن يكون مقدمة لتغيير جيواستراتيجي على الأرض، فالغرب الأمريكي- الأوروبي أعدّ العدّة لحرب طويلة الأمد بهدف هزيمة روسيا، ومنعها من المشاركة في قيادة العالم، وانكفاء دورها الإقليمي والدولي.

بعد عام، زاد الغرب عمليات ضخ المليارات من الدولارات، والتي تراوحت أهدافها ما بين دعم أوكرانيا بالسلاح، والتدريب، والدعم اللوجستي والاستخباراتي، وما بين الدعم الاقتصادي، في حين ثمة خطط ومشاريع لتقديم المزيد من الصواريخ والدبابات والذخائر، وهو ما أعلنه الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال زيارته التي استمرت خمس ساعات لها.

إن تواجد بايدن، بعد عملية تمويهٍ وتخفٍ في أوكرانيا، كان نوعاً من الحرب الدبلوماسية واللوجستية التي تقودها بلاده ضد روسيا في الحرب، خاصةً وأن وجهته التالية كانت العاصمة البولندية وارسو للاجتماع مع قادة الناتو لمناقشة مدّ أوكرانيا بمزيد من الدعم العسكري، وبحث سبل مواجهة روسيا وقوتها العسكرية الضاربة، خاصة وأنّ وارسو تحمل رسالة للقيادة الروسية لما لهذه المدينة من رمزية كبيرة خاصة أيام الاتحاد السوفييتي السابق، وتمّ فيها توقيع معاهدة دفاع مشترك بينه وبين سبع جمهوريات اشتراكية أخرى من الكتلة الشرقية في شهر أيار من عام 1955 خلال الحرب الباردة.

لم تتضمن تصريحات بايدن أي تلميح لحلّ سلمي في أوكرانيا، مانعاً أي عملية تواصل معها تهدف إلى مفاوضات من أجل وضع حلّ للصراع الساخن، بل توعّد روسيا بالهزيمة، إلا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كانت له كلمة مضادة حين قال: “إن بلاده لن تُهزم بالميدان، وأنه سينتصر على الرغم من كل التحالفات متهماً الغرب الأمريكي- الأوروبي بالتصعيد”.

إلى جانب هذه التجاذبات، والتصريحات، وحالات الاستفزاز الأمريكي، دخلت الصين على خط الوساطة، على الرغم من الاتهام الأمريكي المستمر لها بعزمها مدّ روسيا بالأسلحة النوعية. ربما يشير هذا التحرك إلى استشعار الصين بالتصعيد الكبير الذي لا تُحمد عقباه في الأيام المقبلة، في ظل تحفز الأطراف كافة واستمرار التجاذبات بين الأطراف المتصارعة.

من الواضح تماماً أنّ هذه التفاعلات حملت في طياتها خطراً عالمياً داهماً، وثمة شبه إجماع بين الخبراء الاستراتيجيين والسياسيين والمراقبين على أنّ هذه الأزمة هي الأشد، بل والأعنف بعد الحرب العالمية الثانية، لذا فإنّ صبّ الزيت على النار ليس في مصلحة أي طرف من الأطراف، فهل يتعقل الغرب الأمريكي– الأوروبي، ويكفّ عن استفزاز روسيا، ويلجأ إلى إيجاد حلول وسط يتقاسم من خلالها القطبية التي تتفرد بها الولايات المتحدة ومن خلفها أعوانها في أوروبا؟.