سورية معرضة للزلازل.. لكنها زلازل غير نشطة..
دمشق – لينا عدره
أشار أستاذ قسم الهندسة الإنشائية في كلية الهندسة المدنية في جامعة حلب الدكتور عمار كعدان إلى أن كل ما تمّ الحديث عنه في الأيام السابقة لجهة أن سورية من البلدان النشطة زلزالياً غير دقيق، ونحن لا نعتبر نشطين مقارنة مع تركيا. ولكننا لا ننكر أننا معرضون للزلازل، بشدات أقل، وخلال فترات زمنية متباعدة، ما دفع الحكومة للتنبه للأمر، وتوجيه نقابة المهندسين المركزية في دمشق، وفروعها في المحافظات، لإعداد كود بناء يضع الشروط اللازمة لمقاومة الزلازل والرياح وغيرها، وإعداد الكود العربي السوري لتصميم وتنفيذ المنشآت بالخرسانة المسلحة، يتبعه عدد كبير من الملاحق التي تغطي كافة أنواع المنشآت ودراسة وتصميم أساساتها، أهمها الملحق رقم (2) لتصميم وتحقيق المباني والمنشآت بالخرسانة المسلحة لمقاومة الزلازل، وتحديثه سنوياً لمواكبة التطور العلمي في دراسة وتصميم المنشآت والأبنية.
وشدّد كعدان على أن الدراسات والأبحاث تعطي مؤشرات معينة، إلا أنه لا يمكن إطلاقاً الإدعاء بقدرتنا على تحديد موعد أو توقيت حدوث الزلازل، لافتاً إلى أنه وحسب الكودات العالمية، وحسب المناطق النشطة زلزالياً، يُحدّد 50 إلى 100 سنة مدة زمنية تقريبية لحدوث زلزال، لكن هذا لا يعني أبداً حدوثه في فترات متقاربة، ففي اليابان على سبيل المثال حدث زلزال هانشين، عام 1995، والذي فاقت شدته 8 درجات على مقياس ريختر، لتتعرض البلاد عام 2001، أي بعد 16 سنة تقريباً، لتسونامي مدمّر نتيجة زلزال في المحيط، وفي منطقتنا وتحديداً في حلب حدثت أربعة زلازل قضت على ثلثي مدينة حلب، وذلك في الأعوام 1169/ 1343/ 1822/ 1872، بعضها متقارب بحدود 50 سنة وبعضها أكثر من 100 سنة.
وشدد كعدان على ضرورة تضمين مناهج المدارس والجامعات، إضافة للمؤسسات والمعامل، برامج خاصة حول نشر ثقافة درء مخاطر الزلازل قبل وخلال وبعد حدوثها، إضافةً لوضع خطة عمل وطنية تتضمن برامج تثقيفية وتدريبية لمواجهة الكوارث، مستشهداً بتجربة اليابان بعد زلزال 1995، مع تدمير ما يزيد على 300 ألف منزل.. كلّ هذا من دون استعداد السكان لهذه الكارثة، مع تقصير الجهات العامة، إلا أن اليابانيين تعلموا الدرس.
وأبدى كعدان أسفه لافتقار المواطنين للمعلومات مسبقة عن هذا النوع من الكوارث، مشدداً على ضرورة استغلال ما حدث لاستخلاص الدروس والعبر، من خلال نشر البرامج التثقيفية والتوعوية ليكون المواطن على استعداد لمواجهة الكوارث المحتملة، كما هي الحال في كلّ الدول المعرضة للكوارث الطبيعية. وعبر عن دهشته لما يروج من شائعات لدرجة إدلاء البعض بتصريحات غير مسؤولة، وكأنهم منجمون وليسوا علماء، مكرراً أن واجب المختص في مثل هذه الكوارث ينحصر بالتخفيف عن المواطنين وليس تشويشهم، مع تنبيههم بأخذ الحيطة والحذر في حال حصول هزات ارتدادية، لأن حصولها أمر طبيعي بعد الهزة الرئيسية.
ولفت كعدان إلى أن الحكومة تعمل دورياً على تنظيم الدورات التوجيهية والعملية في المدارس والجامعات وأماكن العمل، وغيرها من المؤسسات، حول كيفية التصرف إزاء الكوارث وتوعية السكان على المخاطر، وقال إن الجامعات السورية تجري دورات تدريبية في كافة فروع نقابة المهندسين، تتعلق بتصميم وتدعيم المنشآت باستخدام أحدث البرمجيات الهندسية المتطورة، وتقدم محاضرات تثقيفية عامة للمواطنين في مجال الهزات الأرضية، وذلك في المراكز الثقافية وفروع نقابة المهندسين في القطر، مشيراً إلى أن البعض قد يستغرب بأننا نقوم بنشاطنا هذا منذ عام 1998 ولم نتوقف لتاريخه.