مشروع حلّ “هيئة التطوير العقاري” ونقل صلاحياتها لـ”هيئة الاستثمار”.. يطرح العديد من إشارات الاستفهام..فهل نرجع عنه..؟!
دمشق – قسيم دحدل
اليوم وبعد كارثة الزلزال، فالسؤال الذي يطرح نفسه وبإلحاح، هل إنهاء هيئة التطوير العقاري وقانونها الخاص بالبناء والعمران العام هو من الحكمة؟، وهل يعقل أن تكون هيئة الاستثمار هي الجهة المناطة بمواجهة التحديات الإسكانية والعمرانية بعد نكبة الزلزال وما أفرزته من تداعيات ومتطلبات تطويرية في مجال الإنشاء والتعمير ويرهما، مما يختص به قانون هيئة التطوير العقاري وليس قانون هيئة الاستثمار؟!
مقارنة تقتضي
ولو رجعنا للمادة الثانية وللفصل الثاني (الأهداف والمهام) والمادة 14 وعدد من التعليمات التنفيذي في القانون رقم 15 لعام 2008 من قانون هيئة التطوير العقاري ولاستثمار العقاري، وأجرينا دراسة ومقارنة مع مشروع قانون حل الهيئة لوجدنا أن هناك العديد من المتناقضات والمفارقات والملاحظات على مشروع القانون الجديد الذي سينهي هيئة التطوير العقاري ودورها وأهدافها!
ووفقا لمصادر مطلعة فإن أهمية وضرورة الملاحظات، تقتضي إعادة النظر بمشروع الدمج أو الحل والأفضل إلغاؤه، فكارثة الزلزال توجب دعم وتمكين هيئة التطوير من كل أسباب قدرتها على التعامل والتخطيط لمواجهة آثار الزلزال الإسكانية انطلاقا من أهمية وجودها المتخصص بمشاريع إعادة الإعمار بكل تصنيفاتها، والتي تختلف كليا عن المشاريع المناط بهيئة الاستثمار تشميلها ومتابعتها.
ملاحظات هامة
وإذا ما عرضنا للملاحظات على مشروع الحل فسنبدأ أولاً من المادة 1 ففيما يتعلق بتعريف المطور العقاري: نجد أن إدراج هذا التعريف في ظل وجود تعريف المستثمر أدى إلى إدراج الخاص في العام حيث يعتبر قانون الاستثمار قانون عام وقانون التطوير العقاري قانون خاص وبالتالي أصبح هناك تمييز بين المستثمر والمطور العقاري والذين هم في النهاية مستثمرين.
أما بالنسبة لمنطقة التطوير والاستثمار العقاري: فإن تعريف منطقة التطوير العقاري يجعلها كيان منفصل عن المناطق الاقتصادية الخاصة في حين أن قانون الاستثمار اعتبر مناطق التطوير العقاري جزء من المناطق التنموية وبالتالي تم إدراج الخاص ضمن العام بشكل لا يعطي أي ميزة إضافية.
بينما بالنسبة للمشروع: فقد اقتصر تعريف المشروع على النشاط الذي يقيمه المستثمر ولم يشمل المطور العقاري المعرف في متن المشروع، حيث أن القانون رقم 15 لعام 2008 عرَّفه على أنه كل مشروع يرخص وفق أحكامه وبالتالي فإن مشروع التطوير العقاري لم يشمل بأحكام هذا القانون والتعريف.
كذلك أن مشروع القانون لم يتطرق إلى تعاريف فنية مختصة بالتطوير العقاري كون هيئة الاستثمار السورية غير مختصة وتعمل على منح إجازات استثمار تتضمن مزايا وتسهيلات ومنها عريف (البرنامج التخطيطي-المخطط التنظيمي العام-المخطط التنظيمي التفصيلي-برنامج التطوير العقاري…) وبخصوص المادة 2 من مشروع حل الهيئة، فقد تم تعديل هذه المادة ضمن إطارها العام بإضافة عبارة للمساهمة في عملية البناء والتنمية العمرانية دون إعطاء أي خصوصية لعملية التطوير العقاري المنصوص عليها في القانون رقم 15، حيث حددت أهداف قانون التطوير العقاري بعدة نقاط منها تنظيم عمل هذا القطاع وتفعيل دور القطاع الخاص الوطني وإمداد قطاع الإسكان بالأراضي المعدة للبناء ومعالجة مناطق السكن العشوائي وتامين السكن لذوي الدخل المحدود الأمر.
وهنا نؤكد على أن قانون الاستثمار هو قانون عام ويترك الخصوصية لكل قطاع ضمن القوانين التي تنظم هذه القطاعات وبالتالي إن إلغاء قانون التطوير العقاري يؤدي إلى قصور بأهداف مشروع القانون المقدم.
تمس “العقاري”
وبالنسبة للمادة الخامسة من مشروع حل الهيئة، نلاحظ أن الفقرات التي تم إناطتها بمجلس إدارة هيئة الاستثمار السورية هي فقرات تمس القطاع العقاري التي تشرف عليه وزارة الأشغال العامة والإسكان من خلال الهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري وهي أمور فنية بحتة لا تتعلق بعمل هيئة الاستثمار السورية حيث لم ينص قانون الاستثمار ضمن مهام مجلس الإدارة على أية مهام تتعلق بإقرار أمور قطاعية أخرى كالكهرباء أو السياحة أو الصناعة..إلخ كونها قطاعات مستقلة تحكمها قوانين خاصة
وفي المادة السابعة من مشروع حل هيئة التطوير، نلحظ أن إحلال عبارة هيئة الاستثمار السورية محل عبارة الهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري واستبدال عبارة وزير الأشغال العامة والإسكان بوزير الاقتصاد والتجارة الخارجية في القانون رقم /25/ لعام 2011 وتعليماته التنفيذية في ظل إلغاء القانون رقم 15لعام 2008 وتعديلاته يؤدي لقصور في القانون انطلاقاً من المرجعية القانونية لقانون حساب الضمان رقم 25 لعام 2011 وهذه المرجعية هي القانون رقم 15لعام 2008 الملغى بموجب مشروع التعديل حيث بني القانون رقم 25 على أساس القانون رقم 15 ولاسيما لجهة التصرف بالعقارات من خلال عملية الوعد بالبيع والبيع على الخارطة المبنية على أساس ملكية منطقة التطوير العقاري.
مفارقات بالجملة..!
كما لم تلحظ المادة الـ 8 مناطق التطوير العقاري الموقع عقود لها والتي يجب أن تنفذ على أساس القانون التي وقعت عليه. كذلك إدراج توفيق أوضاع الشركات – وفق المادة الـ 9 ــــ في متن القانون دون وجود أسس قانونية لترخيص هذه الشركات ضمن متن المشروع لا يعطي أي قيمة مضافة ولاسيما أن التعليمات هي التي تنص على أنواع الشركات وإجراءات الترخيص.
وفي المادة الـ 11 نلحظ إن أشكال المناطق الاقتصادية المحددة تشمل مناطق التطوير والاستثمار العقاري، حيث تم إدراج عبارة التطوير العقاري في المناطق التنموية والملكية الخاصة ولم تدرج ضمن المناطق التخصصية والتي تعتبر شكلاً من أشكال مناطق التطوير العقاري، حيث تم ترخيص مناطق طبية وإدارية وتخصصية وتجارية وفق أحكام القانون رقم 15 لعام 2008 وهي مناطق تخصصية.
وفيما يتعلق بالمادة الـ 12، نلحظ أيضا أن هذه المادة نصت على النقاط الواجب إدراجها ضمن التعليمات التنفيذية لمشروع القانون وهي واردة ضمن القانون رقم 15 لعام 2008 كمواد قانون ويوجد بعض التفاصيل لها ضمن التعليمات التنفيذية وبالتالي فإن إدراجها ضمن التعليمات يفقدها قوتها القانونية ولاسيما إذا كان لها تداخل مع قوانين أخرى.
لا يراعي الخصوصية..!
وبالانتقال لثانياً نبين أن مشروع قانون حل هيئة التطوير العقاري، لم يذكر نقاط أساسية ورئيسية تتعلق بقانون التطوير العقاري كون قانون الاستثمار قانون عام ويعتمد على منح تسهيلات ومزايا ولا يدخل بخصوصية كل قطاع ومنها: (كيفية إحداث منطقة التطوير العقاري والموافقات اللازمة.لم يتم التطرق لتعريف مشروع التطوير العقاري أو برنامج التطوير العقاري أو اللجنة الفنية أو المخطط التوجيهي أو المخطط التنظيمي. معالجة البؤر التي تعيق إحداث منطقة التطوير العقاري. كيفية تنفيذ البنى التحتية والمنشآت العامة والخدمات المرافق العامة ودور الوحدات الإدارية فيها.اللجنة الفنية المختصة بالنظر بالبرامج التخطيطية والمخططات التنظيمية. آلية تصديق المخططات التنظيمية العامة والتفصيلية ونظام ضابطة البناء. تصنيف المقاسم الناتجة عن منطقة التطوير العقاري. كيفية تنفيذ منطقة التطوير العقاري. وأخيرا آلية التصرف بالمقاسم الناتجة عن تنفيذ المنطقة).
لا يمكن تطبيقه
أما ثالثاً فنجد إن النقاط الواردة في قانون الاستثمار وتعليماته التنفيذية ولاسيما لجهة ربط إجازة الاستثمار بإطار زمني محدد في متن قانون الاستثمار، لا يمكن تطبيقه على مشاريع التطوير العقاري كون مشاريع التطوير العقاري عقدية بين الجهة الإدارية والمطور العقاري إضافة لازدواجية الإشراف بين الجهة الإدارية وإدارة المنطقة التنموية المنصوص عليها في التعليمات التنفيذية لقانون الاستثمار.
الخصوصية لازمة
وليس أخيرا يمكننا القول: إن قانون الاستثمار قانون عام يحكم كافة القطاعات الراغبة بالحصول على إجازة استثمار من أجل الاستفادة من المزايا والتسهيلات، وتبقى خصوصية كل قطاع بالقانون الناظم له كون قانون الاستثمار هو قانون مزايا وحوافز وأن هناك نواحي فنية يحكمها القانون رقم 15 لعام 2008 ، إضافة إلى أن الماد رقم (40-أ) من قانون الاستثمار أكدت خصوصية كل قطاع الذي يحكمه قوانين خاصة وأنه يمكنه الاستفادة من المزايا والحوافز الواردة في قانون الاستثمار والتي تنص على ” يخضع المشروع في القطاعات التي تنظم عملها قوانين وأنظمة خاصة للأحكام الواردة في تلك القوانين والأنظمة، ويستفيد من المزايا الإضافية الواردة في هذا القانون”.
ذات أبعاد اجتماعية
والملفت أن المشاريع التي يمكن لهيئة التطوير العقاري ترخيصها، تعتبر ذات أبعاد اجتماعية، إذا كانت تهدف إلى تأمين إسكان شرائح محددة من المجتمع بشروط ميسرة عن طريق تملك مقاسم معدة للبناء أو تملك وحدات سكنية تقسيطاً أو إيجار هذه الوحدات وذلك بمساحات اقتصادية وبأسعار وأقساط تتناسب مع متوسطي الدخل لهذه الشرائح.
وبالنسبة لمشاريع مناطق الخدمات الخاصة غير السياحية والعائدة ملكيتها للمطور العقاري أو الجهة الإدارية، فهي: المشاريع التي تتضمن إقامة مناطق خدمات متطورة (طبية، تعليمية، تجارية، رياضية) ويتم ترخيصها إدارياً من الجهات العامة المختصة وفق الأصول النافذة. بينما مشاريع التطوير العقاري الأخرى، فهي أية مشاريع يرخص لها وفق أحكام هذا القانون وتعليماته التنفيذية ولا تحقق اشتراطات المشاريع الإسكان ومناطق الخدمات الخاصة.
Qassim1965@gmail.com