هل يمتلك النرجسي القدرة على التعاطف؟ وماذا تعرف عن النرجسية الخفية؟
“البعث الأسبوعية” ــ لينا عدره
هناك الكثير من اللغط حول النرجسيين هذه الأيام، لكن هل تساءلت يوماً ما إذا كان الشخص النرجسي عاطفياً أو حساساً؟ لا بد أن نعرف أن النرجسيين لا يفكرون إلا في أنفسهم واحتياجاتهم. ويتم تصنيفهم على أنهم أشخاص سلبيون يتلاعبون بمشاعر الآخرين. وهذا هو السبب في أن من الصعب حقاً ربط الشخص النرجسي بفرط الحساسية.
للوهلة الأولى، يتملكنا الانطباع بأن هذين المفهومين متعارضين، ولكن هل هذا هو الحال فعلا.. وهل يمكن لمثل هذا الفرد أن يظهر التعاطف والحساسية العاطفية؟
ما هي النرجسية وكيف يتصرف النرجسي؟
يبدو أن هؤلاء الأشخاص يركزون على أنفسهم وعلى أهميتهم الخاصة لدرجة أنهم يفقدون الاتصال بالواقع. وغالباً ما يخفي النرجسي نواياه الحقيقية ويقدم نفسه على أنه حساس للغاية. ومع هذا التلاعب، يحاول ويحصل تقريباً على أي شيء يريده من الآخرين، أو أنه لا يبدي أي اهتمام بالآخرين ويستخدم وسائل تلاعب أخرى للحصول على ما يريد.
من حيث المظهر الخارجي، يبدو النرجسيون واثقين وعقلاء. لكن في دواخلهم هناك دائماً شيء ما يكافحون معه ويكابدون منه، وهو أساساً شعورهم بالغيرة والاستياء وعدم الرضا.
هل الحساسية العالية علامة على النرجسية الخفية؟
ربما لا يمكننا ربط مصطلحي الحساسية العالية والنرجسية في لحظة ما. لكن يبقى السؤال مطروحاً: هل يمكن أن يختبئ النرجسي وراء حساسية عالية؟
الجواب نعم!
من الصعب حقاً اكتشاف هذا النوع من النرجسيين، لأنه عندما يظهر شخص نرجسي على أنه حساس للغاية، فإن قلة من الناس تشك في أن هذا الشخص لديه بالفعل خفايا أخرى.
يُطلق على هؤلاء الأشخاص اسم النرجسيين السريين. وعلى العموم، يحاول النرجسيون الاختباء من أعين الناس، لكن هذه المجموعة تتميز بعلامات معينة. وفي الأساس، لا يمكن للنرجسي أن يكون عالي الحساسية، بل يمكنه فقط الاختباء وراء تلك الحساسية العالية.
ما هو النرجسي الخفي؟
هناك عدة أنواع من النرجسيين، بما في ذلك النرجسيون السريون. ويطلق عليهم أيضاً نرجسيون حساسون للغاية أو ضعفاء، وهم يختلفون عن النرجسي المعتاد بعدة طرق.
النرجسيون السريون، أو النرجسيون شديدو الحساسية، كما يطلق عليهم أحياناً، ضعفاء عاطفياً حتى لمقادير صغيرة من النقد. وهؤلاء النرجسيون ليسوا حساسين للغاية، بمعنى أنهم يتعاطفون مع الآخرين، مثلاً.. إنهم حساسون لقضاياهم ومخاوفهم ويميلون إلى ردود أفعال قاسية للغاية تجاه الفشل. وفي العلاقات الشخصية، يظهر النرجسي السري على أنه خجول ومتحفظ.
لسوء الحظ، هذا “النرجسي شديد الحساسية” يشعر بالغيرة، ويميل إلى احتقار الآخرين، ويقارن نفسه باستمرار ويحكم على نفسه فيما يتعلق بسعادة وممتلكات الآخرين وعلاقاتهم.
إليك كيفية اكتشاف هذا النوع من النرجسيين:
- لا هدف حقيقياً
أكبر مشكلة مع النرجسيين ذوي الحساسية العالية هي أنهم مدفوعون بالغيرة، ويمكن تشبيه حساسيتهم العالية بالغيرة السامة، وهم بلا هدف، لأنهم يريدون متابعة كل من حولهم.
على سبيل المثال، عندما يشتري شخص ما سيارة، فإنه يريد واحدة أيضاً، وقد باتوا متورطين في العديد من المجالات، وفي جوانب عديدة منها، لدرجة أنهم لم يعودوا قادرين على التفكير بشكل صحيح.
إنهم سطحيون جداً في كل ما يفعلونه لأنهم لا يستطيعون إيلاء الاهتمام الكافي لأشياء كثيرة. وهم طوال الوقت، لا يشعرون أبداً بالرضا أو الأمان، وحساسيتهم العالية لا تفيدهم!!
- العظمة السرية
على السطح، يبدو الشخص المصاب بالنرجسية الخفية هادئاً ولطيفاً. ويظهر وكأنه ليس لديه سبب للغضب أو الحزن. ومع ذلك، في قرارة نفسه، يشعر بأنه متفوق على الآخرين، ولا يزال هذا النوع من الأفراد يعتقد أن الآخرين أكثر سعادة ونجاحاً وثراءً ولديهم المزيد من المحتوى. ودائماً ما يكون لدىهم ما يحتاجون إليه.
وعلى الرغم من كل الغيرة، والحسد، والمبالغة في رد الفعل على التعليقات السلبية، والخجل الظاهر، في أعماقه، يشعر النرجسي السري بأنه أفضل من البقية. ويبدو الأمر متناقضاً، لكنه يجد في أعماقه دافعاً للاعتقاد أنه إذا حاول بجد، وبما فيه الكفاية، يمكنه أن يفعل ما هو أفضل من الآخرين.
- 3. شعور خارجي بالدونية
بينما يبدو أن النرجسيين الآخرين يفاجئون الناس بعظمتهم وثقتهم، فإن النرجسيين السريين يعرضون صورة من انعدام الأمن والشك في الذات. وقد يكون من المربك للغاية أن تعيش أو أن تكون في علاقة مع مثل هذا الشخص.
من ناحية، يريد أن يظهر أنه يتحكم، ومن ناحية أخرى، يريد أن يظهر حساسيته الكبيرة. وهذا يدل على أنه غير واثق بما فيه الكفاية، حتى لو كان يظهر عكس ذلك في بعض الأحيان. ونظراً لأنه يقارن نفسه باستمرار بالآخرين، فقد يشعر أنه لا يرقى إلى مستوى أصدقائه. وعندما ينجح شخص آخر في أي مجال من مجالات الحياة، لا يمكنه تحمل ذلك. وقد يحتاج النرجسي في مكان العمل إلى المصادقة والموافقة المستمرة.
- الأفكار الانتحارية تستحوذ عليه
النرجسيون ذوو الحساسية العالية، أو النرجسيون السريون، غالباً ما يكون لديهم أفكار مظلمة لا يمكنهم التخلص منها. ويمكن أن يؤدي تقلب مزاجهم، والتأرجح بين مشاعر التفوق والغيرة لديهم، ومشاعر عدم الرضا، وعدم القدرة على الاعتماد على الآخرين، إلى اليأس والأفكار الانتحارية، وهم يكافحون مع مشاعرهم السلبية كل يوم.
وعلى الرغم من أنهم يشعرون أحياناً بأنهم محظوظون، إلا أن ذلك لا يدوم طويلاً. وهم لا يريدون، من ناحية أخرى، أن يكونوا سعداء على الإطلاق، ولا يشعرون بالحاجة لذلك. ومن المرجح أن يعاني النرجسيون السريون من الاكتئاب والقلق وإيذاء النفس غير الانتحاري ومحاولات الانتحار أكثر من غيرهم من الأشخاص الذين يعانون من النرجسية.
إنهم لا يرون أي هدف في الحياة إذا لم يتمكنوا من تحقيق شيء ما، ولهذا السبب غالباً ما يميلون إلى التفكير في الانتحار.
- التوتر والغضب في كل مكان
بالإضافة إلى الأفكار الانتحارية، غالباً ما يشعر النرجسيون الضعفاء بالتوتر والانزعاج. وقد يؤدي قول كلمة واحدة “خاطئة” إلى فقدانهم السيطرة على أنفسهم.
وتتسبب التقلبات المزاجية التي تصاحب كون أحدهم نرجسياً سرياً بانزعاجات كبيرة. ونحن لا تعرف أبداً كيف سيكون رد فعل شخص نرجسي شديد الحساسية في أي وقت. وعلى الأرجح، فإن السبب هو عدم رضاهم.
ونظراً لأنهم يشعرون بثقل النقد، فهم يشعرون بالتوتر الشديد والقلق أثناء انتظار التعليق التالي. وعادة ما يتصاعد التوتر إلى غضب وعدوان، إذ تغضبهم التعليقات السلبية. وقد يتفاجأ الآخرون من نوبات غضبهم هذه. وهذا أيضاً سبب لعدم وجود أصدقاء كثيرين للنرجسيين ذوي الحساسية العالية.
- النرجسي السري أناني للغاية
وسواء أكان الشخص المصاب باضطراب الشخصية النرجسية الخفية أو العلنية، فهو أناني. هؤلاء البشر يهتمون فقط بأنهم بخير، وأن احتياجاتهم يتم تلبيتها. إنهم يفكرون فقط بما هو جيد لهم وكيفية الحصول على ما يريدون. وهذا التركيز على الذات يؤدي إلى نتيجتين:
– التلاعب العاطفي: إذا سبق لك التعامل مع شخص نرجسي، فأنت تعلم أنه غالباً ما يستخدم التلاعب العاطفي، وهو أحد الأساليب المفضلة لديهم. إنه يحب اللعب بمشاعر الآخرين وبالطبع الاستفادة منها. ونظراً لأنه يركز بشدة على تحقيق هدفه الآني، فإنه سيفعل أي شيء لتحقيق هذا الهدف، بما في ذلك التلاعب عاطفياً بالآخرين ليكونوا جزءاً من الخطة.
– عدم التعاطف: التعاطف هو القدرة على فهم وجهة نظر ومشاعر شخص آخر. وهذا التكتيك مشابه للتكتيك السابق، لأنه في كلتا الحالتين، لا يظهر النرجسي شديد الحساسية أي عاطفة تجاه الآخرين.
النرجسي ليس مهتماً بالمشي لمسافة ميل بمحاذاة شخص آخر، لذلك لن يشعر أبداً بالتعاطف.
إنه لا يعرف حتى ما هو التعاطف لأنه لم يشعر بذلك أبداً في حياته.
