الاستفزازات الأمريكية للصين واحتمالات التصعيد
تقرير إخباري:
استمراراً لأعمالها العدائية ضدّ الصين، لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية تواصل استفزازها عبر تزويد الانفصاليين في تايوان بالدعم العسكري، الأمر الذي قابلته وتقابله بكين باللجوء إلى القنوات الدبلوماسية وتغليب لغة العقل على الحديد.
فقد وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على صفقة بيع تايوان ذخيرة لطائرات مقاتلة أمريكية من الجيل الرابع من طراز F-16 ومعدات ذات صلة بمبلغ إجمالي يبلغ حوالي 619 مليون دولار حسب وكالة التعاون الأمني التابعة للبنتاغون، ما دفع بكين إلى مطالبة واشنطن بوقف بيع الأسلحة لتايوان، محذّرة من أنّها ستواصل اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية أمنها. ووسط هذه الحالة من التوتر واحتمال اقتراب المواجهة بين القوّتين العظميين حذّر رئيس منتدى كانب الأمريكية من احتمال اقتراب مواجهة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، ولم يستبعد رئيس منتدى كانبيرا الاستراتيجي، روس بيبيج، أن يكون الخلاف في المواقف حيال تايوان سبباً لاندلاع الحرب، ولاسيما في ظل تأكيد الرئيس الصيني، أن توحيد تايوان مع الصين “يجب أن يتحقّق”، الأمر الذي قابله الرئيس الأمريكي جو بايدن، مراراً بأنّه سيدافع عن هذه الجزيرة، ما سيقود إلى صدام شبه مؤكّد من وجهة نظره. ونوّه بيبيج بأن منعكسات الحرب في حال وقعت ستكون كارثية على أمريكا، وذلك لأن إعادة تايوان إلى الصين ستقوّض موقع أمريكا الاستراتيجي في غرب المحيط الهادئ، وتؤثّر في سلاسل التوريد العالمية ولا سيما في مضيق بحر تايوان الذي تمرّ به ثلث تجارة أمريكا وحلفائها الأوروبيين، وبصرف النظر عن تصوّره لمجريات الحرب وحيثياتها المحتملة، فقد خرج بيبيج بتوصيات مهمّة كان أبرزها ضرورة تجنّب القيادة الأمريكية الدخول في حرب مع الصين، واصفاً إياها بالحرب المتهوّرة غير المأمونة العواقب. ومن هذه العواقب، ما أشار إليه عميد كلية الدراسات الشرقية في المدرسة العليا للاقتصاد أندريه كارنييف في روسيا في صحيفة أرغومينتي إي فاكتي: “ما يمنع قيام هذه الحرب منطلقات اقتصادية، فاقتصادا هذين البلدين مترابطان بشكل وثيق، ويمكن أن يؤدّي الفسخ المحتمل للعلاقات بينهما إلى خسائر فادحة لكليهما”. ومهما يكن من أمر التحليلات والتكهّنات السياسية والإعلامية حول ما ستؤول إليه الأوضاع بين الصين وأمريكا في ظل الاختراق الأمريكي المستمر للخطوط الحمر الصينية، فإن الذهاب إلى القول باندلاع حرب، ينطوي على مبالغة كبيرة بالنظر إلى ما يمكن أن يترتب على ذلك من النواحي المتعدّدة، وانعكاساتها على بقية دول العالم، ومن غير المنطقي القول: إنّ هناك حرباً محتملة متفقاً على نطاقها، وتحت السيطرة ومكفولة النتائج، لأن مثل هذه الحرب تقع بين طرفين متطوّرين تكنولوجياً وعسكرياً براً وبحراً وجواً، ولذلك سيكون نطاقها مفتوحاً إذا حدثت.
إنّ جلّ ما تخشاه الولايات المتحدة الأمريكية يتمثّل بضرورة بقاء مضيق تايوان سلسلة إمداد مضمونة ومتاحة لها ولحلفائها الأوروبيين، وخصوصاً بعد التغيّرات التي طالت الخريطة العالمية الطاقوية منذ تفاقم الأحداث بين روسيا وأوكرانيا، الأمر الذي يرجّح الخضوع لطاولة المفاوضات والابتعاد عن شبح سيناريوهات للحرب المحتملة، الذي قد يكون لمجرّد التهويل الإعلامي والحرب النفسية المخصّصة لإرسال مضامين سياسية تعكس مطالب ومصالح الطرف الأمريكي المعتدي.
د. ساعود جمال ساعود