ضربة قاضية..!!
غسان فطوم
مع الرفع الأخير لأسعار بعض المواد الغذائية التي كانت تصنّف بالأكلات الشعبية، كالفول والفلافل والحمص، تكون الحكومة قد أجهزت على المستهلك بالضربة القاضية، ودفنت هذا المصطلح (أكلات شعبية) إلى الأبد، فالمواطن من ذوي الدخل المحدود الذي كان يعيش على الحمص والفول والفلافل لم يعد باستطاعته أكلها، وهضمها بات صعباً على الجيبة والمعدة، وليس لها “لا فكاهة ولا مازية” بغياب “فحل” البصل الذي وصل سعر الكيلو الواحد منه إلى 15000 ليرة، وأكثر في بعض المناطق، وهو ما يعادل سعر غرام الذهب عام 2018!!.
بعد هذا “التسونامي”، يسأل المواطن: إلى أين سنصل وسط هذا التحليق المتصاعد للأسعار؟ وهل عجز جهابذة الفريق الاقتصادي عن إيجاد توليفة وانسجام بين الأجور والرواتب وتسونامي الأسعار؟!
واقع الحال يشير إلى أن من يتخذ هكذا قرارات ارتجالية يبدو كأنه يعيش في كوكب آخر، لا فقر فيه ولا جوع ولا حرب ولا زلزال، ولا يهمّه إن أكل المواطن أو جاع، وأن الحجج التي يعلّلون بها سبب رفع الأسعار ليست مقنعة، لا ماضياً ولا حاضراً، ولا حتى لاحقاً، ورغم ذلك فهم يجترونها كلما ارتفعت الأسعار، بل عندما يقرّرون رفعها، لكن إن دلّ ذلك على شيء فهو دلالة على عقم في التفكير وفشل في التدبير بإيجاد الحلول التي تيسّر ولا تعسّر!
المستغربُ أننا نلاحظ أن هناك حرصاً على عدم خسارة التاجر الذي تُهيّأ له كلّ الظروف المناسبة للاستيراد والبيع بالسعر الذي يحقّق له ما يريد (طلباتك على الرأس والعين)، بينما يُترك المواطن لـ “قدره الحكومي” يئنّ من وجع الأسعار، علماً أن منطق السوق يقول إن أي رفع في الأسعار يجب أن يقابله تحسين في القوة الشرائية لدى المواطن الذي إن عاش على الفلافل فراتبه بالكاد يكفيه ليومين مع تأمين متطلباته الأخرى ولو في حدودها المقبولة.
نقولها بصراحة: إن استمر الوضع على هذه الحال فكارثة الجوع وسوء التغذية ستفعل فعلها، ألا يكفي المواطن أكثر من اثنتي عشرة سنة من الحرب تحمّل فيها ما لا يُتحمّل، لتأتي بعدها كارثة الزلزال المدمّر التي زادت الطين بلّة، وها هو اليوم ينام ويستيقظ على كوارث ارتفاع الأسعار التي جرّدته من كلّ أسلحته، وأهمها الصبر على هذه الحال المرّة؟!
بالمختصر، طالما تجرّبون القرارات التي هدّت حيل المواطن، جرّبوا ولو مرة زيادة الرواتب بما يعادل سعر الصرف في المصرف المركزي، ونعتقد لو تمّ ذلك فسترتاحون من “النق” الذي بات حقاً طالما راتب الموظف مهما علت درجته الوظيفية لا يكفيه ليومين.
سورية بلد الخير، أم الفقير، وليس مقبولاً أن يشعر أهلها بالجوع ويشتهون أبسط متطلباتهم الغذائية، ويعجزون عن تأمين أقلّ حاجاتهم اليومية، فلا يعقل أن نحوّلها من بلد ينتج كلّ شيء إلى بلد يستورد كلّ شيء!!