زلزال “الكيان الصهيوني”
علي اليوسف
وكأن ساعة حقيقة الكيان الصهيوني بدأت تدقّ، معلنةً أن هذا الكيان القائم على الكذب لابد وأن يأتي اليوم لينكشف القناع الذي لطالما تمسّكت به قيادات كيانه المتطرفة. ساعة الحقيقة أطلقها المتظاهرون من المستوطنين وجنود الاحتياط، رغم أنهم لا يقلّون تطرفاً عن قياداتهم. وجرى إغلاق الطرقات، واندلعت مواجهات بين عناصر من الشرطة والمتظاهرين، لكن الأهم في هذا “الانقلاب” هو توقيع ما يزيد على 100 ضابط وجندي في “منظومة العمليات الخاصة” التابعة للاستخبارات العسكرية، ومن بينهم جنرالات، على عريضة قالوا فيها: “لن نخدم بعد ذلك في الاحتياط”!.
هذه الجزئية في التظاهرات تعطي المؤشر على مستقبل الكيان، لأنه في العرف السائد إذا تخلّت قيادات أي جيش في العالم عن مهامها، فإن النتيجة الحتمية هي تهاوي الدولة وسقوط رأسها، وهذا ما بدأت ملامحه تظهر في المظاهرات داخل الكيان الصهيوني، وهو بالتالي ما يمكن تسميته أول انقلاب في الكيان، بعد حرب تشرين 1973.
هذه الأزمة التي يُطلق عليها “أزمة الاحتياط” هي بداية للانقلاب على حكومة نتنياهو الأكثر تطرفاً منذ العام 1948، خاصةً وأن التحذيرات التي تطلق من قيادات جيش هذا الكيان موجهة إلى وزارة الأمن وقيادة الأركان، وهو أمر لم يشهده الكيان، أي أن هناك تراكماً حقيقياً لعلامات تنذر بوجود بوادر فعلية على بدء الانهيار الصهيوني، خاصةً مع بدء سلسلة استقالات ضباط في سلاح الجو التابع للاحتلال.
لقد كانت الشرارة الأولى لهذا الانقلاب الداخلي مع الحكومة التي شكّلها نتنياهو في كانون الأول الماضي، ضمن ائتلاف ضمّ أحزاباً يمينية ودينية متطرفة، أما الشرارة الثانية فقد كانت مع إعلان هذه الحكومة المتطرفة عن مشروع تعديل النظام القضائي في مطلع كانون الثاني الماضي الذي وضع الائتلاف الصهيوني على حافة الهاوية، وفي لحظة حسم، بل وضع الكيان الصهيوني برمته على طريق الخراب الذاتي، لأن الهدف الأساس من التعديلات التي طرحها الائتلاف الحاكم هو تبرئة نتنياهو من اتهامات بالفساد في 3 ملفات يُحاكم بشأنها، إضافةً إلى فتح الباب أمام حليفه أرييه درعي لتولي حقيبة وزارية على الرغم من إدانته بتهم التحايل على الضرائب والسرقة للمرة الثانية.
يبدو أن هذه اللحظة ستكون فاصلة في تاريخ الكيان الصهيوني ما دامت الفضائح بدأت تتوالى لجهة إظهار الكذب الذي يمارسه بنيامين نتنياهو على مدى عام، ما يعني بالضرورة أن الكيان المتهالك على شفا حرب أهلية بعد أن ظهرت بصورة جلية الانقسامات داخله، وبالتالي فإن هذا الكيان متجه لا محالة إلى التفكك الذاتي، خاصةً وأن رئيس حزب “نوعام” أفي معوز، قدّم استقالته من منصبه كـ نائب وزير في مكتب رئيس الحكومة، وهو ما يعتبر أول شرخ في جدار حكومة نتنياهو، بل ربما يكون الزلزال السياسي الذي سيهزّ عرش هذا الكيان.